استمع إلى الملخص
- يعاني الناجون من ظروف صحية سيئة، حيث أصيب 340 منهم بمرض السل بسبب الإهمال في السجون، ويصف المعتقل السابق عبّادي سعيد غدي تجربته المؤلمة في سجن صيدنايا.
- أثارت فعاليات تأسيس الرابطة استياء السوريين، حيث اعتبروا العروض الترفيهية والإعلانات التجارية استغلالاً لمكان شهد معاناة كبيرة، ودعوا إلى مقاطعة هذه الفعاليات.
أُطلقت، اليوم الجمعة، رابطة معتقلي الثورة السورية في ساحة سجن صيدنايا المعروف باسم "المسلخ البشري"، شمالي العاصمة دمشق، بحضور مئات الناجين من المعتقلات إلى جانب شخصيات سورية ناشطة في المجال الحقوقي والإنساني. يُذكر أنّ جميع القائمين على تأسيس الرابطة وإدارتها هم من الناجين من معتقلات نظام الأسد.
يقول رئيس المكتب التنفيذي في رابطة معتقلي الثورة السورية شادي قطيش لـ"العربي الجديد" إنّها "تقوم على مبادئ التضامن والعدالة للناجين والمفقودين، عبر المطالبة بحقوق المفقودين ودعم الناجين اقتصادياً وصحياً واجتماعياً". يضيف: "نحن لسنا مجرّد مؤسسة، بل نحن صوت المفقودين وأهاليهم الذين عانوا من مآسٍ كثيرة، في ظلّ غياب المنظمات الدولية والحقوقية وتخاذلها". ويشير قطيش إلى أنّه "بعد الخروج من المعتقل، فإنّ أكثر ما يحتاج إليه الناجي هو الرعاية الصحية، لكن للأسف لم نحظَ حتى الآن بالترحيب المرجوّ، سواء من المستشفيات العامة أو الخاصة"، مؤكداً أنّ "كثيرين من أعضاء التجمّع في حاجة إلى تدخّلات طبية مستعجلة وعمليات جراحية".
وتفيد البيانات المتوفّرة حالياً، مع انطلاق رابطة معتقلي الثورة السورية اليوم، بأنّ عدد المنتسبين إليها بلغ 1.472 شخصاً من الناجين أو من عائلات المفقودين، 340 منهم مصابون بمرض السلّ، ويعود ذلك إلى الظروف الصحية السيئة في السجون والإهمال.
لكلّ شخص من مئات السوريين الحاضرين قصّته، فيما يتشاركون جميعاً في المعاناة من الظلم وقسوة الظروف اللاإنسانية وغياب الحقوق والحريات. التقى "العربي الجديد" المعتقل السابق عبّادي سعيد غدي، من القلمون الشرقي بريف دمشق، الذي كان يحمل الرقم 22685 في سجن صيدنايا، وجال معه في ممرّات السجن وغرف التحقيق ومكان اعتقاله، مع غصّة في القلب ودموع في العينَين.
يخبر غدي "العربي الجديد": "كنت هنا، في قسم مرضى السلّ، حيث الموت. لا حياة هنا". يضيف أنّ "خروجنا من هنا كان معجزة"، مشيراً إلى أنّ "مرض السلّ بالنسبة إلينا كان مثل الرشح (نزلة البرد) أو السعال في خارج السجن. وكان المسؤول عنّا يقول: من يحتضر أو يموت فهو مريض، أخبروني عنه. أمّا كسر القدم أو فقدان العين أو كسر الجمجمة فتلك ليست أمراضاً، لا تخبرونا عنها". وقد اعتُقل غدي بسبب هروبه من سورية لرفضه الالتحاق بالخدمة العسكرية الاحتياطية في عام 2021. هو اعتُقل عند الحدود السورية اللبنانية، بالقرب من محافظة حمص، ثمّ نُقّل بين الأفرع الأمنية السورية لمدّة عام كامل، قبل أن يُودَع في النهاية سجن صيدنايا، حيث بقي إلى حين سقوط نظام الأسد.
في سياق متصل، يقول رئيس جمعية الهلال الأحمر العربي السوري حازم بقلة لـ"العربي الجديد": "لدينا في المنظمة فريق خاص بملفّ الناجين من المعتقلات والمخفيّين قسراً من كلّ المحافظات السورية. ونوليه اهتماماً كبيراً، بالتعاون مع منظمات دولية، لتأمين الدعم الطبي الجسدي والنفسي وكذلك الدعم الاقتصادي والاجتماعي". ويؤكد أنّ "ملفّ المعتقلين ملفّ شائك، والجريمة كبيرة. حتى الآن، لم نستطع إحصاء الأرقام بدقّة، سواء للمفقودين أو الناجين. ونحن في الهلال الأحمر العربي السوري، كان لدينا معتقلون في سجون النظام السوري السابق، وقد أضفناهم إلى قائمة الشهداء بعد التحرير".
تجدر الإشارة إلى أنّ فعاليات تضمّنت فرقة عراضة شامية وإعلانَين لشركة بيع قهوة وشوكولاتة في موقع سجن صيدنايا، من ضمن إعلان تأسيس رابطة معتقلي الثورة السورية اليوم، أثارت استياءً بين السوريين الذين انتقدوا إقامة هذه الفعاليات في باحة السجن، الذي يُعرَف بأنّه مسلخ بشري، ودعوا إلى مقاطعتها.
في هذا الإطار، كتب وسيم الإخوان في منشور على منصة إكس: "إعلانات لشركات مواد غذائية وعراضة أمام سجن صيدنايا.. تريدون كسب المال وزيادة أرباحكم من أمام هذا المكان الذي قُتل فيه الآلاف وتمّ كبسهم في المسالخ البشرية.. ألم تتابعوا الحماقة المرتكبة عند طلاء أحد السجون في اللاذقية التي أزعجت كلّ السوريين.. ألا تخجلون من أنفسكم".