اختفاء الأطفال "الزوهريين" يُؤرّق المغاربة

اختفاء الأطفال "الزوهريين" يُؤرّق المغاربة

27 ديسمبر 2020
هل تكون من الأطفال الزوهريين؟ (راشيل باغولا/ Getty)
+ الخط -

تكثر جرائم خطف الأطفال الزوهريين في المغرب خلال الآونة الأخيرة بهدف العثور على كنوز، الأمر الذي يقلق الأهالي.

"لم نترك مكاناً في المدينة إلا بحثنا فيه. وكلما سمعنا خبراً عن العثور على جثة طفل زوهري تم التبليغ عن اختفائه، زاد خوفنا وأجهضت آمالنا بعودته إلى البيت حياً"، يقول الواهبي لـ"العربي الجديد"، كاشفاً عن جزء من معاناته المستمرة من جراء اختفاء ابنه في ظروف غامضة من أمام بيته في مدينة القنيطرة (غرب الرباط).
قبل ثلاث سنوات، تحوّلت حياة الواهبي وأسرته إلى جحيم وقد عانى نفسياً واجتماعياً على أمل العثور على طفله معاذ البالغ من العمر 6 سنوات. يقول: "انقلبت حياتنا رأساً على عقب منذ اختفائه من أمام البيت حيث كان يلعب. لكن ما يحز في نفسي هو أننا لم نأخذ في الاعتبار تحذير الأقارب والجيران من تركه وحيداً قبل اختفائه". يتابع: "نأمل أن يعود إلى حضن أسرته سالماً. لكن كل المؤشرات تدل على أنه كان ضحية لعصابات البحث عن الأطفال الزوهريين لاستخراج الكنوز، بسبب وجود حول طفيف في عينيه وخط عرضي وسط يده". 
وتقول بعض الخرافات والقصص المتداولة في الموروث الشعبي إن هؤلاء الأطفال "الاستثنائيين" لهم قدرات خارقة في استخراج الكنوز المدفونة في باطن الأرض.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وفي وقت ما زال لغز اختفاء الطفل معاذ يحير أسرته، توالت خلال الأسابيع الماضية أخبار عن اختفاء أطفال اختطفوا من قبل عصابات البحث عن الكنوز، ما خلق جواً من الخوف بين المواطنين. في السابع عشر من أغسطس/ آب الماضي، اختفت الطفلة نعيمة، لتبدأ أسرتها في البحث عنها على مدى 40 يوماً قبل العثور على بعض من عظامها وملابسها مدفونة على بعد كيلومترات من دوار تفركالت في إقليم زاكورة حيث تقطن عائلتها. واتُهمت عصابات البحث عن الكنوز باختطافها، علماً أن الطفلة كانت من ذوي الإعاقة، وكانت تجد صعوبة في المشي. 
وفي 12 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، عثر على جثة الرضيعة إلهام، البالغة من العمر عاماً ونصف العام، في إحدى الغابات المحيطة بمقرّ سكن أسرتها في منطقة تيولي التابعة جغرافياً لاقليم جرادة، والقريبة من مدينة وجدة (شرقي المغرب)، وذلك بعد مرور نحو 22 يوماً من اختفائها. ورجح أهالي المنطقة أن تكون وراء عملية الخطف عصابة تبحث عن الكنوز، وخصوصاً مع اكتشاف حفر عديدة على امتداد الطريق التي سلكها الأهالي خلال عملية البحث.
وأعاد العثور على جثة الرضيعة إلهام إلى الأذهان حوادث سابقة لاختطاف أطفال بهدف استخراج الكنوز، والتي أثارت قلقاً في المغرب. ويتعلق الأمر بحوادث اختطاف أطفال يتميّزون بـ"سمات خاصة"، يُطلق عليهم اسم "الزوهري"، لاستغلالهم من قبل مشعوذين في عملية استخراج الكنوز.

الصورة
أطفال في كازابلانكا (Getty)

ويشيع لدى المنقّبين والمشعوذين أنّ الطفل الزوهري لديه انفلاق لسان على شكل طولي غير مُتعرج، وما يُشبه الخط العرضي في وسط اليد، بالإضافة إلى حول في العينين ولون دم مختلف وغير ذلك. هذه الصفات، إذا وجدت في طفل ما، تشير إلى أنه يمكن استخدامه أو الاستعانة به في البحث عن الكنوز.
وعادة ما يقوم المشعوذون بإحداث جروح في جسد الطفل "الزوهري"، بعد نقله إلى مناطق مهجورة، ثم يشرعون في الطواف به في بقعة معينة. وحينما يتوقف نزيفه، يبدأون بالحفر بحثاً عن كنوز. وغالباً ما يتسبب هؤلاء السحرة في إصابة الضحايا بنزيف لا يتوقف إلا بعد أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وفي وقت أثارت عودة حوادث اختطاف الأطفال الزوهريين قلق المغاربة، والتي تزامنت مع حالات اختفاء أطفال آخرين عثر على جثث بعضهم، سارعت هيئات حقوقية إلى المطالبة بتفعيل الدور الاستباقي للنيابة العامة في قضايا خطف الأطفال، من خلال تحريك جهاز الشرطة بهدف البحث عن الأطفال خلال 24 ساعة بعد التبليغ، وتطبيق ما يسمى بـ"آلية الإنذار بالاختطاف"، من خلال منح معلومات عن المختفين لوسائل الإعلام.
في هذا الإطار، يقول رئيس جمعية منتدى الطفولة عبد العالي الرامي، إن تكرار حوادث اختفاء الأطفال "الزوهريين" بين الحين والآخر يدق ناقوس الخطر، مطالباً باتخاذ تدابير عاجلة من قبل الحكومة لمكافحة ظاهرة الخطف، وإنشاء نظام للتبليغ والإنذار، وإطلاق حملات توعية وطنية تستهدف الأطفال والعائلات في المنازل، والمدارس، والأحياء، والأماكن العامة، والمساحات المخصصة للأطفال، والأسواق، والملاعب الرياضية.
ويؤكد الرامي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على ضرورة اتخاذ وتطبيق إجراءات عاجلة من قبل السلطات الأمنية، وسن قوانين ردعية وشرعية لإيقاف هذه الجرائم، وضمان الحماية اللازمة للأطفال.
من جهته، يرى رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، بوبكر أونغير، أن قضية خطف الأطفال وقتلهم، خصوصاً الزوهريين، تشير إلى تراجع القيم في المجتمع المغربي، وضرورة التصدي للظاهرة من النواحي الأمنية والنفسية والاجتماعية. ويطالب، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، بضرورة فتح نقاش مجتمعي للحد من هذه الظاهرة، بالإضافة إلى دراستها اجتماعياَ لفهم جذورها وتداعياتها، وخصوصاً أنها تسيء إلى صورة البلاد.

المساهمون