الأمم المتحدة: أكثر من 30 مليوناً في السودان بحاجة إلى المساعدة

06 يناير 2025
مخيم جوز الحاج للنازحين في شندي، شمال الخرطوم، السودان، ديسمبر 2024 (عثمان بكير/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعربت إيديم ووسورنو عن قلقها إزاء الأزمة الإنسانية في السودان، حيث نزح داخليًا أكثر من 11.5 مليون شخص وفر 3.2 ملايين إلى الدول المجاورة، مع تفاقم الجوع والمجاعة.
- شددت ووسورنو على ضرورة وقف الأعمال العدائية وفتح الطرق للإغاثة، والضغط على أطراف النزاع للامتثال للقانون الإنساني الدولي، ورفع القيود البيروقراطية.
- أثارت تقارير دولية قلقًا حول انتشار المجاعة، ودعا مسؤولون دوليون السودان للتعاون مع الجهود الإنسانية، بينما طعن مندوب السودان في دقة التقارير.

عبرت مديرة قسم العمليات في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إيديم ووسورنو عن قلقها العميق إزاء الأزمة الإنسانية المتصاعدة في السودان، مع تزايد انتشار ظروف المجاعة في عدد من المناطق. وأشارت إلى أن عدد النازحين داخليًا بلغ أكثر من 11.5 مليون شخص، بينهم 8.8 ملايين نزحوا منذ اندلاع الصراع في إبريل/نيسان 2023، إضافة إلى فرار أكثر من 3.2 ملايين شخص إلى الدول المجاورة.

وفي إحاطة قدمتها أمام مجلس الأمن الدولي، أكدت ووسورنو أن المنظمات الإنسانية تهدف هذا العام إلى دعم ما يقرب من 21 مليون شخص داخل السودان، أي ما يعادل نصف سكان البلاد. وجاءت هذه التصريحات في ظل تقارير تشير إلى تفاقم الأزمة وتزايد معدلات الجوع والمجاعة في بعض المناطق.

وشددت المسؤولة الأممية على أن الصراع المسلح يترك تأثيراً مدمراً على المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني، رغم الدعوات المستمرة لوقف الأعمال العدائية. وأوضحت أن الوضع في الفاشر ومحيطها بولاية شمال دارفور كارثي بشكل خاص، مع تسجيل تصعيد عسكري خطير في الشهر الماضي، بما في ذلك قصف مخيم زمزم للنازحين، الذي أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين ومنع الكثيرين من مغادرة المنطقة.

كما أكدت أن القتال مستمر في مناطق أخرى، مثل الخرطوم، الجزيرة، سنار، وجنوب وغرب كردفان، ما يعمّق معاناة المدنيين. وأشارت إلى "مقتل ثلاثة عاملين في المجال الإنساني من برنامج الأغذية العالمي الشهر الماضي، في مؤشر خطير على المخاطر المتزايدة التي تواجه جهود الإغاثة".

وأشارت المسؤولة الأممية إلى "تمكن الأمم المتحدة من إيصال المساعدات الإنسانية إلى بعض المناطق في السودان، رغم العوائق التي تفرضها أطراف النزاع". وأكدت أن "هذه العوائق تشمل أيضاً التأخير في إصدار تأشيرات الدخول للعاملين في المجال الإنساني، ما يعرقل جهود الإغاثة".

وفي سياق متصل، لفتت إلى تقرير حديث صادر عن التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)، يحذر من احتمالية انتشار المجاعة في عدد من المناطق خلال الأشهر المقبلة ما لم تُقدم المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ وتُزال العقبات التي تحول دون وصولها. وأوضح التقرير، الصادر في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، أن ظروف المجاعة قائمة بالفعل في خمس مناطق بالسودان، منها مخيمات زمزم، والسلام، وأبو شوك للنازحين. كما توقع أن تتأثر خمس مناطق إضافية في شمال دارفور بحلول مايو/أيار المقبل، فضلًا عن وجود خطر يهدد 17 منطقة أخرى.

وأكدت المسؤولة الأممية في إحاطتها الحاجة الملحة لمعالجة الأزمة المتفاقمة. وشددت على "أهمية الضغط على أطراف النزاع للامتثال للقانون الإنساني الدولي، بما يشمل توفير الاحتياجات الأساسية للمدنيين، وحماية البنية التحتية والخدمات الضرورية للإنتاج الغذائي".

وجددت دعوتها لوقف فوري للأعمال العدائية، مطالبة الدول الأعضاء بالضغط على أطراف النزاع لضمان فتح الطرق البرية والجوية عبر خطوط الصراع والحدود لإمدادات الإغاثة والعاملين الإنسانيين. كما شددت على رفع القيود البيروقراطية، وتسريع إصدار التصاريح والتأشيرات، مع ضمان حماية العاملين الإنسانيين وممتلكاتهم.

وأبرزت المسؤولة الحاجة إلى زيادة التمويل الدولي بشكل عاجل، مشيرة إلى أن حجم الاحتياجات الإنسانية غير المسبوق في السودان يتطلب استجابة دولية استثنائية لمواجهة التحديات المتزايدة.

مواقف دولية: دعوات للتعاون وتحذيرات من تفاقم الأزمة

إلى ذلك، ناشد نائب السفيرة البريطانية جيمز كاريوكي السلطات السودانية ضرورة التعاون الكامل مع جهود الاستجابة الإنسانية. وأعرب عن قلق بلاده العميق إزاء التقرير الأخير الصادر عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الذي يكشف عن انتشار متسارع للمجاعة في السودان.

