استديو تصوير متنقل على شاطئ رفح

استديو تصوير متنقل على شاطئ رفح

16 اغسطس 2021
ثلاثي فريق المشروع (محمد الحجار)
+ الخط -

على شاطئ بحر مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حوّل ثلاثة شبان أدوات بسيطة ممزوجة بتصاميم وزينة وإنارة إلى استديو متنقل للتصوير، ما شكّل لفتة غير مألوفة على الشاطئ. وهم ينتظرون حلول موعد غروب الشمس يومياً، كي يتناغم المشهد الجميل مع الإنارة ويلتقطوا الصور قرب الشاطئ نفسه مع الحرص على تغيير مواقع المشاهد.
هذا الاستديو المتنقل هو الأول من نوعه على شاطئ غزة، علماً أنّ مصورين وهواة يتواجدون في أرجائه لالتقاط صور لناس وطباعتها كمصدر رزق لهم. أما الشبان الثلاثة جودت النحال ورزان الشاعر وأمجد العفيفي فأرادوا لفت أنظار أبناء مدينتهم، والحصول على مكسب مالي جيد.
جودت البالغ من العمر 23 عاماً لا يزال يتابع دراسته الجامعية في تخصص العلاقات العامة والتسويق بجامعة فلسطين، علماً أنه مارس أعمالاً عدة من أجل توفير موارد مالية لمتابعة دراسته وإعالة أسرته، وذلك منذ أن كان في الـ 12 من العمر بالتزامن مع دراسته، وشمل ذلك البناء والميكانيك والكهرباء وحتى العمل في سوق خضار.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتعرّف جودت الذي ينتمي إلى أسرة مؤلفة من 9 أفراد، على رزان الشاعر (23 عاماً) خلال عمله في مجال التسويق الإلكتروني، واتفقا على تنفيذ مشروع خاص في ظل مواجهتهما عثرات في التسويق الإلكتروني ومعوقات اقتصادية. 
وشكّل حب جودت لهواية التصوير نقطة انطلاق للمشروع، علماً أنه كان يدأب على التقاط صور عبر استعارة كاميرا من صديقه، والتعلم على اختيار زواياها والإعداد لها عبر موقع "يوتيوب".
وبعدما شكّلا فريقاً تنموياً شبابياً للعمل التطوعي وتنفيذ أنشطة تهُم الشباب خصوصاً في رفح، قرر جودت ورزان إنشاء زاوية خاصة للتصوير من أجل دخول سوق العمل عبر مشروع لا سابق له على صعيد الموقع، باعتبار أن زوايا تصوير عدة تنتشر داخل تجمعات ومراكز تجارية كبيرة في غزة. وفكرا بتنفيذ فكرة زاوية متنقلة على شاطئ رفح الذي يفتقر إلى أنشطة التصوير باعتباره يقع أقصى جنوب القطاع.

الصورة
موقع جميل على شاطئ رفح (محمد الحجار)
موقع جميل على شاطئ رفح (محمد الحجار)

أطلق المشروع في مطلع يوليو/ تموز الماضي. ولاحظ جودت في البداية أن الإقبال كان جيداً أحياناً وضعيفاً في أحيان أخرى، بسبب تأثر الناس بالظروف الاقتصادية. لكن الاندفاع في العمل استمر من خلال تطوير الاستديو، رغم عدم وجود أي دعم من جهات رسمية أو مؤسسات تهتم بشؤون الشباب.
يقول جودت لـ"العربي الجديد": صنعنا زاوية جدران الاستديو والمقاعد من أخشاب المشاطيح التي تستخدم في تثبيت بضائع مستوردة، واستخدمنا أدوات بسيطة جداً لخلق جمالية للمكان، مثل أسلاك إنارة وتحف رمزية وهدايا صغيرة وإكسسوارات تواجدت في منازلنا. وشهد الاستديو إقبالاً جيداً في البداية، وحددنا سعر الصورة الواحدة بـ 3 شواكل (0.9 دولار)".

الصورة
فرحة طفلة بالتصوير (محمد الحجار)
فرحة طفلة بالتصوير (محمد الحجار)

خضعت رزان الشاعر، التي تخرجت قبل ستة أشهر من كلية إدارة الأعمال والمحاسبة من جامعة القدس المفتوحة، لتدريبات في بنوك ومكاتب للمحاسبة والبرمجة، لكنها فضلت العمل في مشروع زاوية التصوير باعتباره فكرة لافتة وجذابة. وارتأت في مرحلة أولى العمل مع إحدى صديقاتها، ثم تعاونت مع زميلها جودت من أجل تلبية طلبات الزبائن الشبان الذين يفضلون تصوير شاب لهم، وتلك الخاصة بالنساء اللواتي يفضلن لمسات تصوير أنثوية.
وتطور رزان زوايا التصوير أسبوعياً على نفقتها الخاصة، في ظل عدم نيل المشروع أي دعم من مؤسسة لدعم الشباب. لكنها تشعر بسعادة كبيرة حين تلتقط صوراً لأطفال وفتيات صغار، وتعتبر أن خلق ابتسامة على وجوههم هو النقطة الفارقة التي تدفعها إلى مواصلة المشروع رغم التحديات، واضطرارها أحياناً إلى إنارة الاستديو من مولدات مقاهٍ تنتشر على شاطئ البحر.

الصورة
صورة للذكرى في وقت الغروب (محمد الحجار)
صورة للذكرى في وقت الغروب (محمد الحجار)

تقول رزان لـ"العربي الجديد": "بعض الناس لا يرغبون في نشر صورهم على صفحة الاستديو على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً الفتيات، فيما نجد صعوبات في اختيار الأماكن، إذ يرفض البعض وضع الزاوية قرب مقاهٍ ومطاعم لاعتقادهم بأننا نعيق أعمالهم، لكننا نتمسك بمواصلة المشروع، وتطوير الزوايا بما يتلاءم مع موسم الأعياد ومناسبات الأفراح وأنشطة الأَطفال وغيرها". تضيف: "لا يملك بعض الناس مبلغ 3 شواكل (0.9 دولار) لدفع ثمن صورة واحدة أو 5 شواكل (1.2 دولار) لدفع ثمن صورتين. لكن أشخاصاً لا يترددون في دفع المال لالتقاط صورة جميلة لهم عند شاطئ مدينة رفح". وتشير إلى أن "الشباب في غزة لا يحصلون على دعم متواصل لمشاريعهم، علماً أن مؤسسات كثيرة تنشر أنها تدعم مشاريع الشباب". 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

ويطمح الشبان الثلاثة إلى فتح استديو ثابت على شاطئ بحر غزة، وتخصيص مكان ملائم له والحصول على عقد إيجار من بلدية رفح لتأمين إطلالة للتصوير على شاطئ البحر مباشرة، وكذلك تخصيص أقسام منه للمتزوجين والأطفال والأفراح والمناسبات السعيدة. وهم سعوا إلى تنفيذ مشروع مشابه وسط مدينة غزة، لكن شاطئ رفح يشكّل نقطة أكثر جاذبية بالنسبة لهم من أجل المزج بين الصور الملتقطة وجمال الشاطئ.

المساهمون