الاجتهاد أهم من عبقرية "الشرارة الأولى"

الاجتهاد أهم من عبقرية "الشرارة الأولى"

12 نوفمبر 2021
مجسمان من شمع لأينشتاين وداروين في برشلونة (Getty)
+ الخط -

تتباهى الثقافات في الحديث عن قصة "الإلهام الفني" الذي يولّد عبقرية فنية وإنجازات عظيمة في كل الحقول. شرارة الإلهام هيمنت دائماً على فهم الإنسان للإبداع، وهو ما يكرره على سبيل المثال فنانون وعلماء في قصص أعمالهم. لكن الحقيقة أن أي شيء عظيم لا يحصل بلا بذل كثير من الجهد.
يورد تقرير نشره موقع "بغ ثينك" أن معظم الناس يبالغون في تقدير ما يمكن تحقيقه لدى التفكير في مهمة محددة للمرة الأولى. وينقل عن دراسة أجريت في جامعة كورنيل الأميركية أن "مجموعة من المشاركين في نشاط للعصف الذهني لم يستطيعوا الخروج بأفكار إبداعية في الجلسة الأولى، كما عجزوا عن إيجاد حل مثالي لمشكلة جرى طرحها، لكنهم اعتقدوا بأنهم اقتربوا من نسبة 75 في المائة من مساحة المشكلة، ما يعني أنهم اعتقدوا بأن أفكارهم تتطور في بداية مهمة صعبة، بينما تشير الأدلة إلى خلاف ذلك".
وتتحدث الدراسة عن وجود "تحيّز طبيعي تجاه الإلهام" لدى الناس. لكن المخترع ورئيس شركة "آبل" الراحل ستيف جوبز يكتب: "عندما تسأل الأشخاص المبدعين كيف فعلوا شيئاً ما يشعرون ببعض الذنب لأنهم لم يفعلوه حقاً. لقد رأوا شيئاً. العبقري هو الشيء الذي يأتي إليك. أنت لا تعمل من أجل العبقرية". 
وهكذا فكرت على سبيل المثال الكاتبة جي كاي رولينغ بفكرة سلسلة روايات "هاري بوتر" حين أصابت رأسها أثناء انتظار قطار متأخر، لكنها استغرقت خمس سنوات للتخطيط للسلسلة وسبع سنوات لكتابة الرواية الأول. كذلك كتب صموئيل تايلور كوليردج قصيدته الملحمية الشهيرة "كوبلاي خان" بعدما حلم بها في المنام، لكنه استغرق وقتاً طويلاً في صياغتها وتحريرها. 

وفيما يقال إن نظرية العالم البريطاني تشارلز داروين التي تشرح التطور البيولوجي نشأت حين حظي بلحظة العبقرية "يوريكا" لدى درسه العصافير في جزر غالاباغوس، فهو عمل أشهراً لفرز عينات العصافير حين عاد إلى لندن. 
ويحلل التقرير بأن "العبقرية والذكاء يهيمنان على فهم الناس للإبداع، من هنا يفترضون أنه إذا أعطينا أنفسنا المساحة والظروف المناسبة ستنطلق فكرة من السماء. والإلهام قد يحدث، لكن المثابرة أهم، وهو ما يؤكده مخترع المصباح الضوئي المتوهج توماس إديسون بقوله: العبقرية إلهام بنسبة واحد في المائة و99 في المائة من الجهد". 
ويتابع التقرير: "الإلهام لحظات خاطفة من البصيرة ليست شائعة كما يعتقد البعض، ومعظم ما قد يكون عبقرياً وعظيماً يأتي بالتالي من خلال ساعات طويلة وليالٍ متأخرة، ومن مساعدة الأصدقاء والعائلة والزملاء. وبالنسبة إلى أولئك الذين ليسوا مخترعين أو شعراء أو كتاباً، فالمثابرة والعمل الجاد أكثر أهمية لهم، ومعظم إنجازاتهم لن تحصل إلا من خلال العطاء السخي".

المساهمون