اعتقال أبرياء في العراق بسبب تشابه الأسماء

اعتقال أبرياء في العراق بسبب تشابه الأسماء

02 أكتوبر 2020
+ الخط -

حتّى اليوم، يُعتقل أبرياء في العراق نتيجة لتشابه أسمائهم مع أسماء مطلوبين أمنيين، وقد يُغيّبون مدة طويلة، علماً أنّ الحلول متوفرة وليست معقدة، لا سيما ما يتعلق منها باعتماد التقنيات الحديثة

تستمرّ مشكلة "تشابه الأسماء" في العراق وهو ما يؤدي إلى اعتقال الأبرياء في الكثير من الأحيان. وتتشابه أسماء هؤلاء مع آخرين ينتمون إلى جماعات مسلحة وتنظيمات إرهابية ومطلوبين للقضاء. وتعمل القوات العراقية على التدقيق في أسماء المارة عند نقاط التفتيش التي تربط بين المدن، أو تلك الجوالة داخل المدن، إضافة إلى المعابر الحدودية والمطارات. في هذا الإطار، تتحدث مصادر أمنية عراقية عن اعتقال مشتبه بهم من جرّاء تشابه الأسماء.
ولا تتوافر لدى القوات العراقية قاعدة بيانات كاملة ومفصلة عن المتورطين بجرائم إرهابية والقتال مع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" أو مساعدته. ولا تملك غير اسم المتهم واسم والده أو جده من دون أية تفاصيل أخرى. وبالتالي، يزداد اعتقال الأبرياء نتيجة تشابه الأسماء في المناطق المحررة من سيطرة "داعش"، إضافة إلى بغداد وبابل وديالى.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وتشهد مناطق شمال بابل ومدخل بغداد الشمالي حوادث اعتقال متكررة بناءً على معلومات متشابهة بين أبرياء ومطلوبين للقضاء، ما يؤدي إلى إخفاء مئات العراقيين، وقد أفرج عن بعضهم بعد أشهر من الاعتقال بعدما تعرضوا للضرب، في وقت ما زال آخرون مجهولي المصير. وفي وقت ينجح آخرون في تجاوز عمليات التدقيق الأمني، إلا أنهم يعيشون خوفاً مستمراً خشية اعتقالهم.
ويقول م.م. (32 عاماً) وهو من أهالي مدينة المسيب شمال محافظة بابل، إنه تعرض للاعتقال لمدة تسعة أشهر، بعد تدقيق أمني في نقطة تفتيش التاجي في بغداد عام 2018، ما أدى إلى اعتقاله في مكان مجهول. وتعرض خلال فترة اعتقاله إلى التعذيب بوسائل مختلقة منها الضرب والكهرباء وقلع الأظافر. وطوال فترة اعتقاله، لم يكن يتواصل مع أهله، ما زاد من صعوبة الموقف. ويوضح لـ "العربي الجديد" أن "القوات العراقية وجهت إليه سلسلة من الاتهامات، منها الانتماء إلى تنظيم داعش واغتصاب النساء وقتل عناصر أمنية في محافظة كركوك.
ويلفت إلى أن "نفي التهم والتبرؤ منها لم يكونا يزيدان الأمور إلا سوءاً، وبالتالي استمرار التعذيب. وكان في المعتقل نحو عشرة معتقلين قالوا إنه لا علاقة لهم بالجرائم، وإن سبب اعتقالهم هو تشابه الأسماء الثلاثية، وليس أكثر من ذلك". ويؤكد أن القوات الأمنية أفرجت عنه بعد نحو تسعة أشهر، ولم تقدّم أي اعتذار أو أي  دعم مادي أو معنوي من جرّاء الأضرار النفسية والجسدية التي تعرض لها.
من جهته، يقول محمد غازي، وهو من سامراء، إن "جهة مسلحة تتبع الحشد الشعبي اعتقلته عام 2017، لمدة شهر بسبب تشابه اسمه مع أحد عناصر داعش في محافظة صلاح الدين. إلّا أنه تم الإفراج عنه بعد توسط أحد المسؤولين لحل قضيته، ولكنه حصل على ورقة تمنع اعتقاله في المستقبل تسمى "كتاب عدم تعرض"، مؤكداً لـ "العربي الجديد" أنه تعرض إلى كل أشكال العنف، كما هُدد بالاغتصاب أكثر من مرة بهدف دفعه إلى الاعتراف. لكنه بقي صامداً، علماً أنه تعرّض للحرق في ساقه اليمنى.
وعلى الرغم من إصدار السلطات العراقية تعليمات مشددة تتعلق بمشكلة تشابه الأسماء، ما زال أفراد الأمن والحشد الشعبي يعتمدون في عمليات الاعتقال على الاسم الثلاثي للعراقيين. وكانت وزارة الداخلية العراقية قد أكدت في يناير/ كانون الثاني الماضي أن مشكلة تشابه الأسماء الثلاثية أو الرباعية ستنتهي بعد اعتماد البطاقة الموحدة. وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة اللواء خالد المحنا إن "هناك مطلوبين للعدالة تتشابه أسماؤهم مع أسماء مواطنين بريئين يتعرضون للمساءلة والمضايقات في المطارات"، مؤكداً أن "البطاقة الموحدة ستعتمد على رقم البطاقة التي لا يمكن أن تتكرر مع رقم بطاقة وطنية أخرى".
في هذا السياق، يقول ضابط من قيادة عمليات بغداد لـ "العربي الجديد" إن "وزارة الداخلية أمرت مطلع العام الجاري بعدم اعتقال الذين تتشابه أسماؤهم إلا في حالات تطابق الاسم الرباعي واسم الأم والمواليد واللقب في نقاط التفتيش والمعابر البرية والمطارات، بعدما كانت القوات الأمنية تعتمد على الاسم الثلاثي فقط"، مشيراً إلى أن هذه الطريقة منعت استمرار الاعتقال بسبب تشابه الأسماء، وساعدت في الوصول إلى الكثير من المطلوبين للقضاء.

من جهته، يشير عضو مجلس العاصمة في بغداد سعد المطلبي إلى وجود أخطاء أمنية كثيرة في مختلف المناطق العراقية من جراء اعتماد أساليب قديمة في ملاحقة الإرهابيين والمطلوبين للقضاء، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "قيادة العمليات العسكرية في بغداد ووزارة الداخلية تكرر تجربة التدقيق الأمني في الشوارع مع حصول أي توتر أمني، ما يعرض المواطنين للخوف. ولو أن الإدارة الأمنية اعتمدت على التكنولوجيا الحديثة في التعرف إلى المشتبه بهم لما اعتقل أبرياء".

المساهمون