Skip to main content
الأمطار والسيول في السودان.. موت ودمار
عبد الحميد عوض ــ الخرطوم
تسببت الأمطار والفيضانات في دمار كبير في السودان، يوليو/أغسطس 2024 (فرانس برس)

خلّفت الأمطار والسيول في السودان أضراراً كبيرة ودماراً واسعاً نهاية الأسبوع الحالي، نتيجة هذه الكارثة الطبيعية التي ضربت أجزاء واسعة من البلاد منذ الشهر الماضي.

وفي أحدث تقرير أصدره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان، أمس، فإن ما لا يقل عن 73 ألف شخص تضرروا من الأمطار والسيول  في السودان، بـ11 ولاية، من  أصل 18، مشيرة إلى أن معظم المتأثرين في ولايتي البحر الأحمر، شرق وغرب دارفور، غرب السودان.

ووفقاً للوكالة الأممية، فإن الفيضانات تسببت في تدمير أكثر من 14 ألف منزل، ودفعت نحو 21 ألف شخص من السكان للنزوح لمناطق أخرى. وبحسب تقارير أخرى فإن ما لا يقل عن 65 شخصاً لقوا حتفهم خلال الأسابيع الماضية، إما نتيجة الغرق أو سقوط منازل أو صدمات كهربائية أو لدغات عقارب وحشرات سامة.

وأمس الخميس، شهدت معظم ولايات السودان أمطارا غزيرة جديدة تعد امتداداً لتساقطات بداية الأسبوع وتأثرت بها مدن جديدة أبرزها شندي بولاية نهر النيل.

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية، اليوم الجمعة، هطول أمطار غزيرة مصحوبة بالعواصف الرعدية والرياح القوية في ولاية سنار شمال، جنوب شرق، وشمال وسط ولاية البحر الأحمر، وولايتي نهر النيل والشمالية. وأشارت الهيئة في بيان لها أن الأمطار المحتملة يمكنها أن تؤدي إلى السيول المفاجئة الجارفة في تلك الولايات، وطالبت السلطات والسكان باتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر، والابتعاد عن مجاري المياه، وقيادة السيارات بحذر شديد.

على صعيد التقارير الحكومية، فقد كشف آخر تقرير لغرفة طوارئ الخريف التابعة لوزارة الصحة السودانية، عن ارتفاع المحليات "المقاطعات" المتأثرة بفصل الخريف إلى 37 محلية، وعدد الأسر المتضررة إلى ستة آلاف و200 أسرة، مشيرة إلى أن إحصائية الأسر المتضررة لا تشمل محليتي أبو حمد والبحيرة، شمال السودان.

كما كشفت الوزارة عن تسجيل 21 حالة جديدة بالإسهال المائي الحاد، منها أربع حالات بمحلية كسلا، و17 حالة بمحلية ود الحليو، ليرتفع تراكمي الحالات بالبلاد إلى 158 حالة، ويستقر تراكمي حالات الوفاة على 10 حالات.

وأبانت غرفة طوارئ وزارة الصحة، أن الولاية الشمالية كانت أكثر الولايات تضرراً من الأمطار والسيول في السودان سواء في أعداد الإصابات وحالات الوفاة بين المواطنين، أو الأعداد المتعلقة بالانهيار الكلي والجزئي للمنازل، تليها شمال كردفان، غرب وكسلا، شرق، والجزيرة، وسط، كما جاءت الشمالية في المراتب الأولى من حيث الوفيات.

وذكرت الوزارة، أنها نفذت جملة من التدخلات، منها حصر الأضرار والإصابات بالمناطق المتأثرة، وتكوين لجان طوارئ مصغرة، وتنفيذ حملات لمكافحة نواقل الأمراض والإصحاح البيئي بعدد من الولايات، كاشفة عن جملة من المشاكل والمعوقات، ومنها قلة وسائل الحركة، ووعورة الطرق، والوضع الأمني، وضعف شبكات الاتصال وانقطاعها بعض الأحيان، عدا عن ضعف الميزانيات.

نداء لإنقاذ حياة المتضررين من الأمطار والسيول في السودان

وأطلقت وزارة الصحة بالولاية الشمالية، الجمعة، نداء عاجلا للمجتمع الدولي والإقليمي والمحلي والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية، بضرورة التدخل العاجل لإنقاذ حياة الآلاف من المتضررين بالأمطار والسيول بمحلية وادي حلفا بالولاية الشمالية أقصى شمال البلاد.

وحذّرت الوزارة من كارثة إنسانية محدقة بالآلاف من المواطنين والنازحين بسبب الأمطار والسيول في السودان وما يترتب عليها من آثار، مبينة أن أكثر من ثلاثة آلاف منزل وعددا من المرافق الصحية ومخيمات إيواء النازحين، تعرضت للأضرار البالغة بمدينة وادي حلفا والقرى والمناطق والجزر، لافتة للحاجة الماسة لإطعام المتضررين وإيوائهم وتوفير الخيام والمواد الغذائية والأدوية، وطلبت من المواطنين في الولاية أخذ الحيطة والحذر الشديدين جراء الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة التي اجتاحت الولاية في اليومين الماضيين.

