إدلب: تحذيرات من كارثة إنسانية مع انقطاع تمويل بعض المستشفيات

إدلب: تحذيرات من كارثة إنسانية مع انقطاع تمويل بعض المستشفيات

19 أكتوبر 2021
إلى متى يصمد هذا المستشفى؟ (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
+ الخط -

 

توقّف أخيراً دعم عدد من المستشفيات والمراكز الصحية في المنطقة غير الخاضعة لسيطرة النظام السوري في محافظة إدلب شمال غربي سورية، في حين تواصل الكوادر الصحية العمل بشكل تطوّعي إلى جانب جهود تبذلها مديرية الصحة في إدلب لإيجاد حلّ لأزمة التمويل التي تنعكس بدورها بشكل سلبي على سكان المنطقة.

يوضح رئيس دائرة الرعاية الثانوية والثالثية في صحة إدلب ومسؤول المستشفيات الطبيب يحيى نعمة لـ"العربي الجديد" أنّ "عدد المستشفيات التي توقّف دعمها في الوقت الحالي هو تسعة، في حين لم تتوقّف عن العمل، إذ تستمرّ من دون أجر. وهو ما يمثّل تضحيات من قبل العاملين فيها، مع دعم من مديرية الصحة التي تؤمّن الأدوية وغيرها من المستلزمات". ويشير في هذا الإطار إلى "توقّف مستشفى الإخلاص في الجانودية (ريف إدلب الغربي) بشكل كامل عن العمل". يضيف نعمة أنّ "سبب توقّف الدعم هو انتهاء المشاريع وتقليص المنح من المنظمات الداعمة ومنظمة الصحة العالمية المخصصة لمنطقة شمال غربي سورية. وبسبب طبيعة المنح التي تُشغّل هذه المشاريع، كونها منحاً محدودة الزمن ومعدومة الكيفية، تنتهي المشاريع".

ويقول نعمة: "للأسف، لا استقرار في تشغيل المنشآت الطبية في المنطقة، والطاقة الاستيعابية لمستشفياتها تصل إلى نحو 275 سريراً، مخصصة لأمراض الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أجنحة للرجال. وتوفّر هذه المستشفيات شهرياً ما يفوق 80 ألف خدمة طبية، لذا فإنّ توقّف العمل فيها يعمّق الفجوة الصحية في المنطقة، على الرغم ممّا تعانيه من نزوح وضعف في القدرة المعيشية للمواطن هنا، بالتزامن مع تفشّي فيروس كورونا الجديد". ويؤكد نعمة أنّ "لا بدائل متوفرة في الوقت الحالي، ولا يمكن الإتيان إلا بالجهود التي تبذلها صحة إدلب من رفع الاحتياجات وتقييم الحالة ورفع مشاريع للجهات المانحة وعقد اجتماعات مع جميع المهتمّين بالشأن السوري لوضعهم أمام مسؤولياتهم وتخصيص منح طارئة لإعادة تفعيل المنشآت ودعمها".

ويعتمد القطاع الصحي في شمال غربي سورية على الدعم المقدّم من قبل المانحين الدوليّين عن طريق المنظمات الإنسانية العاملة في إدلب، وفق ما يصرّح مدير صحة إدلب الطبيب سالم عبدان لـ"العربي الجديد". ويوضح أنّه "لا يُوفَّر دعم ذاتي مستدام لهذا القطاع، إذ إنّ دعم أيّ مستشفى أو مركز صحي يكون بشكل مشروع لفترة محددة تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة واحدة. وعند انتهاء مدّة المشروع يتوقّف تمويل المستشفى أو المركز الصحي".

ويقول عبدان إنّ "مسؤولية البحث عن تمويل لهذه المستشفيات والمراكز الصحية تقع على كاهل مديرية صحة إدلب التي تبحث مع المنظمات الداعمة (عن طريق قطاع الصحة التابع لمنظمة الصحة العالمية) عن مانح لمستشفى أو مركز صحي ما. وفي الوقت الحالي وفي ظلّ موجة كوفيد-19 التي تشهدها المنطقة وعدم توفّر أيّ دعم لمواجهة الوباء حتى الآن من قبل منظمة الصحة العالمية والمانحين، انتهت فترة دعم مستشفيات كثيرة بانتهاء مشاريعها التي لم تُجدّد، الأمر الذي يزيد العبء على القطاع الصحي".

أمّا المستشفيات التي توقّف تمويلها، فيعدّدها عبدان: "مستشفى الرحمة دركوش وهو من أكبر وأهم المستشفيات في محافظة إدلب، ومستشفى السلام للنسائية والأطفال في حارم، ومستشفى كفرتخاريم للنسائية والأطفال، ومستشفى باريشا للعينية، ومستشفى المدينة للنسائية والأطفال في كللي، ومستشفى الإخاء للنسائية والأطفال في أطمة، ومستشفى الإخلاص للنسائية في الإسحاقية ريف الجسر". ويشير عبدان إلى أنّ "عمل هذه المستشفيات مستمرّ في الوقت الحالي بالحدّ الأدنى وبشكل تطوّعي حتى انتهاء المواد التشغيلية لديها، ما عدا مستشفى الإخلاص الذي أُغلقت أبوابه ومستشفى إنقاذ روح الذي توقّف دعمه كذلك، ومستشفى باريشا. وذلك في حين أنّ المانحين الدوليين قد خفّضوا بشكل كبير ما يقدّمونه في شمال غربي سورية في هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة".

وعن وسائل دعم القطاع الصحي، يوضح عبدان أنّها "تأتي إمّا عن طريق الدولة، وإمّا عن طريق وقف محلات أو شركات أو مؤسسات لمصلحة المستشفيات والقطاع الصحي، وإمّا عبر تبرّعات الدول المانحة، وإمّا شركات التأمين التي تتقاضى من المواطن قدراً محدداً من المال وتستثمره (تدفع جزءاً منه للمواطن الذي يمرض)، وإمّا القطاع الخاص إذ يتكفّل المريض نفسه بكلّ التكاليف". ويكمل عبدان أنّه "بالنسبة إلى وضعنا، لا تتوفّر دولة ولا وقف ولا شركات تأمين، فقط قطاع خاص ومتبرّعون. وتسعى مديرية الصحة مع الشركاء من المنظمات الإنسانية إلى إيجاد مانحين لهذه المستشفيات بهدف استمرار عملها".

تجدر الإشارة إلى أنّ فريق "منسقو استجابة سورية" كان قد حذّر في بيان أصدره أخيراً من عواقب إيقاف دعم المستشفيات والمراكز الصحية في المنطقة وتبعاته الكارثية على السكان فيها، لا سيّما مع تفشّي فيروس كورونا الجديد. ودعا الجهات المموّلة إلى إعادة دعم تلك المؤسسات الاستشفائية والصحية.

المساهمون