استمع إلى الملخص
- رد وزير الداخلية مازن الفراية بأن عدد الموقوفين إدارياً بلغ 1495 شخصاً، مع توجيهات بترشيد التوقيف ومراجعة القوائم للإفراج التدريجي عن بعضهم.
- دعا المركز الوطني لحقوق الإنسان إلى إلغاء القانون، مشيراً إلى التكاليف المالية المرتفعة للتوقيف الإداري وضرورة احترام الأحكام القضائية وحقوق الموقوفين.
انتقد النائب الأردني والمحامي عوني الزعبي، اليوم الأربعاء، التوقيف الإداري الذي يقوم به بعض الحكام الإداريين في الأردن بحقّ الأشخاص المنتهية مدة حبسهم بموجب الأحكام القضائية الصادرة بحقّهم، بدعوى منع الجرائم، والذين وصل عددهم إلى 1495 شخصاً، بحسب أحدث أرقام كشفها اليوم وزير الداخلية مازن الفراية. ويجري التوقيف في الأردن بحسب قانون منع الجرائم لسنة 1954 الذي يسمح للمحافظين (الحاكم الإداري) بالمبادرة بإجراءات بحق الأشخاص الذين "على وشك ارتكاب أي جرم أو المساعدة على ارتكابه، أو كل من كان في حالة تجعل وجوده طليقاً بلا كفالة خطراً على الناس، بأوامر إدارية ودون مراجعة قضائية". وتُستخدم هذه الممارسة بحق ضحايا الجرائم، والأعداء الشخصيين والأشخاص الذين أمرت المحاكم بإخلاء سبيلهم.
وقال النائب الزعبي، خلال جلسة رقابية لمجلس النواب الأردني، الأربعاء، إن قرارات التوقيف الإداري التي يتخذها بعض الحكام الإداريين بعد إنهاء الأشخاص مدة محكوميتهم القضائية تعتبر تدخلاً سافراً في اختصاص السلطة القضائية، مضيفاً أن "هذه الممارسة تعتبر تجاوزاً على الصلاحيات القضائية، وانتهاكاً لمبدأ الفصل بين السلطات، وفي الوقت نفسه تعتبر تغوّلاً من السلطة التنفيذية على السلطتين القضائية والتشريعية".
واستطرد: "عندما تقوم بحبس مواطن دون حكم قضائي، وتنصّب وزارة الداخلية نفسها قاضياً ومنفّذاً لقرار هي التي اتخذته فهذا تغوّل على السلطة القضائية". وشدد الزعبي على أن "استخدام قانون منع الجرائم في توقيف المواطنين بعد انتهاء مدة حكمهم القضائية يخالف الدستور، والدستور يسمو على كلّ القوانين"، مطالباً الحكومة بالإفراج عن جميع الأشخاص المنتهية محكوميتهم القضائية فوراً، ووضع تعليمات تضبط عملية التوقيف الإداري.
بدوره، قال وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، في ردّه على سؤال النائب الزعبي، إن عدد الموقوفين الإداريين في المملكة بلغ ما مجموعه 1495 موقوفاً إدارياً، مضيفاً أن "كثيراً من الموقوفين إدارياً بسبب عقوق الوالدين، وأنه من غير الممكن انتهاء الإجراءات القضائية للحكم على الشخص المعتدي على والديه في مثل هذه الحالات، فيجري توقيفه إدارياً، لمنع ارتكاب أي جرائم محتملة لاحقاً"، وأضاف أنه "رغم ذلك، هناك توجيهات للحكام الإداريين في جميع المحافظات بترشيد التوقيف الإداري، بالإضافة إلى مراجعة قوائم الموقوفين إدارياً للإفراج عن بعضهم، بحسب أسباب توقيفهم تدريجياً".
وكان المركز الوطني لحقوق الإنسان قد طالب، في مايو/ أيار الماضي، بضرورة إلغاء قانون منع الجرائم إعمالاً لمبدأ الفصل بين السلطات، والتزاماً بنص المادة (128/1) من الدستور الأردني التي تنص على أنه لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق، أو أن تمس أساسياتها. وتأكيداً على القاعدة الموضوعيّة في الملاحقة الجزائيّة المقرّرة في دول العالم كافةً، والواردة في المادة (58) من قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960م وتعديلاته، والمتمثلة بعدم جواز ملاحقة الفعل الجرمي إلا مرةً واحدةً.
ودعا الحكومة إلى ضرورة ضمان احترام الأحكام والقرارات القضائية أو القرارات الصادرة بإخلاء سبيل الموقوفين، باعتبارها عنواناً للحقيقة وحجة على الجميع، وذلك بموجب نص صريح في القانون، وعدم جواز توقيف من يجري إطلاق سراحه من قبل القضاء إدارياً، وإخضاع التوقيف لمبدأ التعليل والتسبيب، وإحالة الموقوفين إلى الادعاء العام النظامي بعد توقيفهم خلال المدة المحددة بنص القانون للبت في أمرهم، وترتيب الجزاء على عدم الالتزام بهذه الأصول. ووضع حد أعلى للكفالة، وعدم ترك قيمة الكفالة، والموافقة على شخص الكفيل للسلطة التقديرية للحاكم الإداري، والنص على أن يكون الطعن أمام القضاء الإداري بالقرارات الصادرة عن الحاكم الإداري مجانياً.
وطالب المركز الوطني لحقوق الإنسان بالإفراج عن الموقوفين إدارياً، إعمالاً للدستور الأردني والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، التي أكدت أن التوقيف تدبير استثنائي، ويكون لاعتبارات محددة وفي أضيق الحدود. وبحسب دراسة سابقة أجراها مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان الأردني عام 2022، فإنّ تكاليف حالات التوقيف الإداري حُدّدت من خلال التكاليف المالية في مراكز الإصلاح والتأهيل ومراكز التوقيف المقدَّرة بحسب مديرية الأمن العام بـ800 دينار (نحو 1100 دولار) شهرياً للسجين الواحد، وهو ما يعني أن كلفة التوقيف الإداري لموقوف واحد في يوم واحد تُقدَّر بنحو 26.7 ديناراً (نحو 37 دولاراً).