اقتطاعات التمويل الأميركي تهدد مرضى الإيدز في جنوب أفريقيا

20 مارس 2025
عاملة الإغاثة إلسي في بلدة مسوغوابا بجنوب أفريقيا، مارس 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- إلسي، عاملة إغاثة في جنوب أفريقيا، كانت تقدم الدعم لأكثر من 380 طفلاً مصاباً بفيروس نقص المناعة المكتسبة، ولكن وقف التمويل الأميركي أجبرها على التوقف عن العمل، مما أثار مخاوف بشأن صحة الأطفال.
- جنوب أفريقيا تواجه تحديات كبيرة مع فيروس نقص المناعة المكتسبة، حيث يعاني 13% من السكان من الفيروس، ووقف التمويل الأميركي أثر على برامج الوقاية والإرشاد، مما يهدد بزيادة معدلات الإصابة والوفيات.
- خفض التمويل الأميركي أدى إلى فقدان 15 ألف وظيفة في مجال الصحة، مما يزيد الضغط على المستشفيات، وقد يتسبب في 600 ألف وفاة إضافية خلال العقد المقبل.

قبل وقف الرئيس دونالد ترامب مساعدات التمويل الأميركية للخارج في أواخر يناير/ كانون الثاني، كانت عاملة الإغاثة إلسي تمضي أيامها في تفقد مئات من مرضى فيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز" ببلدة مسوغوابا في جنوب أفريقيا، على مسافة قرابة 300 كيلومتر من جوهانسبرغ.

لكن المرأة المفعمة بالحيوية البالغة 45 عاماً، التي طلبت عدم الكشف عن اسمها الحقيقي، أرغمت الآن على البقاء في المنزل ومُنعت من الاتصال بمرضاها. وخلال الشهرين الماضيين تلقت اتصالات يومية من أطفال بائسين بحاجة إلى العلاج من فيروس الإيدز ممن لا يُسمح لها بمساعدتهم.

وتستذكر قائلة: "كنت أدعم 380 طفلاً، وأحرص على أن يتناول كل واحد منهم دواءه، وأن يُكبَح الفيروس وألّا يتعرض أي طفل على الإطلاق للتمييز أو الانتهاك". وأضافت: "نعلمهم على تقبّل أنفسهم كما هم، أن يدركوا أنهم محبوبون. أعتبرهم كأبنائي".

والمنظمة غير الحكومية التي عملت لديها ولم ترغب في الكشف عن هويتها تحسباً لأي عواقب، كانت تدعم نحو 100 ألف شخص سنوياً، بينهم العديد من الأطفال المصابين بفيروس الإيدز والأيتام والأسر التي يعيلها أطفال. وكانت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو إس إيد" تقدّم للمجموعة تمويلاً يزيد على 3 ملايين دولار سنوياً.

كانت إلسي واحدة من أكثر من 100 عامل صحة مكلفين متابعة الأطفال والتأكد من سلامتهم وتسهيل وصولهم إلى علاج ضروري مدى الحياة للبقاء بصحة جيدة وتجنب انتقال الفيروس. والآن مع عدم تمكنها من تفقدهم، تقول إنها تخشى الأسوأ. وتتنهد قائلة: "أخشى ألا يتناولوا أدويتهم"، مضيفة أن بعض الأطفال اختفوا منذ انتهاء البرنامج. وتشعر بالقلق من أن يتخلف آخرون عن مواعيدهم في المستشفى. وتؤكد قائلة: "نعرف كل واحد من هؤلاء الأطفال ومشكلاتهم. بعضهم لن ينجو".

أكثر من دواء في جنوب أفريقيا

تسجل جنوب أفريقيا أحد أعلى مُعدّلات الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة، الإيدز في العالم، إذ يُعاني حوالى 13% من السكان، أو 7.8 ملايين شخص، الفيروس، وفقاً لبيانات حكومية.