أكثر القصص مأسوية في الولاية الشمالية، وقعت في قرية سركمتو، إذ هربت نحو 200 أسرة لجبل قريب للعيش فيه بعد أن دمرت السيول منازل القرية، وواجه السكان في جبلهم لدغات العقارب، ونقصا في الأمصال والغذاء والدواء، وانقطاع الطرق.


وفي وقت لاحق من اليوم، اضطرت سلطات الولاية الشمالية لاتخاذ قرار بتمديد إغلاق المدارس في الولاية حتى يوم 17 من الشهر الجاري. وكانت سلطات الولاية الشمالية قد أعلنت مقتل 11 شخصا جراء السيول والفيضانات وإصابة 86 آخرين، إضافة لتضرر ألفين و385 أسرة، وانهيار أكثر 2800 منزل كليا أو جزئيا. وفي ولاية نهر النيل المتاخمة للولاية الشمالية، أعلنت غرفة طوارئ الولاية، أن أربعة أشخاص لقوا حتفهم بمدينة عطبرة، جراء سقوط منازل بسبب الأمطار والسيول التي ضربت المدينة، فيما توفي شخصان بمدينة شندي بعد سقوط 24 منزلا، مع تأثر ستة من المشاريع الزراعية.

وفي مدينة بربر، كانت الحصيلة وفاة شخص واحد، وانهيار أربعة منازل كليا، أما في مدينة أبو حمد وهي أكثر المدن تضررا فقد بلغت حصيلة الوفيات 15حالة وانهار 243 منزلا ما بين الانهيار الكامل والجزئي.

وحذرت غرفة طوارئ نهر النيل من سيول قادمة من وادي جبل أم علي وتوجهها لمحلية شندي. وفي ولاية غرب دارفور التي شهدت الأسبوع الماضي انهيار آلاف المنازل، وإعلان مدينة الجنينة منطقة كوارث، تضاعفت المعاناة، أمس الخميس، بانهيار جزء بكبري مورني، جراء اندفاع المياه بوادي باري، ما يقطع الإمداد الغذائي عن بعض المناطق.

الوضع الإنساني الناتج عن الفيضانات، حرّك تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية، أكبر تحالف مناهض للحرب، لإصدار بيان اليوم الجمعة قالت فيه، إنها تتابع الخسائر البشرية الفادحة والأضرار الجسيمة التي ألحقتها الأمطار الغزيرة والسيول، غير المسبوقة، بمئات الآلاف من السودانيين في مختلف مناطق البلاد، خاصة النازحين الذي شرّدتهم الحرب لتضيف المزيد لمعاناتهم المريرة، وعبّرت عن كامل تضامنها ومواساتها لضحايا السيول والأمطار.

ودعت السلطات المحلية إلى القيام بمسؤولياتها في إغاثة الموطنين المتضررين ومساعدتهم في الحصول على المأوى وسبل الحياة وحماية المجتمعات المحلية من الأضرار البيئية الوخيمة لهذه السيول، خاصة مخاطر تسرب المواد الكيمائية السامة للمجاري والمصادر المائية في مناطق التعدين الأهلي.

كما ناشدت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية، السودانيين والسودانيات والمنظمات الوطنية والدولية للمسارعة لإغاثة متضرري الأمطار الغزيرة والسيول. كما جددت مطالبتها لأطراف الحرب بالتفاوض بجدية لإيقاف الحرب حقنا لدماء السودانيين وفتح كافة المسارات لإغاثة ضحايا الحرب والمجاعة والسيول والأمطار وإنقاذ آلاف الحيوات المهددة بالموت.

من جهتها، أعلنت منظمة "شباب من أجل دارفور"، عن تضامنها مع النازحين المتأثرين بالسيول والأمطار في كافة ولايات السودان وخاصة بإقليم دارفور، وأبدت المنظمة على لسان رئيسها أحمد عبد الله في حديث لـ "العربي الجديد"، مخاوفها من توالي تدهور الأوضاع الإنسانية داخل مراكز الإيواء بعد الأمطار الغزيرة التي شهدتها بعض الولايات، ما تسببت في غمر أجزاء واسعة من المخيمات التي تؤوي النازحين.

وأوضح عبد الله، أن مراكز الإيواء تفتقر لمقومات الحياة، وتعاني تدنيا حادا في مستوى الخدمات، وانعدام الغذاء ومياه الشرب والخدمات الصحية، بالإضافة لضعف استجابة الضمير الإنساني العالمي، وشدّد على أهمية إجراء تدخلات إسعافية، لتغطية الاحتياجات الضرورية في ظل تلك الظروف الاستثنائية.