استمع إلى الملخص
- يتمنى الفلسطينيون انتهاء الحرب وزوال تداعياتها القاسية، حيث يعيش الكثير منهم في مراكز ومدارس ومخيمات اللجوء وسط أوضاع إنسانية سيئة، ويأملون في إعادة إعمار البيوت المدمرة وعودة الحياة الطبيعية.
- يطمح الفلسطينيون إلى اتفاق وقف إطلاق نار طويل الأمد، مع ضغوط دولية حقيقية لمنع تكرار الحرب، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصحة والتعليم.
يسود في غزة تفاؤل حذر وتعم رغبة في استعادة الحياة الطبيعية
يأمل الفلسطينيون إعادة إعمار البيوت المدمرة وعودة النازحين
تطلعات في غزة إلى تحقيق تهدئة دائمة تؤدي إلى رفع الحصار
يعيش أهالي غزة منذ اللحظات الأولى لإعلان وقف إطلاق النار حالة من الترقّب الممزوج بأمل طيّ صفحة الحرب المستمرة منذ ستة عشر شهراً، حيث يسود التفاؤل الحذر والرغبة في استعادة الحياة الطبيعية. وعلى الرغم من اقتراب موعد دخول وقف إطلاق النار رسمياً حيّز التنفيذ الأحد المقبل، وفق إعلان قطر ومصر والولايات المتحدة، إلا أن أهالي القطاع لا يزالون يعيشون حالة من عدم التصديق بفعل التأثيرات الصعبة التي رافقتهم منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والتي ألقت بظلالها المأساوية على مختلف نواحي حياتهم المعيشية.
ويُمنّي فلسطينيو غزة أنفسهم بانتهاء الحرب بشكل كامل وزوال تداعياتها القاسية، التي تسببت بفقدانهم لأهلهم وجيرانهم وبيوتهم ومناطقهم السكنية، كذلك تتوق أعينهم إلى رؤية منازلهم التي حُرموا إياها بفعل سياسة التهجير القسري التي اتبعتها قوات الاحتلال الإسرائيلي طوال فترة العدوان، والتي أجبرتهم على العيش في مراكز ومدارس ومخيمات اللجوء، وسط أوضاع إنسانية غاية في السوء.
تتوق أعينهم إلى رؤية منازلهم التي حرموا منها بفعل سياسة التهجير القسري التي اتبعتها قوات الاحتلال الإسرائيلي طيلة فترة العدوان
وعلى الرغم من تواصل الغارات الجوية الإسرائيلية واشتداد حدّتها كما جرت العادة قبل سريان أي هدنة، فإنّ آمال الفلسطينيين لا تنقطع بأن تمر الساعات الأخيرة بأمن وأمان، وأن يتيح اتفاق وقف إطلاق النار فرصاً حقيقية لعودة الحياة الطبيعية، وإعادة إعمار البيوت المدمرة، بعد انتشال جثامين الشهداء التي ما زالت عالقة تحتها بفعل ضراوة القصف وانعدام الإمكانات اللازمة لإتمام المهمة.
وقف للحرب في غزة لا مجرد هدنة
ويرغب الفلسطينيون في اتفاقٍ ثابتٍ وطويل الأمد، وليس مجرد هدنة قصيرة تنهيها غارات جديدة بعد أسابيع، مع تطلعاتهم إلى وجود ضغوط دولية حقيقية لمنع تكرار الحرب التي تسببت منذ بدايتها باستشهاد وفقدان 47 ألف فلسطيني، وإصابة ما يزيد على 110 آلاف بجراح متفاوتة، إلى جانب تدمير ما يزيد على ثلاثة أرباع القطاع، بما فيه من بنية تحتية واقتصادية وتعليمية وصحية وسكنية.
ومنذ إعلان قرب وقف إطلاق النار في غزة، تبدلت الأوضاع العامة، حيث لوحظ انخفاض تدريجي لأسعار البضائع، إلى جانب حركة مرورية كثيفة، فيما توجهت اهتمامات الغالبية نحو تجهيز الحقائب والأكياس البلاستيكية وتحضير الأمتعة والتفكير بطريقة الرجوع إلى بيوتهم، دون إغفال حقيقة الأزمة الحادة في وسائل النقل جراء نقص الوقود.
