الأطفال ومناجاة النفس... لا داعي للقلق

الأطفال ومناجاة النفس... لا داعي للقلق

10 مارس 2021
محادثة خصوصيّة تلك التي تخوضها الصغيرة (Getty)
+ الخط -

هل فاجأت في يوم صغيرك وهو يتكلّم مع نفسه ويخوض محادثة مثيرة للاهتمام من دون الانتباه إلى شخص آخر سواه؟ لا داعي للقلق، فإنّ "مناجاة النفس" تلك سلوك طبيعيّ بالنسبة إلى الأطفال، لا بل هي مفيدة كذلك، بحسب ما يؤكّد موقع "إيتر باران" (أن نكون والدَين) الفرنسيّ المتخصّص في شؤون الأطفال والأمومة. وعند البحث عن المعنى الأساسيّ لمناجاة النفس، سنجد أنّها تُعرَّف كشكل من أشكال المحادثة المسرحيّة أو الأدبيّة، تعبّر الشخصيّة من خلاله عن مشاعر معيّنة عندما تكون وحيدة أو عند عدم إدراكها وجود أيّ شخصيّة أخرى أو ممثّلين آخرين.
وهذا السلوك لا يُسجَّل فقط بين الصغار، فالبالغون يحدّثون أنفسهم كذلك، بوتيرة معيّنة. ويُعَدّ ذلك استراتيجيّة نتّبعها بهدف تنظيم أو ضبط مشاعرنا وتصفية أفكارنا. لكنّنا نحن نقوم بذلك بدرجة أقلّ مقارنة بالأطفال، ويعود ذلك إلى أنّ مرحلة تطوّرنا تختلف عن المرحلة الخاصة بهم ببساطة.
على الرغم من كلّ التطمينات، لا شكّ في أنّ الأمر قد يجعلك حائراً، خصوصاً إذا تكرّر. ما هي مناجاة النفس لدى الأطفال؟ هي تلك المحادثات التي يجريها الصغار مع أنفسهم. وقد يحدث ذلك في ظروف أخرى، عندما يكرّرون عبارات البالغين. بالتالي تكون تلك المحادثات خصوصيّة، والهدف منها ليس اجتماعياً للتواصل مع الآخرين. وتظهر مناجاة النفس كذلك عندما يتحدّث الصغير أمام مرآة أو يتفاعل مع ألعابه. كذلك، ثمّة أطفال يحدّثون أنفسهم عندما يواجهون مهمّة صعبة أو أخرى لم يتمكّنوا منها بعد، فيعطون أنفسهم الإرشادات بصوت عالٍ.

هكذا، فإنّ الأمر يبتعد كلّ البعد عن المرض النفسيّ، ويُحكى عن منافع كبرى. يُذكر أنّه في المتوارث الشعبيّ، عندما نريد الإشارة إلى بلوغ أحدهم مرحلة "الجنون"، نقول إنّه "صار يحدّث نفسه". وبالعودة إلى منافع مناجاة النفس، يمكن اختصارها بأربع وهي تحسين لغة الأطفال، ومساعدتهم على تنظيم أفكارهم بطريقة أفضل، وتنظيم مشاعرهم وانفعالاتهم، وإدارة سلوكهم.
وإلى متى تستمرّ مناجاة النفس كأمر إيجابيّ؟ يجيب أهل الاختصاص بأنّ هذا السلوك شائع جداً بين الأطفال الصغار، ومن الطبيعيّ أن يتكرّر حتى يبلغ هؤلاء ما بين السابعة والعاشرة من عمرهم. ويلفتون إلى أنّه على الرغم من تفاعل الأطفال الصغار اجتماعياً مع أشخاص آخرين، فإنّ شكلَي الخطاب (العموميّ والخصوصيّ) قد يترافقان لمدّة من الزمن. ومع الوقت، تنحسر مناجاة النفس، لأنّ الأطفال يصيرون قادرين على الإبقاء على هذا المونولوغ في ذهنهم من دون التعبير عنه بصوت عالٍ.

المساهمون