استجابة طارئة وجهود إنسانية مكثفة في حلب

03 ديسمبر 2024
عناصر الإنقاذ والإسعاف يعملون في حلب (عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد حلب استنفاراً من المؤسسات الخدمية والكوادر الصحية وفرق الدفاع المدني، مع دعم طبي من مديرية صحة إدلب للمستشفى الجامعي، استجابةً للأوضاع الإنسانية المتدهورة بسبب التصعيد العسكري.
- تعمل "الخوذ البيضاء" على مساعدة المدنيين في حلب، بإزالة مخلفات الحرب وتأمين الطرق، مع خطة لزيادة المتطوعين وتنفيذ حملة "أمان العائدين"، لحماية المدنيين وتقديم الخدمات.
- تواجه حلب تحديات في توفير المياه والخبز، مع جهود لتوزيع المساعدات الغذائية والطبية، رغم شكاوى السكان من عدم التوزيع العادل للخبز.

تشهد مدينة حلب في شمال غرب سورية استنفاراً واسعاً بين أفراد المؤسسات الخدمية والكوادر الصحية وفرق الدفاع المدني، وبعضها وصل إلى المدينة من محافظة إدلب، في إطار الاستجابة لتطورات الأوضاع الإنسانية بعد تكرار الضربات الجوية عليها، ضمن عمليات استجابة طارئة لمعالجة الأزمات الخدمية والصحية وإصلاح البنى التحتية.
توجهت عدة فرق طبية تابعة لمديرية صحة إدلب إلى المستشفى الجامعي في حلب، لتوفير الخدمات الطبية، ومحاولة تخفيف العبء عن الكوادر العاملة في المدينة، كما تحركت فرق بحث وإنقاذ وفرق أخرى تابعة للدفاع المدني السوري باتجاه المدينة لتقديم المساعدة وإزالة مخلفات الحرب.
وقالت مديرية صحة إدلب في بيان صدر أمس الاثنين: "في إطار الجهود المستمرة لتعزيز قدرات النظام الصحي ومواجهة التحديات الإنسانية، وصل فريق من مديرية صحة إدلب إلى مستشفى حلب الجامعي لتسليم مجموعة من المستهلكات والمستلزمات الطبية والأدوية. تأتي هذه الخطوة جزءاً من الاستجابة الطارئة للظروف الصعبة التي يواجهها القطاع الصحي نتيجة التصعيد العسكري لقوات النظام على المنطقة، والذي أثر بشكل مباشر على المرافق الصحية، وزاد من الضغط على الكوادر. نسعى من خلال هذه الاستجابة إلى ضمان استمرارية تقديم الخدمات الصحية للمرضى والمصابين، خاصة في ظل نقص الموارد، والتحديات الميدانية التي تواجهها المرافق الصحية".


وتعمل منظمة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء" ضمن خطة لمساعدة المدنيين في مدينة حلب والمناطق المجاورة التي سيطرت عليها قوات المعارضة. ويقول عضو مجلس إدارتها أحمد يازجي لـ"العربي الجديد": "توجهت فرق الإسعاف والبحث والإنقاذ المزودة بالكلاب المدربة إلى مدينة حلب، وجاءت هذه الاستجابة نتيجة الغارات الجوية. التحدي الأكبر أمني، إذ تحتاج المدينة إلى انتشار أمني واسع، وحجم المجازر التي نتوقع أن يرتكبها النظام كبير، لذا نحاول إدخال فرق البحث والإنقاذ في المقام الأول. ليلة الأول من ديسمبر/كانون الأول، استهدفت طائرات حربية روسية الكنيسة الإيطالية في حي الفرقان قرب مشفى الجامعة، وتمكنت فرقنا من إخماد الحريق".
ويضيف: "لدينا خلال الأيام القادمة خطة مؤلفة من عدة مراحل تتضمن ضخ أعداد أكبر من المتطوعين، إضافة إلى حملة (أمان العائدين) لتنظيف المناطق من مخلفات الحرب وتأمين الطرق. يتركز العمل حالياً في ريف حلب الغربي وأطراف مدينة حلب وريفي إدلب الشرقي والشمالي، مع التركيز على الحفاظ على الأرواح قدر المستطاع ومساعدة السكان. يمثل المدنيون أولويتنا في كافة المناطق الجغرافية التي نستطيع الوصول إليها، ونسعى إلى حمايتهم من مخلفات الحرب، وتقديم الخدمات لهم، وبدأت الفرق الخدمية عملها في حلب بتنظيف المناطق المتضررة من القصف، بما في ذلك محيط المشفى الجامعي".

