الأرقام المميزة... إيرانيون يدفعون المال في مقابل التواريخ

الأرقام المميزة... إيرانيون يدفعون المال في مقابل التواريخ

15 ديسمبر 2020
هل يعدّ رقم هاتفها مميزاً؟ (عطا كيناري/ فرانس برس)
+ الخط -

التقويم التراثي الإيراني مليء بالمناسبات التاريخية التي يحتفل بها الإيرانيون على مدار العام. ويهتم مواطنون إيرانيون بأيّام لا تعبر عن أية مناسبة، إلا أنها تكتسب أهمية بالغة بالنسبة إليهم، كون هذه الأيام تحمل أرقاماً متشابهة أو ما يُسمى في البلاد بـ "أعداد رُند"، بالإضافة إلى زيادة الاهتمام بأرقام الهواتف والسيارات. واللافت في الأمر أن هناك إقبالا كبيرا لتسجيل تاريخ الزواج في أيام تحمل هذه الأرقام، وإقبال نساء على تقديم تواريخ الولادة من خلال اللجوء إلى الجراحة القيصرية. 
ليس جديداً اهتمام بعض الإيرانيين بالأرقام المتشابهة. بدأت القصة عندما اختُرع الهاتف النقال ووصل إلى إيران، فصار البعض يولي اهتماماً خاصاً بأرقام الهواتف المتشابهة، مثل رقم 09121111111 وأرقام أخرى مماثلة، حتى أصبحت تباع هذه الأرقام التي حصل عليها البعض لحسن حظهم من خلال التسجيل في دوائر البريد بمبالغ خيالية. 
ومع مرور الوقت، وزيادة الاهتمام بالأمر، أصبح البعض يدشن مواقع إلكترونية لبيع وشراء هذه الأرقام. ومع انتشار شركات الاتصال في إيران، أصبح في إمكان من لديه وله بهذه الأرقام أن يختارها ويشتريها، إلا أن الأرقام المتشابهة تماماً، والتي فاز بها مواطنون في البداية، تبقى الأغلى في البلاد.  

قضايا وناس
التحديثات الحية

كذلك بالنسبة لأرقام لوحات السيارات؛ فمن يحالفه الحظ يحصل على لوحة من شرطة المرور، أرقامها متكررة ومتشابهة. وعلى عكس أرقام الهواتف التي يمكن بيعها وشراؤها، لا يمكن بيع وشراء أرقام لوحات السيارات في إيران، كونها تخص كل شخص باسمه. وبعد تغيير السيارة، يحمل الشخص رقمها إلى سيارته الجديدة. لكن مع ظهور سيارات فاخرة في شوارع طهران تحمل لوحاتها أرقاماً متكررة، طرحت شبهات بما إذا كان أصحابها قد حصلوا عليها من الشرطة بمبالغ كبيرة أو من المواطنين الآخرين. إلا أن شرطة المرور نفت حصولهم على هذه الأرقام بدفع مبالغ خاصة، أو إمكانية شرائها من المواطنين الآخرين. إلا أنها لم تستبعد أن يكون هناك أشخاص لديهم هذه الأرقام وضعوها تحت تصرف آخرين، إلا أن "ملكية أرقام لوحات السيارات لا تنقل إلى الأشخاص الآخرين".  
إلا أن الأعداد المتكررة التي أصبحت محل اهتمام بالغ غير مسبوق في إيران، خلال السنوات الأخيرة، هي ما يرتبط بتواريخ الأيام، خصوصاً تلك الأرقام الأكثر تشابهاً والتي تتكرر كل عقد مرة واحدة، مثل 9/9/1399، أي اليوم التاسع من الشهر التاسع في العام 99 بعد 1300 للتقويم الهجري الشمسي، الموافق ليوم 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020. 
وأظهر مواطنون إيرانيون، وخصوصاً من الأثرياء، ميولاً غريبة تجاه هذا اليوم في هذا العام، باعتباره آخر أيام القرن الفارسي الحالي، التي تحمل أرقاماً متكررة ومتشابهة، وينتهي هذا القرن يوم 21 مارس/ آذار المقبل ليبدأ العام الإيراني الجديد (1400) الذي يمثل بداية قرن جديد.
وحاول الكثير من الشباب والشابات الإيرانيين تسجيل تاريخ عقد زواجهم في هذا اليوم، ليقوموا بحجز الوقت لدى دوائر تسجيل الزواج في البلاد قبل فترة من حلول يوم 9/9/99. وعليه، بات هذا اليوم الأكثر اكتظاظاً في العام والعقد الأخير في مكاتب تسجيل الزواج في إيران. وكان نادي مكاتب الزواج والطلاق قد توقع ذلك، فاضطر لإلغاء قيود مرتبطة بتفشي كورونا بالتنسيق مع السلطات الصحية، وأصدر تعليمات لفتح كل هذه المكاتب في هذا اليوم لاستقبال العرسان الذين حجزوا التاريخ قبل أشهر، لجعله يوماً خالداً في حياتهم، تذكرهم به لاحقاً الأرقام التاريخية المتكررة بوصفه آخر يوم في القرن الإيراني الحالي بهذه الأرقام المتشابهة. 

وكشف رئيس نادي أصحاب مكاتب الزواج والطلاق في إيران، علي مظفري، في حديث لقناة "الخبر" الإيرانية، أخيراً، أن 80 في المائة من حالات الزواج خلال الشهر الإيراني الحالي قد سجلت في هذا اليوم. وفي أحيان كثيرة، تلجأ عائلات إيرانية من الطبقات الثرية إلى تقديم موعد ولادة أولادها إلى هذه الأيام، وقد زاد الأمر يوم 9/9/99. وعليه، تشير بيانات رسمية إلى تسجيل حالات ولادة لافتة في المستشفيات الإيرانية في هذه الأيام 1/1/91 و2/2/92 و3/3/93 و5/5/95 و6/6/96 و7/7/97 و8/8/98 خلال العقد الأخير بالمقارنة مع بقية أيام السنة. وتفيد منظمة السجل المدني الإيرانية بأن الولادات في هذه الأيام كانت ضعفي الأيام العادية. لكن من المتوقع أن تسجل الولادات خلال الإثنين الذي كان بالتاريخ الفارسي 9/9/99 رقماً قياسياً لأهميته الكبيرة، لكونه آخر الأيام التي تحمل أرقاماً متشابهة في القرن الإيراني الحالي. 
ودفعت عائلات إيرانية ميسورة مبالغ هائلة للمستشفيات الخاصة في طهران من أجل حجز وقت ومكان لولادة أطفالها في هذا اليوم. وتلفت مواقع التواصل الاجتماعي ووكالات الأنباء الإيرانية إلى أن أرقاماً خيالية تصل إلى أكثر من 100 مليون تومان (نحو 4 آلاف دولار) يدفعها البعض من أجل تغيير موعد ولادة أطفالهم. 
وذكرت مراسلة إيرانية في تغريدة لها على "تويتر" أن "أسرة لأجل ولادة طفلها في الساعة 09:09 يوم 9/9/99 دفعت 130 مليون تومان (5200 دولار) للمستشفى". وأثارت هذه التصرفات انتقادات بين الإيرانيين في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة والوضع المعيشي الصعب الذي تواجهه الكثير من الأسر، كما حذر أطباء من خطورة تقديم موعد الولادة من خلال العمليات القيصرية على حياة المواليد والأمهات.  

المساهمون