وقال كاريوكي: "يعاني الأطفال من سوء التغذية الحاد، وتنتشر الأمراض القابلة للوقاية، في ظل انهيار الخدمات الأساسية. وفقًا للتوقعات الحالية، سيواجه أكثر من 630 ألف شخص المجاعة بحلول مايو/أيار 2025." وأكد أن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة باتت ملحّة، محذراً من أن التأخير سيؤدي إلى فقدان المزيد من الأرواح.

كما أعرب عن قلق بريطانيا من قرار السلطات السودانية وقف مشاركتها في نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي ردًا على نتائج التقرير. وأشار إلى أن إنكار انتشار انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء السودان لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. ودعا كاريوكي السلطات السودانية للتعاون الكامل مع جهود الاستجابة الإنسانية.

من جهتها، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إن التقرير الأخير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الصادر نهاية الشهر الماضي، "يؤكد ما نعرفه بالفعل: السودان يشهد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية، ليس فقط في يومنا هذا، بل ربما في حياتنا جميعًا". وأشارت إلى وجود خمس مناطق تعاني من المجاعة حاليًا، مع توقع امتدادها إلى خمس مناطق أخرى خلال الأشهر المقبلة.

وأضافت غرينفيلد أن "هناك ما لا يقل عن 17 منطقة أخرى معرضة لخطر المجاعة في الفترة نفسها. أكثر من نصف مليون شخص، بينهم أطفال، يكافحون للبقاء على قيد الحياة. وقد أدت الصراعات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى نزوح أكثر من 12 مليون شخص من منازلهم".

وانتقدت السفيرة الأميركية قرار السلطات السودانية تعليق تعاونها مع نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، واعتبرت أن "إعاقة الجهود الدولية لتقديم المساعدات ومنع المجاعة أمر غير مقبول على الإطلاق". ودعت مجلس السيادة الانتقالي إلى استئناف التعاون فورًا مع النظام، واتخاذ خطوات لمعالجة انعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع.

وحذرت غرينفيلد من أن "رفض التعاون لن يؤدي إلا إلى تعطيل جهود المانحين والإضرار بمصداقية السودان في ما يتعلق بالتزاماته الإنسانية بموجب القانون الدولي". وأكدت ضرورة أن تسهل الأطراف العسكرية المتنازعة إنشاء مراكز إنسانية لدعم تدفق المساعدات ومنع تحويلها وسرقتها.

وأضافت أن "كلًّا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أخفق في الوفاء بالتزاماته بموجب إعلان جدة 2023، الذي ينص على تسهيل مرور المساعدات الإنسانية وحماية العاملين في المجال الإنساني".

وأعرب نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي عن أسف بلاده حيال الأوضاع الإنسانية والتحديات التي يواجهها السودان. وفي ما يتعلق بتقرير لجنة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أشار بوليانسكي إلى أن "السودان لا يشهد مجاعة حاليًا، ولكنه يواجه خطر حدوث مجاعة في خمس مناطق صغيرة، أربع منها تقع داخل مخيمات للنازحين".

وأضاف أن السودان يمتلك موارد زراعية كبيرة، مشيرًا إلى وجود 7.5 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية، معظمها مروية، ما يجعل قدرته على الإنتاج الزراعي تفوق العديد من الدول العربية والأفريقية.

وأكد بوليانسكي أن التوقعات الواردة في التقرير استشرافية بطبيعتها، وذكر أن هناك تقارير مشابهة في السابق لم تتحقق توقعاتها.

مندوب السودان يطعن في تقرير لجنة التصنيف 

في المقابل، أبدى مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس موقفاً متشككاً مشابهاً لموقف المندوب الروسي بشأن تقرير لجنة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، رغم أن اللجنة تُعرف باستقلاليتها واتباعها معايير دولية في تقاريرها العالمية. وصرح إدريس قائلاً: "إنه لمن المفارقة التاريخية أن يُقال إن السودان يجوع، في حين أنه يعاني من تجويع مصطنع. خمسة وستون بالمئة من السكان يمارسون الزراعة، ويُشكّل القطاع الزراعي أكثر من 16% من الناتج المحلي، مع متوسط مساحة مزروعة تبلغ حوالي 26 مليون هكتار".

وأضاف أن الخلاف مع اللجنة لا ينحصر في الجوانب الأكاديمية، وإنما يعكس تبايناً حول مصداقية الإحصائيات والمعلومات التي استند إليها التقرير. وأعرب عن "بالغ القلق" تجاه التقرير الصادر في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، الذي يغطي الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2024 إلى مايو/أيار 2025، ويشير إلى ظهور المجاعة في خمس مناطق داخل السودان.

وطعن إدريس في نتائج التقرير ومنهجيته، واعتبر أنه شابها الكثير من القصور. وأوضح أن اللجنة ذات طبيعة طوعية تهدف إلى دعم الحكومات ووكالات الأمم المتحدة في تحليل انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية. لكنه أشار إلى وجود قيود جغرافية حالت دون الوصول إلى 11 ولاية من أصل 15 ولاية شملها التقرير بسبب النزاع، إضافة إلى سيطرة المليشيات المتمردة على سبع منها، ما أعاق جمع البيانات المباشرة. وأكد أن عوامل مثل ديناميكية النزوح وأخذ العينات لم تُراعَ بشكل كافٍ.

كما استنكر المندوب السوداني تسريب التقرير إلى الإعلام قبل صدوره رسمياً ومنح الحكومة السودانية فرصة كافية للرد عليه. وأوضح: "بناءً على ما سبق، رفضت حكومة السودان التقرير لأنه افتقر إلى الشفافية والدقة، واستند إلى تخمينات في تحليل نتائجه".
 

المساهمون