ويقول الفلسطيني أسيد صبح، وهو صاحب متجر لتجهيز المواليد في غزة، إنه لم يصدق حتى اللحظة الأنباء المتعلقة بوقف إطلاق النار بفعل الجنون الذي مرّ به منذ اليوم الأول للحرب، والقصف العنيف، ولحظات النزوح القاسية، وما رافقها من جوع وحرمان وخوف وقلق "لا شك أن تزاحم الأفكار والمشاعر سيتلاشى لحظة عودتنا إلى بيوتنا، وإن كانت ركاماً".
نحن لا نطلب المستحيل، فقط نريد العمل والعيش بكرامة، وأمنيتي الأكبر أن ينتهي الحصار المفروض على غزة
ويتمنى صبح أن يكون وقف إطلاق النار طويل الأمد، وأن يستطيع الفلسطينيون العيش بسلام دون خوف من الصواريخ أو القصف. ويقول لـ"العربي الجديد": "نحن لا نطلب المستحيل، فقط نريد العمل والعيش بكرامة، وأمنيتي الأكبر أن ينتهي الحصار المفروض على غزة، لأن الحياة هنا صعبة جداً، حتى في أوقات الهدوء".
أما الفلسطيني سائد عياد، فقد شعر بأن حملاً ثقيلاً أُزيح عن صدره لحظة إعلان نبأ التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار، حيث عاش برفقة أسرته أياماً صعبة في مركز الإيواء، دون نوم أو راحة أو أمان، إلا أن وقف الإبادة قد يعينه على إعادة بناء ما هُدِّم.
ويتمنى عياد أن يرجع إلى بيته في أسرع وقت، وأن يعيد ترميمه وترتيبه وشراء الأثاث اللازم بعد الأضرار الجسيمة التي لحقت به نتيجة القذائف المدفعية التي تسببت في دمار وحرق أجزاء واسعة منه: "أريد أن يذهب أولادي إلى أعمالهم دون خوف، وأن نعيش كبقية البشر، فقد أرهقتنا الحروب".
فيما يصف الفلسطيني سامر محيسن اتفاق وقف إطلاق النار بأنه استراحة للفلسطينيين من الأوضاع المتعبة والصعبة التي تسببت بها الحرب، مؤكداً أنه "خطوة ضرورية لتجنب مزيد من الدمار، لكنه ليس الحل الوحيد الذي نطمح إليه، نحن بحاجة إلى شيء ينهي هذه الدوامة إلى الأبد، وليس مجرد هدنة تعيدنا إلى النقطة الصفر بعد فترة قصيرة". ويوضح محيسن لـ"العربي الجديد" أن فرحته بوقف إطلاق النار منقوصة لفقدانه شقيقه سعدي الذي استشهد لحظة قصف منزل عائلته وتدميره بشكل كامل، إلى جانب عدم قدرته على العودة إلى منزله المدمر، بما فيه من ذكريات وتفاصيل كثيرة. ويقول إنه يشعر بالاختناق وهو يحاول إخفاء دموعه أمام أطفاله، لكنهم يعلمون أنه "محطم من الداخل".
ويأمل محيسن أن يمهد وقف إطلاق النار لخطوات حقيقية لإنهاء الحصار والحرمان والخوف والقلق وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، قائلاً: "نريد أن نعيش كباقي البشر، بلا خوف من الصواريخ أو النزوح أو التوتر المتواصل، وأن يبدأ إعمار القطاع بأسرع وقت، وأن يعود زاهياً كما كان".
ويتطلع الفلسطينيون إلى تحقيق تهدئة دائمة تؤدي إلى رفع الحصار بشكل تام عن غزة، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، والعمل على حلول سياسية شاملة تضمن كرامة الشعب الفلسطيني وحقه في العيش بسلام وأمان، إلى جانب سرعة إعادة إعمار المنازل المتضررة، وتعويض العائلات التي فقدت بيوتها ومصادر رزقها، علاوة على آمالهم بتحسين الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصحة والتعليم، التي تضررت بشدة خلال الحرب.