استهداف أراضي بروقين... انتقام جماعي وفرض واقع جديد

رام الله

محمود السعدي

محمود السعدي
22 مايو 2025
حصار وهدم منازل.. إسرائيل تخنق بلدتي بروقين وكفر الديك بالضفة
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قرارين عسكريين يستهدفان بلدة بروقين في الضفة الغربية، لمصادرة أراضٍ لأغراض عسكرية وأمنية، مما يعكس تصعيداً لفرض وقائع جغرافية جديدة بعد عملية إطلاق نار قرب البلدة.
- تُستخدم الأوامر العسكرية كذريعة لفرض سيطرة الاحتلال على الأراضي الفلسطينية، حيث تُعتبر مؤقتة لكنها غالباً ما تُجدد، مما يمنع الفلسطينيين من استخدام أراضيهم ويعزز هيمنة الاحتلال.
- منذ عام 2025، أصدرت إسرائيل 11 أمر "وضع يد" لأغراض عسكرية، ضمن استراتيجية تهدف إلى تطويع الجغرافيا الفلسطينية لصالح الجيش والمستوطنين، مما يهدد مصادر رزق الفلسطينيين.

أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قرارين عسكريين يستهدفان بلدة بروقين في محافظة سلفيت بالضفة الغربية، ضمن سياسة الانتقام الجماعي ومحاولات فرض وقائع جديدة، وشرعت بتجريف تلك الأراضي بعد أقل من 24 ساعة من عملية إطلاق نار وقعت قرب البلدة في مساء 14 مايو/أيار الماضي، قتلت فيها مستوطنة إسرائيلية.

يقول مدير عام التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، أمير داود، لـ"العربي الجديد"، إن "القرارين اللذين صدرا مؤخراً يتضمنان أمر (وضع يد) لأغراض عسكرية وأمر (اتخاذ وسائل أمنية)، ويطاولان نحو 250 دونماً من أراضي الفلسطينيين، في سياق يعكس تصعيداً ممنهجاً لفرض وقائع جغرافية جديدة على الأرض".
ويوضح رئيس بلدية بروقين، فائد صبرة، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الاحتلال الإسرائيلي أبلغت عبر هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، بقرار مصادرة نحو 250 دونماً من أراضي منطقتي الفخاخير والبلاطة في البلدة الواقعة غرب سلفيت. منح الاحتلال مهلة لساعات قليلة للاعتراض على القرار، لكنه بدأ فعلياً بتجريف الأراضي باستخدام 13 جرافة، وجرى اقتلاع الأشجار وشق طرق وتعبيدها، ما يعني أن الإجراءات القانونية كانت شكلية".
ويشير صبرة إلى أن "عمليات التجريف والاستيلاء جاءت بعد أقل من 24 ساعة على عملية إطلاق النار التي وقعت بين بلدتي كفر الديك وبروقين، وأسفرت عن مقتل مستوطنة إسرائيلية. البلدية ستحاول الاعتراض على القرار عبر هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، رغم ضعف فرص نجاح الاعتراض أمام محاكم الاحتلال".
وتواصل قوات الاحتلال منذ وقوع العملية حصارها المشدد لبلدتي بروقين وكفر الديك، وسط مداهمات تخلف واقعاً صعباً يعيشه الأهالي. ويبلغ عدد سكان بروقين نحو 5200 نسمة، ومساحتها نحو 18 ألف دونم، وتُصنف 60% من أراضيها ضمن المناطق "ج" وفق اتفاقية أوسلو، وتقع على أراضيها المنطقة الصناعية الاستيطانية "أرائيل"، ومستوطنة "بروخين".
أما بلدة كفر الديك، فيبلغ عدد سكانها نحو 6500 نسمة، ومساحتها نحو 17 ألف دونم، وتمت مصادرة أكثر من 80% من أراضيها، وتقام عليها مستوطنات "بدوئيل"، و"ليشم"، و"عالي زهاف"، و"هار عالي زهاف"، والمنطقة الصناعية الاستيطانية "أرائيل"، إضافة إلى بؤرتين استيطانيتين أقيمتا خلال السنوات الثلاث الماضية.

انتهاكات الاحتلال متكررة، 20 مايو 2025 (عصام الريماوي/الأناضول)
انتهاكات الاحتلال متكررة، 20 مايو 2025 (عصام الريماوي/الأناضول)

