استمع إلى الملخص
- هناك مخاوف من أن يكون الاتفاق مؤقتاً ويخدم مصالح الاحتلال فقط، حيث يعبر الفلسطينيون عن شعور متناقض بين الفرح والشك، ويأملون في ضمان عدم عودة الحرب بعد تبادل الأسرى.
- التحدي الأكبر هو تنفيذ الاتفاق على الأرض، حيث يعيش النازحون حالة ترقب، متمنين أن يكون الاتفاق بداية لإعادة بناء غزة وتأمين حياة كريمة، مع الحاجة إلى جهد دولي لضمان عدم تكرار المآسي.
يبعث اتفاق غزة نسمة أمل في حياة الفلسطينيين من دون أن يزيل شعور القلق والتوتر من تفاصيله. وما يريدونه هو انتهاء القتل بعدما دخلت الحرب عامها الثالث قبل يومين.
في الساعات الأولى من فجر اليوم الخميس أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في غزة، ثم أكدت حركة "حماس" وفصائل فلسطينية والوسطاء هذا الأمر، وأوضحت أن الاتفاق يشمل انسحاب الاحتلال من غزة، ودخول الساعدات، وتبادل الأسرى. وفي الدقائق الأولى للإعلان احتفل فلسطينيون بهذا الأمر. وحتى قبل الإعلان الرسمي ظهرت مؤشرات لقرب التوصل لاتفاق، وتفاعل الأهالي مع الحدث بسعادة كبيرة.
وقال الفلسطيني أحمد المهتدي، النازح من مخيمات المنطقة الوسطى والذي فقد بيته بالقصف الإسرائيلي، لـ"العربي الجديد": "أشعر بكثير من الأمل. قد تكون هذه هي الفرصة الأخيرة لوقف كل هذا الدمار، ورؤية غزة تعود كما كانت. نرجو أن يكون هذا الإعلان وقف تام للحرب، وألا تعود". تابع: "أنتظر مع أطفالي بفارغ الصبر وقف إطلاق النار، لكننا نريد أن نرى النتائج. إذا أنهت هذه الخطة الحرب، فهذا ما نتمناه فعلاً، لأننا نريد أن نعود إلى مناطقنا السكنية حتى إذا كانت مدمرة، وتكفي خيمة في جوار منزلنا المدمّر، فنحن نعيش في خيمة بمنطقة زراعية مهددة بالغرق في الوحل مع حلول فصل الشتاء".
ورغم الأمل الذي بات يسيطر على تصرفات أهالي غزة ومشاعرهم، لكنهم يبدون مخاوف من أن الخطة الأميركية قد تكون حلاً مؤقتاً يخدم مصالح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو فقط، من دون أن يحقق العدالة للشعب الفلسطيني على المدى البعيد. وقال الشاب العشريني هيثم علي، الذي نزح من مدينة غزة إلى الزوايدة، لـ"العربي الجديد": "أعيش شعوراً متناقضاً بين الفرح والشك، وقد مررت في السابق بإحباط عميق بعدما تعثرت المفاوضات السابقة، وحالياً لن أصدق إلا ما سيحصل على أرض الواقع".
وأضاف: "الأمل كبير في أنّ ينجح الجميع باجبار نتنياهو على عدم العودة إلى الحرب بعد أخذ أسراه. نريد أن نعيش كما كل الناس في أمن وأمان وحياة جيدة".
وتسود بين صفوف النازحين الفلسطينيين في المدارس والملاجئ المؤقتة، حالة من الترقب الحذر، وتتطلع العائلات التي فقدت منازلها ودُمّرت ممتلكاتها بالكامل إلى العودة إلى مناطقها من دون أن يملكوا أي تصوّر لكيفية تنفيذ عملية إعادة الإعمار، أو إذا كانت المفاوضات التالية ستنجح في تحقيق هذا الهدف. وقالت هالة أهل، التي نزحت مع أطفالها من حي التفاح شرق غزة إلى المناطق الغربية لمدينة دير البلح وسط القطاع، لـ"العربي الجديد": "أشعر بحيرة. هناك فرحة خفيفة في قلبي، لكنني لا أستطيع في نفس الوقت أن أصدق أن الحرب ستنتهي. كلما اقتربنا من العودة إلى بيوتنا تظهر ضغوط جديدة، وتضيع آمالنا. البيت الذي كان لنا أصبح الآن مجرد ذكرى وسط الأنقاض". تابعت: "رغم الواقع الصعب والخذلان العميق الذي أصابنا منذ بدء العدوان نتيجة الانتكاسات المتكررة، نأمل في أن ينتهي العدوان، وأن تعود الحياة إلى وضعها الطبيعي كي نستطيع لملمة جروحنا، وبدء البناء بعد الكم الهائل من الدمار والدم".
من جهتها، قالت ابتهال ديب التي فقدت طفلها أحمد (7 سنوات) في قصف إسرائيلي استهدف منزل جده في حي تل الهوى جنوب مدينة غزة لـ"العربي الجديد": "كل ما نتمناه ألا يكون الاتفاق مجرد هدنة مؤقتة، بل بداية حقيقية لإنهاء العدوان وفتح باب إعادة بناء غزة، وتأمين حياة كريمة للناس. يجب أن نكون حذرين، لكن لا يمكن أن نغلق أعيننا عن الفرصة المتاحة".
وقالت فاطمة المنيراوي لـ"العربي الجديد": "اعتدنا على وعود كثيرة لم تتحقق، وإذا كانت الأمور ستتغير هذه المرة سنعود إلى بيوتنا لاستعادة الشعور بالأمان. حين كنا في بيتنا في حي الشيخ رضوان، كانت أشياء بسيطة تجعلني أشعر بالراحة. شرفة البيت، رائحة الطعام، حتى صوت الجيران والأطفال، الآن نحن في مأوى ضيّق مع عشرات العائلات، ونأمل أن ينتهي هذا الكابوس فوراً".
ورغم التفاؤل الحذر يتمثل التحدي الأكبر في كيفية تنفيذ الاتفاق على الأرض، فالعواقب الإنسانية والاقتصادية للعدوان المدمّر هائلة، وستكون هناك حاجة إلى جهد دولي حقيقي لإعادة بناء غزة في شكل يضمن ألا تتكرر هذه المآسي في المستقبل.