الاحتلال ومضاعفاته الكارثية

26 مارس 2025
في طريقهم إلى المدرسة في نابلس، 16 فبراير 2025 (ناصر اشتية/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصاعدت الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية بعد 7 أكتوبر 2023، حيث يتم تسليح المستوطنين لفرض القمع على الفلسطينيين بهدف تهجيرهم، مع إقامة أكثر من 900 حاجز يعزل المدن والقرى ويعيق الحياة اليومية.

- تحولت مدن الضفة إلى كانتونات منفصلة، مما يعيق قيام دولة فلسطينية، في إطار المشروع الاستيطاني المدعوم أمريكياً، بهدف إضعاف الكتل السكانية الفلسطينية عبر المستوطنات وجدار الفصل العنصري والحواجز.

- تصاعدت سياسة خنق الضفة بإلغاء حق العمل لنحو 200 ألف عامل، مما يهدد معيشتهم، مع إباحة القتل، حيث بلغ عدد الشهداء في مؤسسات التعليم 76 والجرحى 403، وتعرضت 69 مدرسة للتخريب.

قبل الحديث عن الواقع التعليمي الذي تشهده الضفة الغربية تحت نير الاحتلال الإسرائيلي، لا بد من رصد الأوضاع العامة التي يعانيها الفلسطينيون، والتي تتميز، في أعقاب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بشراسة مضاعفة. فإضافة إلى انتهاكات جيش الاحتلال، يجري تسليح المستوطنين الذين يمارسون كل أشكال القمع والإرهاب والتعدي على الفلسطينيين، بهدف إرغامهم على ترك أراضيهم ومغادرة وطنهم. 
وتعمل إسرائيل من دون هوادة منذ عقود متلاحقة على تمزيق هذه المنطقة المحتلة، بما يقود لتحويلها إلى مجرد شظايا مفتتة عاجزة عن الصمود والمواجهة، فالحواجز التي تفصل أجزاءها باتت بحدود الـ900 حاجز، وهي تعزل القرى والمدن، بل إن بعض الحواجز تفصل بين الأحياء، ناهيك عن تلك التي تمنع المواطنين عن ممارسة حياتهم اليومية. وبالطبع، يستحيل على التلاميذ الوصول إلى مدارسهم والطلاب إلى جامعاتهم.
والواقع أن مدن الضفة الغربية تحولت منذ عقود إلى ما يشبه الكانتونات المنفصلة التي لا رابط بين أجزائها. بذلك، نجح مخطط التفتيت. وفي ظل وضع على هذا النحو، يتعذر قيام دولة فلسطينية نتيجة تقويض مقوماتها. وبالاستناد إلى توازن القوى المختل، ونتيجة التماهي الأميركي مع المشروع الاستيطاني الإسرائيلي ومساعي إقامة إسرائيل الكبرى، باتت الضفة الغربية ضمن المرمى المباشر لهذا المخطط، باعتبارها المنطقة الأقرب للتوسع، من خلال قاعدة سكانية من المستوطنين الصهاينة الذين تغلغلوا في أنحائها من خلال عشرات المستعمرات.
وتهدف سياسة تفتيت التواصل بين المدن والقرى والمخيمات إلى تحويل الكتل السكانية الفلسطينية إلى مواقع ضعيفة وهشة، لا تستطيع أن تقاوم الهجمات المسعورة التي ينفذها الجيش الإسرائيلي أو المستوطنون. لذلك، تتنوع أشكال التمزيق من خلال اعتماد: إقامة المستوطنات، وضع جدار الفصل العنصري، تكثيف الحواجز، نصب الأبراج للمراقبة، وضع المكعبات الأسمنتية، تزنير المناطق بالأسلاك الشائكة، حفر الأنفاق، إقامة الجسور، وضع كاميرات المراقبة، وغير ذلك من أدوات السيطرة والهيمنة والعقاب.
وما جرى بعد السابع من أكتوبر هو تصعيد لسياسة خنق الضفة الغربية بالحواجز من أجل تسهيل مضاعفة عملية الهيمنة الإسرائيلية عليها بشكل مرئي، وأحياناً بشكل غير مرئي وصامت، وهو جزء من السياسة الإسرائيلية الرسمية وغير الرسمية التي يطبقها الفريق اليميني الحاكم والمستوطنون في محاولة لحسم الصراع عبر التضييق على الفلسطينيين وترحيلهم بشكل قسري أو بشكل طوعي من خلال إلغاء حق العمل لنحو 200 ألف من العمال، وبالتالي منعهم من تأمين مقومات العيش والبقاء لهم ولعائلاتهم.

موقف
التحديثات الحية

ويترافق ذلك كله مع إباحة القتل سواء بواسطة القوات العسكرية لمجرد الاشتباه بالنوايا، أو من خلال جماعات المستوطنين. وتشير الأرقام المتداولة في الأوساط الرسمية الفلسطينية إلى أن عدد الشهداء خلال عام من المواجهة في مؤسسات التعليم في الضفة قد بات بحدود 76 بينما بلغ عدد الجرحى 403. أما الجامعيون، فقد بلغ عدد الشهداء منهم 34 والجرحى أكثر من 123. كما طاول الاستهداف أكثر من 69 مدرسة تعرضت للتخريب، وهناك نحو 100 مدرسة اضطرت إلى إيقاف الدراسة نتيجة ما تتعرض له من تعديات، أو اضطرت إلى ممارسة التعليم بتقطع تبعاً للوضع الأمني. ولم تسلم خمس من الجامعات من عمليات الاقتحام المتكررة وتخريب المحتويات واقتياد بعض طلابها للتحقيق، ما دفع معظم مؤسسات التعليم العالي لاستبدال التعليم الحضوري بالتعليم عن بعد باعتباره الخيار الوحيد المتاح.
(أكاديمي وإعلامي)

المساهمون