الاحتلال يمضي باستهداف التعليم في الضفة الغربية

15 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 18:25 (توقيت القدس)
تلاميذ تحت أنظار الاحتلال في الخليل، الضفة الغربية، 8 سبتمبر 2025 (حازم بدر/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه العملية التعليمية في الضفة الغربية تضييقات من قوات الاحتلال، تشمل عرقلة وصول المعلمين والتلاميذ وتهديدات بهدم مدرسة الزويدين في يطا، مما يؤثر سلباً على التعليم الفلسطيني.
- في مخيم شعفاط، تأخرت الحافلات المدرسية بسبب تفتيش الاحتلال، مما أثار رفض الأهالي، وتكررت هذه الممارسات التي تستهدف التعليم بعد إغلاق مدارس الأونروا.
- مدرسة الزويدين في يطا مهددة بالهدم رغم ترخيصها، مما سيؤدي إلى خسائر مالية ويزيد معاناة التلاميذ في ظل الأوضاع الأمنية الصعبة.

لم تمضِ أيام قليلة على بداية العام الدراسي الجديد 2025-2026 في الضفة الغربية المحتلة، لكنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي تمضي في سياسة التضييق الممنهجة التي تستهدف العملية التعليمية الفلسطينية. وقد عرقلت اليوم الاثنين وصول معلّمين وتلاميذ إلى مدارسهم في منطقة الأغوار الشمالية شرقي الضفة الغربية المحتلة، كذلك عرقلت تنقّل التلاميذ في مخيّم شعفاط شمال شرقي القدس المحتلة، ووجّهت تهديدات عبر مستوطنيها إلى مدرسة الزويدين في يطا جنوبي الخليل، بعدما كانت قد أخطرت المدرسة بالهدم في 11 سبتمبر/ أيلول الجاري.

وتتحدّثت أمينة سرّ القدس في المجلس الوطني الفلسطيني والناشطة جهاد أبو زنيد لـ"العربي الجديد" عمّا جرى في مخيّم شعفاط، وتخبر أنّ "قوات الاحتلال أعاقت صباح اليوم وصول التلاميذ إلى مدارسهم عبر محاولة تفتيش الحافلات التي تقلّهم، ما رفضه الأهالي بطريقة قاطعة لأنّ إخضاع أكثر من أربعة آلاف طفل للتفتيش يعني تأخيرهم ساعات طويلة عن التعليم، وهذا أمر لا يمكن القبول به لأنّه جزءٌ من إجراءات التهويد والحصار التي يسعى الاحتلال إلى فرضها بصورة يومية"، وتؤكد أبو زنيد أنّ "هذه الممارسات ليست الأولى من نوعها"، فقد تكرّرت مراراً في العام الدراسي الماضي، وأدّت إلى عرقلة وصول تلاميذ تتراوح أعمارهم ما بين خمسة أعوام و14 عاماً إلى مدارسهم.

وتوضح أبو زنيد أنّ "الاحتلال يتعمّد اتّخاذ هذه الخطوات في كلّ فترة، في محاولة لإذلال الأهالي وإرباك حياتهم اليومية، من ضمن سياسة أوسع لفرض قيود على المخيّم"، وترى أنّ "استهداف الأطفال عبر التفتيش والحواجز يأتي في سياق سياسة ممنهجة لمحاربة التعليم، خصوصاً بعد إغلاق مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في القدس، في مايو/ أيار الماضي"، مشيرةً إلى أنّ "نحو 250 تلميذاً من أبناء مخيّم شعفاط ما زالوا حتى اليوم بلا مدارس بسبب قيود الاحتلال".

وفي الإطار نفسه المتعلّق بالتضييق على التعليم في الضفة الغربية المحتلة، يخبر مدير عام التربية والتعليم في طوباس والأغوار الشمالية عزمي بلاونة "العربي الجديد" أنّ "الاحتلال الإسرائيلي حاول صباح اليوم عرقلة وصول التلاميذ والمعلّمين إلى مدارسهم من خلال إغلاق حاجز تياسير، وذلك منذ الساعة السادسة والنصف وحتى التاسعة صباحاً، قبل أن يُبلّغوا بأنّ الحاجز لن يُفتَح إلا عند الساعة الحادية عشرة من قبل الظهر".

ويوضح بلاونة أنّ "التلاميذ اضطروا حينها إلى التوجّه إلى حاجز الحمرا ليصلوا إلى مدارسهم عند الساعة العاشرة صباحاً، أي بعد تأخير استمرّ نحو أربع ساعات"، ويشير بلاونة إلى أنّ ثمّة سبع مدارس في الأغوار الشمالية الواقعة شرقي الضفة الغربية المحتلة، يتلقّى التعليم فيها نحو 1300 تلميذ ويعمل فيها نحو 130 معلّماً ومعلّمة، وقد "تعرّضوا جميعهم اليوم لهذا التعطيل المتعمّد"، ويؤكد بلاونة أنّ "ما جرى لا يُعَدّ استثناءً، بل هو من الحالات التي تتكرّر يومياً في إطار ممارسات الاحتلال، إلى جانب هجمات المستوطنين التي تستهدف تعطيل العملية التعليمية، سواءً عبر الاعتداء على التلاميذ والمعلّمين أو عبر محاولات هدم المدارس ومنع الوصول الآمن إليها".