عناصر من "الخوذ البيضاء" في مدينة حلب (عمر حاج قدور/فرانس برس)
وصلت عناصر من "الخوذ البيضاء" للعمل في حلب (عمر حاج قدور/فرانس برس)

بدوره، أكد وزير الداخلية في حكومة الإنقاذ التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، عبر تطبيق تليغرام، أن العمل متواصل لضبط الأمن في مدينة حلب، موضحاً: "استنفرنا كافة وحداتنا لتأمين أهلنا في مدينة حلب وريفها، ونقوم بتسيير دوريات لبسط الاستقرار، وجاهزون لتلقي أية بلاغات، كما قمنا بنشر الحواجز في مختلف الطرق الرئيسة لضمان الأمن المنطقة والحفاظ عليها".
يقول عبد المجيد العمر (44 سنة)، من مدينة حلب، لـ"العربي الجديد": "المياه وصلت إلينا أمس عبر الشبكة بعد أن انقطعت لفترة، وهي في الوقت الحالي متوفرة. بعض الأحياء لا تزال المياه مقطوعة فيها حسب ما عرفته من أقرباء لي في المدينة، لكنهم يترقبون عودتها. الخبز أيضاً متوفر، ويوم الأحد الماضي، جرى توزيع الخبز عبر شاحنات صغيرة في الأحياء، كما عاد الكثير من الصيدليات للعمل، وننتظر أن تتحسن الأمور بشكل أفضل في ما يخص الاتصالات، وهي تعمل أيضاً، والمثير أن المؤسسة السورية للاتصالات التابعة للنظام أصدرت الفواتير، وطالبت بتسديدها".
في المقابل، يشكو بعض السكان من عدم الحصول على الخبز. يقول الخمسيني حسام طه لـ"العربي الجديد": "الأفران عادت إلى العمل، لكني لم أحصل على الخبز بسبب عدم التزام أصحاب الأفران بالتوزيع العادل للحصص. نريد أن يتم ضبط الخدمات في المدينة، فقد بقيت أنا وعائلتي ثلاثة أيام من دون خبز. أرسلوا لنا خبزاً من إدلب، لكن الكميات نفدت فور وصولها. وأصحاب الأفران يتعاملون بالمحسوبيات كما اعتادوا في السابق، والتوزيع يبدأ بالأقارب".

وتقول مرام البكري، المقيمة في مساكن هنانو، لـ"العربي الجديد": "فرحت بالتخلص من حكم نظام الأسد القمعي، رغم أن أطفالي الثلاثة باتوا من دون عشاء ليلة الأحد. الحياة حالياً متوقفة في حلب، وتأمين الخبز سيكون المهمة الأصعب، وقد لجأت إلى مؤونة المنزل، وأستخدم الأرز والبرغل والمعكرونة والبطاطا لإطعام أطفالي ريثما تتوفر المواد الغذائية والخبز في الأسواق بكميات أكبر، فالزحام على الخبز وقلة الأفران التي عادت إلى العمل يحرمان كثيرين من الحصول عليه".
وبدأت العديد من الفرق الإنسانية العمل في مدينة حلب. يقول مدير المشاريع الإنسانية في "فريق ملهم" فيصل السويد لـ"العربي الجديد": "استنفر الفريق كافة قدراته وأعضاءه للعمل في حلب منذ أول يوم لسيطرة قوات المعارضة عليها، ووزعنا أكثر من ألف كيس خبز في أحياء حلب الجديدة وسيف الدولة، إضافة إلى إمداد عدد من المشافي بالتجهيزات والمستلزمات الطبية المختلفة، وما زال العمل مستمراً لتأمين كافة احتياجات الأسر حتى عودة الحياة إلى طبيعتها في المدينة".

المساهمون