الأطباء الشبان في تونس: إضراب لخمسة أيام
استمع إلى الملخص
- يطالب الأطباء بمراجعة إجراءات الإعفاء والتأجيل لسنة الخدمة المدنية، ورفع قيمة حصص الاستمرار، حيث يهرب الأطباء الشبان إلى الخارج بسبب الصعوبات المهنية وعدم ملاءمة الأجور.
- رغم زيادة أجور الأطباء خلال الخدمة العسكرية، لم تُستجب المطالب الأخرى، مما دفع الأطباء لمواصلة الإضراب بدعم من منظمات مهنية وحقوقية.
بدأ الأطباء الشبان في تونس إضراباً، اليوم الخميس، يستمرّ لمدّة خمسة أيام، احتجاجاً على صعوبات في مسارهم الدراسي وكذلك المهني وعلى تدنّي الأجور، مطالبين السلطات بحلول لقضاياهم، من خلال إيجاد تسويات نهائية لملفّ التربّصات (التدريب) المهنية وتوفير ظروف عمل لائقة لأكثر من 12 ألف طبيب شاب في البلاد.
وأعلنت المنظمة التونسية للأطباء الشبان خوض إضراب حضوري شامل في كلّ مستشفيات البلاد يتواصل حتى 18 يونيو/ حزيران الجاري، بعد مواصلة ما وصفته بـ"الصمت الرمزي وغياب التفاعل الجدي مع مطالب الأطباء الشبان في تونس". وأضافت المنظمة، في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، أنّ ذلك يترافق بـ"مقاطعة شاملة لاختيار مراكز التربّصات في إطار نضال موحّد يُجسّد الرفض المطلق لمواصلة الاستنزاف المجاني والتهميش الممنهج لمطالبهم".
ومنذ شهر مايو/ الماضي، يخوض الأطباء الشبان في تونس أنواعاً احتجاجية متنوّعة للمطالبة بالمراجعة الجذرية لإجراءات الإعفاء والتأجيل الخاصة بسنة الخدمة المدنية، بما يضمن الحدّ الأدنى من العدالة والوضوح. كذلك يطالب هؤلاء بالتخلص من "كلّ المتخلدات (الديون) تحت عنوان حصص الاستمرار، ورفع قيمتها بما يتناسب مع الجهد المبذول مع مراجعة المقرّرات المنظمة لها بما يضمن إنصاف الطبيب المقيم والداخلي".
في هذا الإطار، يقول الطبيب بهاء الدين الرابعي إنّ الأطباء الشبان في تونس سوف يواصلون تحرّكاتهم حتى تحقيق مطالبهم بصورة كاملة. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "الاستجابة لمطالب الأطباء الشبان تعني حماية قطاع الصحة والحدّ من النزيف من جرّاء هجرة الأطباء". ويتابع الرابعي أنّ "الأطباء الشبان في تونس يهربون في مراحل التكوين الأخيرة أو بعد إتمام الاختصاص نحو دول المهجر نتيجة صعوبات مهنية وعدم ملاءمة الأجور مع مسارهم الدراسي الصعب". وإذ يشير إلى أنّ "هجرة كثيرين ليست خياراً"، يحذّر من أنّ "عواقبها سوف تكون وخيمة على القطاع الصحي الحكومي".
من جهته، يقول رئيس المنظمة التونسية للأطباء الشبان وجيه ذكار إنّ "السلطات استجابت إلى نقطة واحدة من قائمة المطالب الخاصة بالأطباء الشبان، إذ أقرّت زيادة في أجور الأطباء خلال فترة الخدمة العسكرية مع توفير التغطية الاجتماعية لهم". ويوضح ذكار لـ"العربي الجديد" أنّ "رواتب الأطباء رُفعت خلال سنة الخدمة العسكرية من 750 ديناراً تونيسياً (نحو 255 دولاراً أميركياً) إلى 2000 دينار (نحو 675 دولاراً)، في حين ظلّت المطالب الأخرى من دون استجابة. وقد أغلقت السلطات باب التفاوض بشأنها رغم أهميتها في المسارَين الدراسي والمهني للأطباء الشبان وانعكاساتها المباشرة على حقّ المواطن في الصحة الجيدة".
ويرى ذكار أنّ "الأطباء الشبان في تونس يتحمّلون وزر تردّي الخدمات الطبية، ويواجهون العنف في المؤسسات الصحية، ويقضون فترات طويلة في حصص الاستمرار نتيجة تصحّر المستشفيات (خلوّها من الكفاءات)، ومع ذلك لا يتمتّعون بأدنى حقوقهم الأساسية في الأجور. ويبيّن ذكار أنّ "نسبة المشاركة في الإضراب حققت نسبة 100% في صفوف الأطباء الشبان في المرحلة النهائية من التكوين"، واصفاً الأمر بأنّه "مؤشّر جيّد إلى تمسّكهم بالطرق النضالية من أجل تحقيق مطالبهم".
ويرفع الأطباء الشبان في تونس شعار "تمرمدنا" أي جرى التنكيل بنا، في تحرّكاتهم النضالية. وتتضمّن لائحة مطالب هؤلاء زيادة المنحة الشهرية من خلال "إقرار منحة خطر العدوى والتحسين في منحة الإقامة"، بالإضافة إلى المرونة في التصديق على التربّصات المهنية.
ويصف ذكار مراحل تكوين الأطباء الشبان في تونس بأنّها "شاقة وتؤدّي ببعضهم إلى الاحتراق الوظيفي وحالات انهيار نفسي واكتئاب في سبيل التصديق على تربّصاتهم (تدريبهم) من قبل الأساتذة المؤطّرين". ويبيّن أنّ "التصديق على التربّصات صار سيفاً مسلطاً على رقاب الأطباء الشبان في تونس"، لافتاً إلى أنّ "إعادة النظر في مقاييس تقييم التربّصات المهنية من أبرز مطالبهم". وأكد رئيس المنظمة التونسية للأطباء الشبان أنّ "صعوبات ظروف العمل والتكوين وسوء الأجور تدفع الأطباء نحو الهجرة قسراً، تاركين القطاع الصحي الحكومي على حافة الانهيار وخالياً من كفاءاته".
وتلقى تحرّكات الأطباء الشبان في تونس دعماً كبيراً من قبل منظمات وهيئات مهنية إلى جانب المساندة من قبل رؤساء الأقسام الاستشفائية وغيرهم. وقد عبّرت منظمات عديدة، من بينها رابطة حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عن تضامنها مع إضراب الأطباء الشبان، مؤكدةً "تأييدها حقوقهم اللامشروطة لمعركة الكرامة والعمل اللائق".