في عام 2023، بلغ عدد الأطفال الذين تيتموا بسبب الفيروس في هذا البلد 640 ألفاً. وأكدت الحكومة أن اقتطاعات التمويل لن تؤثر في توزيعها للأدوية المضادة للفيروسات القهقرية. وفي فبراير/ شباط، أطلقت حملة لتوسيع نطاق العلاج المُنقذ للحياة الذي يصل إلى 5.9 ملايين مريض، ليشمل 1.1 مليون شخص إضافي بحلول نهاية العام.

وقال الناطق باسم وزارة الصحة، فوستر موهالي، لوكالة فرانس برس، إنّ "البلاد لديها القدرة على توفير علاج فيروس نقص المناعة المكتسبة للأشخاص المصابين به، لأن ما يقرب من 90% من العلاج الحالي يُشترى من أموال الخزانة العامة/ميزانية الحكومة".

غير أن خطة الرئيس الأميركي الطارئة للإغاثة من الإيدز (PEPFAR)، التي كانت بين البرامج المتضررة من خفض التمويل، كانت تدعم العديد من البرامج التي تركز على الوقاية والإرشاد والرصد، وبلغت مساهمتها 17% من استجابة جنوب أفريقيا الإجمالية لفيروس الإيدز.

وقالت رئيسة "حملة التحرك من أجل العلاج" المنظمة الرائدة في مجال مناصرة مرضى الإيدز، سيبونغيلي تشابالالا-مادلالا، إن "الأمر يتجاوز مجرد توفير الدواء". وأضافت: "يتعلق الأمر بإيجاد عامل صحة ودود في المنشأة. يتعلق الأمر بفهم تحديات المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة وحاجاتهم. يتعلق الأمر بالوقاية وإبقاء المرضى تحت الرعاية".

وتخشى رئيسة المنظمة أن يؤثر خفض التمويل بشدة في الموارد البشرية في المستشفيات التي تعاني أصلاً نقصاً في الموظفين والاكتظاظ، بما في ذلك عبر تمديد فترات الانتظار. وقال وزير الصحة آرون موتسواليدي إنّ الاقتطاعات في خطة الرئيس الأميركي الطارئة للإغاثة من الإيدز أدت وحدها إلى فقدان 15 ألف عامل لوظائفهم.

مرضى الإيدز: "متروكون لمصيرنا" 

وأشارت دراسة صدرت في نشرة "حوليات الطب الباطني" في فبراير/ شباط إلى أن قطع تمويل برنامج الإغاثة من الإيدز (PEPFAR) المخصص لجنوب أفريقيا قد يؤدي إلى أكثر من 600 ألف وفاة إضافية مرتبطة بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة خلال العقد المقبل.

وفيما اعتبرت وزارة الصحة الرقم مجرد "افتراضات"، صرّحت تشابالالا-مادلالا، لوكالة فرانس برس، بأنها تعتقد أن "الناس سيموتون". وقالت: "لن يتمكن الناس من التغيب عن العمل للحصول على أدويتهم. بعضهم يتشارك في مضادات الفيروسات القهقرية. مع هذا الاضطراب سنشهد ارتفاعاً في معدلات الإصابة والمزيد من الوفيات المرتبطة بفيروس الإيدز".

ويجلس شاب نحيل عمره 17 عاماً في منزل والدته على طريق ترابي في مسوغوابا ممسكاً برأسه بين يديه. والمراهق الذي تعتقد إلسي أن عليه علامات التوحد، قلق بشأن موعده التالي. وتوضح والدته أن إلسي كانت ترافقه إلى العيادة وتقول متنهدة: "لقد ساعدته كثيراً عندما كان يعاني". وتشرح أنها لا تستطيع أخذ إجازة من العمل لمرافقة ابنها، وأنها تشعر "وكأننا تُركنا لمصيرنا". ولدى إلسي شعور مماثل، وتقول "لقد أُجبرت على التخلي عنهم... لقد وثقوا بي حقاً".

(فرانس برس)

المساهمون