اعتصام أنصار الصدر ينعش باعة العراق الجائلين

اعتصام أنصار الصدر ينعش باعة العراق الجائلين

18 اغسطس 2022
انتعش عمل الباعة الجائلين في المنطقة الخضراء (مرتضى السوداني/ الأناضول)
+ الخط -

تحولت شوارع المنطقة الخضراء المحصنة في وسط العاصمة بغداد، حيث يقع مقر البرلمان العراقي، وكذلك المناطق المحيطة، إلى مركز اعتصامات واحتجاجات أنصار التيار الصدري الذين أقاموا، فضلاً عن الاحتجاج السياسي، فعاليات دينية وثقافية متعددة خلال الأيام الماضية. بين حشود المحتجين المعتصمين في المنطقة يكثر ظهور الباعة المتجولين، وبعضهم يبيع المناديل أو السجائر أو المشروبات والحلويات، وكلهم يسعى إلى تأمين لقمة العيش بطرق مختلفة.
ويروي الباعة الجائلون لـ "العربي الجديد" تفاصيل يومياتهم في الاعتصام المتواصل، ويؤكدون أن ظروف عملهم تغيرت إلى الأفضل بعد بدء الاعتصام المفتوح في المنطقة الخضراء. يفترش البائع عباس محمد (21 سنة) الأرض قرب حشود المتظاهرين، وينادي على بضاعته التي تضم أنواعاً من العصائر والسجائر. ويقول لـ"العربي الجديد" إنه قرر استغلال التظاهرات لبيع بضاعته التي وجدت سوقاً رائجاً لها في المنطقة الخضراء بدلاً من مكانه السابق على رصيف شارع السعدون بوسط بغداد. ويضيف البائع الشاب أنه غير معني بأسباب وجود هذه الحشود، "همي الوحيد هو بيع بضاعتي للمعتصمين، وأتمنى أن تستمر الاحتجاجات، فالمكان مناسب للبيع، إذ لا يرغب المحتجون بالخروج من المنطقة الخضراء لجلب السجائر، أو المشروبات، ويجدون أن الشراء منا أفضل، ويختصر الوقت والجهد".
إلى جوار عباس يقف الشاب مروان حمزة، وهو لا يتجاوز التاسعة عشرة من عمره، ويبيع على طاولة خشبية يعلقها في رقبته بضاعة مختلفة تضم قداحات وسجائر ورصيد شحن للهواتف النقالة، وغيرها. يقول حمزة إن "ايجابيات هذا الاعتصام بالنسبة لي كثيرة، فقد تحسن عملي، وزاد دخلي أربعة أضعاف عما كان عليه في الأيام السابقة على الاعتصام، وفيما يخص السلبيات، فأعتقد أن هذه الاعتصام سيؤثر على العراقيين في المستقبل القريب، وسينعكس خصوصاً على الطبقة الكادحة الفقيرة التي تتأثر بصراع الأحزاب على السلطة".

وتمكن متظاهرون عراقيون من أنصار زعيم التيار الصدري في 30 يوليو/ تموز الماضي من اقتحام مبنى البرلمان، معلنين بدء اعتصام مفتوح داخله، وجاء هذا بعد أن وصل المتظاهرون إلى داخل المنطقة الخضراء متجاوزين الحواجز الإسمنتية والبوابات، ومستخدمين جرافات في إزالة الكتل الكونكريتية لفتح الطريق.
بدوره، يقول أنس الخفاجي في حديث مع "العربي الجديد" إنه كان عاطلاً عن العمل منذ مدة طويلة بسبب ندرة فرص العمل، لكنه وجد ضالته في المنطقة الخضراء بعد إعلان أنصار التيار الصدري اعتصامهم المفتوح، مبيناً أنه "بعد استطلاع احتياجات المتظاهرين، قررت العمل مع ابني ذي التسعة أعوام في بيع المشروبات الغازية والعصائر الطبيعية المبردة نتيجة الطلب المتزايد عليها من قبل المعتصمين بسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، واستمرار الاعتصام بات يدر عليّ أرباحاً كبيرة مقارنة بما كنت أحصل عليه سابقاً من البيع في الأيام العادية، فعلى الرغم من أنني أبيع للمعتصمين بأسعار غير مبالغ فيها، إلا أن مكاسبي تضاعفت لأن الإقبال على الشراء مرتفع".
وانتشرت صور ومقاطع فيديو للباعة الجائلين داخل البرلمان ومناطق المنطقة الخضراء، وكان عدد منهم يتجولون بين أروقة مجلس النواب لعرض ما يحملونه من طعام ومشروبات وسجائر على المحتجين، بعد تحوّل مبنى البرلمان إلى مكان رزق لهم.

يبيع الشاورما في المنطقة الخضراء (مرتضى السوداني/الأناضول)
يبيع الشاورما في المنطقة الخضراء (مرتضى السوداني/ الأناضول)

وانتقد القيادي المقرب من زعيم التيار الصدري، صالح محمد العراقي، انتشار الباعة الجائلين في داخل مجلس النواب، وقال إنها "ظاهرة غير حضارية". من جانبه، قال الناشط المدني حيدر الكعبي، وهو أحد ناشطي حراك التيار الصدري في المنطقة الخضراء في حديث مع "العربي الجديد"، إن "ساحات الاعتصام في المنطقة الخضراء أصبحت ملاذاً للفقراء، ومصدر دخل للباعة الجائلين الذين رفعوا العلم العراقي جنباً إلى جنب مع القبعات و"التيشرتات" والسجائر والمياه وبعض الأطعمة والحلويات التي يبيعونها للمتظاهرين، في مسعى منهم لمنع طردهم من داخل المنطقة الخضراء".

وأوضح الكعبي أن "اللجنة المشرفة على الاعتصام فرضت خلال اليومين الماضيين قيوداً على الباعة الجائلين، وحصرت بيعهم بمواد معينة، وكذلك حددت مناطق انتشارهم بأماكن معينة، في حين تعهدت اللجنة بتجهيز الطعام للمعتصمين عن طريق مواكب العزاء المقامة بمناسبة ذكرى عاشوراء".

المساهمون