ويوضح أمير داود، أن القرار الأول هو أمر "وضع يد" يستهدف مصادرة 13 دونماً و117 متراً مربعاً في منطقتي الفخاخير والبلاطة ضمن الحوض رقم (2) في بروقين، وهذا الأمر يفرض سيطرة مباشرة لجيش الاحتلال على الأرض بموجب قرار عسكري، بحجة استخدامها لأغراض عسكرية، أما القرار الثاني، المعروف بـ"أمر اتخاذ وسائل أمنية"، فيستهدف مساحة أكبر تبلغ نحو 232 دونماً داخل المنطقة ذاتها، ويتضمن تجريف الأراضي واقتلاع الأشجار غير المثمرة. 
ويضيف داود: "القراران مترابطان، إذ يشكل أمر وضع اليد دائرة مركزية تمتد على 13 دونماً، بينما يشمل أمر الوسائل الأمنية مساحة أوسع تحيط بهذه الدائرة، ما يعني أن قوات الاحتلال ستزيل الأشجار داخل هذه المنطقة. أوامر وضع اليد لأغراض عسكرية تُعتبر وفق ادعاءات الاحتلال، مؤقتة، وعادة ما تستمر لمدة ما بين ثلاثة إلى ست سنوات، مع إمكانية التجديد، لكن الخطورة تكمن في أن هذه الأوامر تحول دون استخدام المواطنين لأراضيهم طوال فترة سريانها، ما يؤدي إلى تبويرها، وفي المستقبل، قد يتم إعلانها (أراضي دولة)، ما يعني الاستيلاء الدائم عليها". 
ويشير إلى أن "محاكم الاحتلال لا تتيح فعلياً فرصة الاعتراض على هذه الأوامر، فرغم وجود نافذة زمنية قصيرة لا تتجاوز يومين لتقديم الاعتراضات، إلا أن المحاكم ترفض النظر فيها بحجة وجود اعتبارات أمنية وعسكرية، وهذا يجعل نسبة قبول الاعتراضات تقترب من الصفر، ما يعزز هيمنة الاحتلال على الأراضي المصادرة. سلطات الاحتلال تستغل الحجج الأمنية، سواء كانت حقيقية أو مفتعلة، لتبرير إصدار مثل هذه الأوامر، وفي حالة بروقين، صدر القراران في أعقاب عملية إطلاق نار، ما يشير إلى أنّ الاحتلال يستخدم الأحداث الأمنية ذريعة لتنفيذ مخططاته".
ويشدد داود على أن "هذه السياسة تُنفذ حتى في غياب مثل هذه الحجج بهدف فرض واقع جديد يخدم أهداف الاحتلال والمستوطنين. هذه الأوامر ليست مجرد إجراءات عسكرية، بل هي رسائل سياسية تهدف إلى ردع أي مقاومة ضد الاحتلال، أو مواجهة لجرائم المستوطنين". 
ومنذ بداية عام 2025، أصدرت إسرائيل 11 أمر "وضع يد" لأغراض عسكرية، توزعت على مناطق مختلفة في الضفة الغربية، وفي عام 2024، بلغ عدد هذه الأوامر 35 أمراً، استهدفت 1073 دونماً من أراضي الفلسطينيين. ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، صادرت إسرائيل نحو 54 ألف دونم تحت ذرائع مختلفة، من بينها 24 ألف دونم بوصفها "أراضي دولة"، و20 ألف دونم بوصفها"محميات طبيعية"، إضافة إلى أوامر استملاك لتوسيع الشوارع، وأوامر "وضع يد" لأغراض عسكرية.

ويشير مدير عام التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إلى أن "هذه الأوامر تندرج ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى تطويع الجغرافيا الفلسطينية لصالح الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، فعلى سبيل المثال، أنشأت إسرائيل بعد السابع من أكتوبر نحو 15 منطقة عازلة حول المستوطنات بقرارات عسكرية مشابهة، ما يمنع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم المحيطة، ويعزز عزل المجتمعات الفلسطينية، ويوسع نطاق السيطرة الإسرائيلية".
وتؤدي هذه الأوامر وفق داود، إلى حرمان الفلسطينيين من استغلال أراضيهم الزراعية، ما يهدد مصادر رزقهم، ويعرض الأراضي للتبوير، ومع تجديد الأوامر العسكرية بذريعة استمرار "الحاجة الأمنية" يصبحون أمام واقع يحول دون استعادة أراضيهم. يعلق: "هذه السياسات ليست جديدة، بل هي جزء من منهجية مستمرة تتبعها إسرائيل لنزع الملكية المؤقتة عبر أوامر وضع اليد، ثم تحويلها إلى مصادرة دائمة".

ذات صلة

الصورة
متطوعو سفينة مادلين المبحرة إلى غزة (إكس)

سياسة

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الثلاثاء، بأنه سيُقتاد عدد من نشطاء سفينة "مادلين" إلى مركز احتجاز، بعد رفضهم التوقيع على وثائق الترحيل.
الصورة
بؤرة استيطانية على نمط الاستيطان الرعوي (العربي الجديد)

سياسة

تشير معطيات إسرائيلية إلى تمدد الاستيطان الرعوي في الضفة الغربية المحتلة بسرعة كبيرة، حيث بلغ عدد المزارع الاستيطانية 133 "بعد أن كان صفراً في عام 2021".
الصورة
سفير كولومبيا في فلسطين خورخي إيفان أوسبينا، 4 يونيو 2021 (Getty)

سياسة

أعلنت كولومبيا عن تعيين خورخي إيفان أوسبينا أول سفير لها في فلسطين، وهو رئيس سابق لبلدية مدينة كالي ومقرب من الرئيس غوستافو بيترو.
الصورة
مدخل مخيم طولكرم بعدما دمرته قوات الاحتلال الإسرائيلي، 19 مايو 2025 (فرانس برس)

سياسة

أفادت وسائل إعلام عبرية بأن وزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي حذروا الدول الأوروبية الرئيسية من ضم الضفة حال أي اعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية.
المساهمون