في سياق متصل، يتحدّث رئيس "مجلس قروي أم الدرج - الزويدين" سعيد اطعيمات لـ"العربي الجديد" عن مدرسة الزويدين في يطا جنوبي الخليل في جنوب الضفة الغربية المحتلة، التي أخطرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بقرار هدمها يوم الخميس الماضي، على الرغم من أنّ أعمال البناء تجري فيها منذ عام 2018 وقد جُهّزت في هذا العام لتوفّر التعليم لـ150 تلميذاً تحت إشراف 15 معلّماً. ويلفت اطعيمات إلى أنّ أبواب المدرسة فُتحت يوم الاثنين الماضي، أي قبل ثلاثة أيام فقط من وصول إخطار الهدم.

ويبيّن اطعيمات أنّ "التحريض على هدم المدرسة بدأ في العاشر من شهر أغسطس/ آب الماضي، حين أقدمت مجموعة من عناصر مؤسسة ريغافيم الاستيطانية المتطرّفة على إلصاق منشورات تحريضية على جدران المدرسة، تطالب فيها حكومة الاحتلال بوقف العمل وهدم مبنى المدرسة، بزعم أنّها تشجّع على البناء في المنطقة التي تُصنَّف محمية طبيعية"، يضيف أنّ "الإدارة المدنية الإسرائيلية استجابت سريعاً لتحريض المستوطنين، وسُلّم بالتالي المجلس القروي إخطاراً هو الأوّل من نوعه في الزويدين، تحت مسمّى قرار هدم إداري، مع العلم أنّ المدرسة تقع في منطقة مصنّفة (ب) أي خاضعة للسيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية المشتركة".

وإذ يصف اطعيمات هذا الإجراء بأنّه "عقاب جماعي متعمّد" يهدف إلى "حرمان التلاميذ من حقّهم في التعليم"، يلفت إلى أنّ المجلس القروي وكلّ هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية تتابع الملف قانونياً، على أمل التمكّن من الحصول على قرار يقضي بتجميد عملية الهدم، خصوصاً أنّ أعمال البناء متواصلة منذ سبع سنوات وأنّ الإخطار لم يصدر إلّا بعد اكتمال تجهيز المدرسة.

ويفيد رئيس "مجلس قروي أم الدرج - الزويدين" بأنّ الاحتلال برّر قرار الهدم بأنّ البناء جرى من دون ترخيص في "منطقة محمية طبيعية"، في حين أنّ المدرسة قائمة من ضمن المخطط الهيكلي للمجلس القروي وتحمل ترخيصاً رسمياً من مؤسّسات السلطة الفلسطينية. ويشرح اطعيمات أنّ الخسارة التي سوف تترتّب على هدم المدرسة سوف تتجاوز مليون شيكل (نحو 300 ألف دولار أميركي)، نظراً إلى أنّ مساحتها تفوق 600 متر مربّع وأنّها مشيّدة على أرض مساحتها 900 متر مربّع، وهي تتألّف من طبقتَين مع التجهيزات التعليمية كافّة، وهي بتمويل من المجتمع المحلي والقطاع الخاص والمجلس القروي.

ويحذّر اطعيمات من أنّ "هدم مبنى المدرسة سوف يضاعف معاناة التلاميذ، إذ سوف يضطرّون إلى التعلّم في كرفانات غير مؤهلة لذلك صيفاً وشتاءً"، مضيفاً أنّ "المدرسة الأخرى في القرية غير قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة، إذ يضمّ الصف الواحد فيها للمرحلة الابتدائية الأولى وحدها 80 تلميذاً"، ويتابع أنّ "الأوضاع الأمنية، بفعل هجمات المستوطنين، تُعَدّ صعبة وتجعل من المستحيل انتقال التلاميذ إلى قرى مجاورة"، مشيراً إلى "الزويدين تقع بالقرب من قرية أم الخير، وهي محاصرة بالبؤر الاستيطانية التي تنطلق منها هجمات المستوطنين"، ويؤكد اطعيمات أنّ "ما يجري يمثّل خطوة إضافية من ضمن سياسة تهجير السكان عبر الاستيطان الرعوي، ومنع العملية التعليمية، والتضييق على سبل العيش وحرية الحركة، في محاولة لدفع الأهالي إلى الرحيل وترك هذه المنطقة للمستوطنين".

وتأتي هذه الانتهاكات المدرجة في إطار التصعيد في وجه العملية التعليمية في الضفة الغربية المحتلة اليوم، بعدما عمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس إلى تسييج محيط مدرستَين تابعتين لوكالة أونروا، تقعان عند مدخل مخيّم الجلزون شمالي مدينتَي رام الله والبيرة وسط الضفة الغربية المحتلة، قبالة مستوطنة "بيت إيل" المقامة على أراضي الفلسطينيين.

المساهمون