الأردن: إقبال دون المستوى على لقاحات كورونا

الأردن: إقبال دون المستوى على لقاحات كورونا

05 اغسطس 2021
حصل على اللقاح في موعده (Getty)
+ الخط -

ما زال الإقبال على اللقاحات المضادة لكوفيد-19 في الأردن دون المستوى المطلوب، بسبب تخوّف الناس من الأعراض الجانبية من جهة، ومن جهة أخرى عدم نجاح الحكومة في إقناع الناس بأهمية التطعيم وآثاره الصحية الإيجابية. وقد يكون ذلك مرتبطاً بثقة المواطنين المتدنية بحكومة بلادهم.
ولم يتجاوز عدد الذين تلقّوا جرعتَين من تلك اللقاحات 2.2 مليون شخص، في حين تلقّى نحو 2.9 مليون آخرين جرعة واحدة، علماً أنّ السلطات في البلاد أعلنت في الشهر الماضي أنّها تعاقدت مع جهات عدّة للحصول على نحو 12 مليون جرعة من اللقاحات، وهي في صدد طلب خمسة ملايين جرعة إضافية. وتسعى الحكومة الأردنية إلى رفع أعداد الاشخاص المحصنّين بما يتوافق مع وعودها السابقة، أي الوصول إلى تحصين 4.5 ملايين مواطن بحلول سبتمبر/ أيلول المقبل مع نسبة 75 في المائة من الفئات المستهدفة. وهو ما يعني الوصول إلى مناعة مجتمعية مقبولة.
ولمواجهة هذه الأزمة، أصدر رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، الأسبوع الماضي، أمر دفاع لتنظيم عمل الأفراد الذين لم يتلقّوا لقاحاً مضاداً لكوفيد-19 في منشآت القطاعَين العام والخاص وبعض المهن، بهدف دفع المواطنين إلى تلقّيه، وربّما إجبارهم بطريقة غير رسمية وغير مباشرة. ووفق أمر الدفاع الذي يحمل رقم 32، يتوجّب على كلّ موظف في القطاع العام والخاص لم يتلقَّ الجرعة الأولى من اللقاح، أو تخلّف عن موعد الجرعة الثانية، إبراز نتيجة فحص "بي سي آر" سالبة سارية المفعول لمدّة 72 ساعة، صباح يومَي الأحد والخميس من كلّ أسبوع، وإلا يُعَدّ بحكم المتغيّب عن العمل. كذلك، يتوجّب على كل سائق مركبة نقل عام لم يتلقَّ الجرعة الأولى من اللقاح الخضوع لفحص "بي سي آر" دوري، والتزوّد بشهادة نتيجة سالبة في أثناء أدائه عمله لم تمضِ عليها مدّة 72 ساعة.

ويُعاقَب كلّ من يخالف ذلك بغرامة لا تقلّ عن 100 دينار أردني (نحو 140 دولاراً أميركياً) ولا تزيد عن 500  دينار (نحو 700 دولار)، علماً أنّه يُعاقَب بالحد الأعلى للغرامة في حال تكرار المخالفة. كذلك ثمّة غرامات تتراوح ما بين 1000 دينار (نحو 1400 دولار) و3000  دينار (نحو 4200 دولار) على المؤسسات التعليمية المخالفة.
وفي إجراء آخر لرفع أعداد متلقي اللقاحات، قررت وزارة الصحة تخفيض سنّ التحصين ضدّ كوفيد-19 إلى 12 عاماً ومن دون موعد مسبق، شريطة موافقة وليّ الأمر، علماً أنّ الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 عاماً و18 لم يكونوا مستهدَفين بداية.
أحمد سعد، في بداية السبعينيات من عمره، لا يخفي أنّه لم يتلقَّ اللقاح ولا يرغب في ذلك. ويقول: "أخشى مخاطر اللقاح وأعراضه الجانبية، ولا أثق بالتطمينات الحكومية الخاصة به". بدوره، يشير محمد العبادي إلى أنّه لا يثق كثيراً بنصائح الحكومة، "ولا أرغب في تلقّي اللقاح، كذلك الأمر بالنسبة إلى زوجتي. ونحن غير مضطرَّين إلى ذلك".

