الإجراءات الأمنية تُدخل بغداد بأطول أزمة مرورية منذ سنوات

الإجراءات الأمنية تُدخل بغداد بأطول أزمة مرورية منذ سنوات

16 نوفمبر 2021
امتدّت أزمة المرور إلى مناطق كثيرة في العاصمة (صباح أرار/فرانس برس)
+ الخط -

للأسبوع الخامس على التوالي، تتواصل أزمة الاختناقات المرورية في العاصمة العراقية بغداد، مسجّلة بذلك واحدة من أطول أزمات السير بالعاصمة منذ سنوات، وذلك بعد الإجراءات الأمنية المشدّدة التي اتخذتها قوات الأمن ووحدات الجيش في مناطق وأحياء العاصمة، عشية إجراءات الانتخابات المبكرة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما أعقبته من احتجاجات لأنصار القوى الخاسرة عقب إعلان النتائج، مروراً بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.

ورغم أنّ الانتشار الأمني يتركّز وسط العاصمة، وضمن محيط المنطقة الخضراء، إلاّ أنّ أزمة المرور امتدّت إلى مناطق كثيرة في العاصمة وتحديداً الجادرية والكرادة وحيفا والصالحية وفلسطين والمنصور والحارثية والكاظمية والاعظمية، فضلاً عن الطرق الحولية المحيطة بالعاصمة والمناطق التجارية المهمة، مثل سوقي الشورجة والكفاح بجانب الرصافة من بغداد.

ويواجه الطلاب تحديداً، صعوبة بالغة في الوصول إلى الجامعات والمدارس والمعاهد صباحاً، ما يضطرهم للخروج بساعات مبكّرة من الصباح، وهو ما ينطبق أيضاً على الموظّفين بالدوائر الحكومية الذين يتطلّب منهم عملهم، تسجيل حضور مبكّر عبر بصمة الإبهام المعمول بها في العراق.

ولم تجرِ السلطات العراقية أي عمليات تأهيل أو توسعة لشوارع العاصمة بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، إذ ما زالت على التصاميم القديمة عندما كان مجموع السيارات في بغداد لا يتجاوز 400 ألف سيارة، بينما اليوم يقترب العدد من مليونين ونصف مليون سيارة.

وبسبب الاختناقات المرورية بات الكثير من العراقيين يتخلّون عن سياراتهم ويمشون مسافات طويلة، تصل لعدة كيلومترات لبلوغ مقصدهم، بينما يفضّل آخرون استقلال سيارات الأجرة، إذ يمكن النزول منها وإكمال الطريق مشياً على الأقدام.

وانتعش النقل النهري بين جانبي بغداد الكرخ والرصافة عبر نهر دجلة، إذ وجد أصحاب القوارب فرصة في عمليات النقل عبر قوارب صغيرة توفّر على الشخص نحو ساعة كاملة لعبور جسور بغداد التي تربط جانبي العاصمة العراقية.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتُصدر إدارة المرور في بغداد مواقف يومية حيال حركة السيارات وأماكن الاختناقات المرورية، لكن المواطنين يصفونها بغير الواقعية، إذ إنّ الكثير من الطرق مغلقة ويجب على المواطنين الإنتظار في بعضها عدّة ساعات، من أجل الوصول إلى منازلهم أو أماكن عملهم. 

ويقول عمر محمد، وهو موظف في وزارة التربية ببغداد، إنه صار يغادر منزله في حي زيونة شرقي العاصمة، الساعة الخامسة والنصف صباحاً حتى يصل إلى مقرّ عمله قبل الساعة الثامنة.

ويضيف محمد أنه يعتبر نفسه محظوظاً لكون مدرسة أطفاله قريبة من المنزل، لكن أقربائه في المنطقة ذاتها يعانون من أجل الوصول إلى أماكن عملهم ومدارس أبنائهم. 

فيما تصف هالة عباس (45 عاماً)، شوارع بغداد بأنها باتت عبارة عن "فخاخ زمنية"، وتضيف عباس لـ"العربي الجديد"، بأنّ أغلب المواطنين صاروا يتجنّبون الخروج إلاّ للضرورة كالتسوّق أو زيارة الطبيب أو الذهاب للعمل، وألغوا الزيارات العائلية والفسح خاصة في أماكن الازدحامات، بانتظار أن تنتهي الأوضاع الحالية وتنفرج أزمة الطرق في بغداد.

وترى عباس أنّ العاصمة ما زالت تعيش على بنى تحتية شيّدت قبل عشرات السنين، ولم تعط الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003، أي خدمات حقيقية للمواطنين. 

وفي قت سابق، برّر مدير المرور العام في العراق اللواء طارق إسماعيل، الاختناقات المرورية، بارتفاع عدد السيارات في العاصمة. وأضاف أنّ "عدداً كبيراً من المركبات دخل العاصمة بغداد بعد عام 2003، فارتفع عددها إلى أكثر من مليونين و500 ألف مركبة، ما أثّر على انسيابية الطرق، في أوقات الذروة على وجه الخصوص، خلال الدوام الرسمي للموظفين والجامعات"، وأضاف أنّه "لم يتم تطوير الطاقة الاستيعابية للطرق منذ عام 2003".

وأضاف أنّ "ارتفاع معدل السكّان من 20 مليون إلى 40 مليون مواطن (في عموم العراق) أثّر بشكل كبير على انسيابية الطرق، كون المنزل الواحد لا يخلو من مركبة أو اثنتين"، وأضاف أنّ "الأسباب الأخرى في الاختناقات المرورية والتأثير على انسيابية الطرق، هو الاستيراد العشوائي للمركبات ودخول عدد كبير منها بهذه الطريقة". وتحدث إسماعيل عن خطة لتوفير باصات لنقل الموظفين من قبل وزاراتهم بما يحقق انسيابية كبيرة في الطرق، بحسب رأيه. 

المساهمون