الصورة
مسنون أردنيون ينتظرون لقاحات كورونا في الأردن (Getty)
مسنون أردنيون ينتظرون لقاحات كورونا في الأردن (Getty)

في المقابل، تخبر مها الزعبي، وهي موظفة في الخمسينات من عمرها، أنّها تلقّت اللقاح لاقتناعها بأنّه "يوفّر حماية نسبية من المرض". تضيف أنّ "اللقاح صار أمراً ضرورياً في ظلّ البلاغات الحكومية حول الإجراءات المتعلقة بالموظفين من غير المحصّنين". ويوافقها الرأي أحمد النعيمات الخمسيني، ويشدد على "ضرورة إقبال جميع المواطنين على اللقاح، بعيداً عن الإجراءات الحكومية، من أجل حماية المجتمع من انتشار المرض". ويتابع النعيمات أنّ عائلات كثيرة أصيب أفراد منها بالفيروس وأخرى فقدت عزيزاً، بالتالي، يجب أن يدفع ذلك السكان إلى تلقّي اللقاح لحماية أنفسهم ومن يحبّون، خصوصاً في ظلّ متحوّرات الفيروس".
في سياق متصل، يقول أمين عام وزارة الصحة الأردنية لشؤون الأوبئة المسؤول عن ملف كورونا عادل البلبيسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة تسعى إلى تحصين 4.5 ملايين شخص بجرعتَين بحلول سبتمبر/ أيلول المقبل". يضيف: "كلّما تقدّمنا خطوة إلى الأمام نقترب أكثر من الهدف من أجل تحقيق المناعة المجتمعية". ويشير البلبيسي إلى "ارتفاع الأعداد اليومية لمتلقّي اللقاح، فصارت تقترب من 100 ألف شخص يومياً"، ويأتي ذلك الإقبال بعد الإجراءات الحكومية الأخيرة، ومنها تخفيض سنّ الفئات المستهدفة إلى 12 عاماً، إلى جانب الإجراءات المتعلقة بأمر الدفاع رقم 32. وعن الأسباب التي تحدّ من الإقبال على اللقاحات، يقول البلبيسي إنّها عديدة، ويلفت إلى "استبيان أعدّته وزارة الصحة كشفت خلاصته الأولية أنّ السبب الرئيسي هو انشغال الناس بأعمالهم، كذلك، فإنّ الاشخاص الذين أصيبوا سابقاً لم يتقدّموا لتلقّي أيّ لقاح، بالإضافة إلى الخوف من أعراض اللقاحات الجانبية".

وفي تقييمه للوضع الوبائي، يقول البلبيسي إنّ "الارتفاع في عدد الإصابات ونتائج الفحوص الموجبة في الأيام الماضية، استدعى دقّ ناقوس الخطر مرّة أخرى"، مشيراً إلى "تراخٍ واضحٍ من قبل المواطنين في الإجراءات الوقائية". لكنّه يرى أنّ "الوضع حتى الآن من ضمن المتوقّع، نتيجة لتخفيف الإجراءات وفتح القطاعات". ويتابع أنّه "من غير المتوقع أن تعود الوزارة الآن عن بعض قراراتها، لكنّها مستمرة بمراقبة الوضع الوبائي، وبناء عليه، قد تتّخذ عدداً من الإجراءات الوقائية"، آملاً "ألا تشهد البلاد ارتفاعاً كبيراً في الإصابات". ويكمل: "إذا أردنا الاستمرار في العودة إلى الحياة الطبيعية وفتح القطاعات، فلا بدّ من الالتزام بالإجراءات الوقائية، إذ إنّ ذلك غير متوفّر لجهة وضع الكمامات أو الإجراءات الوقائية الأخرى بالشكل المطلوب".

المساهمون