إحالة محافظ واسط السابق ومسؤولين إلى القضاء على خلفيّة حريق الكوت
استمع إلى الملخص
- أثار الحريق غضباً شعبياً واسعاً، حيث اتهم المحافظ السابق رئيس الوزراء بتصفية حسابات سياسية، بينما أكد المحامي أحمد الساعدي أن القرار الحكومي يهدف لنقل الملف إلى القضاء لتحقيق العدالة.
- كشفت اللجنة العليا عن تقصير إداري ساهم في الكارثة، وقررت إيقاف 17 موظفاً وتوقيف ثلاثة ضباط، ويُعد الحريق من أكبر الفواجع في العراق منذ 2023.
أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الأحد، المصادقة على نتائج التحقيق الخاص بحريق المجمّع التجاري في مدينة الكوت، مركز محافظة واسط جنوب شرق بغداد، الذي أودى في منتصف يوليو/ تموز الماضي بحياة عشرات المدنيين وأسفر عن خسائر مادية عديدة، مؤكداً إحالة المحافظ السابق لواسط وعددٍ من كبار المسؤولين إلى القضاء بتهمة التقصير والإخلال بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم.
ووفقاً لبيان المكتب الحكومي في بغداد، كان ذوو الضحايا يترقبون صدور النتائج بعد أيام من انتهاء أعمال لجنة التحقيق الخاصة. وأكد البيان أن لجنة التحقيق ثبت لديها تقصير عددٍ من المسؤولين والموظفين في أداء واجباتهم، أضف إلى السماح لمالك المشروع بالبناء من دون الحصول على إجازة بذلك، ناهيك عن ربط المبنى بالتيار الكهربائي رغم عدم وجود الموافقات الأصولية، وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية المطلوبة للحد من الخسائر وحماية أرواح المواطنين. وأوضح البيان أنّ هذا القرار جاء انطلاقاً من حرص الحكومة وسعيها الجاد في الحفاظ على أرواح جميع المواطنين، وتحقيق العدالة وكشف ملفات الفساد ومحاسبة المقصّرين، وإطلاع الرأي العام على إجراءاتها.
وكشف البيان نفسه أنّه بناءً على ذلك، قرّر رئيس الوزراء أن يحيل إلى القضاء كلّ من محافظ واسط السابق محمد جميل المياحي الذي أُقيل عقب الحريق، ومدير الدفاع المدني في المحافظة ومديرَي بلدية الكوت السابق والحالي، ومدير توزيع كهرباء واسط، وجميع الموظفين المسؤولين عن رصد التجاوزات، والموظفين المسؤولين عن ترويج موافقة تزويد المبنى المذكور بالتيار الكهربائي. وشدّد البيان على أنّ هذا القرار جاء أيضاً لعدم قيام المتّهمين بالدور الوظيفي القاضي باتّخاذ الإجراءات القانونية والإدارية التي يفرضها القانون لتقليل الخسائر والحفاظ على أرواح المواطنين.
وكان الحريق الهائل اندلع في 16 يوليو الماضي في مجمع الهايبرماركت، وهو مجمع تجاري كبير في وسط مدينة الكوت، واستمر ساعات عدة، وترافق مع صعوبة بإخماده، ما أسفر عن وفاة وإصابة عشرات المواطنين العراقيين (63 قتيلاً وأكثر من 50 مصاباً)، وأثار حينها موجة غضب شعبي في العراق إزاء الفاجعة الإنسانية، وسط مطالبات بالتحقيق الشفاف ومحاسبة المسؤولين عن التقصير.
وفي أول رد فعل على الإعلان الحكومي، نقلت وسائل إعلام عراقية عن المحافظ السابق المُدان محمد جميل المياحي بياناً اتّهم فيه رئيس مجلس الوزراء باستغلال حادثة الحريق لـ"تصفية حسابات". وأضاف: "بدأت مسيرتنا مع رئيس مجلس الوزراء بالترغيب، ومن ثم بالترهيب من أجل التحالف معه والمشاركة في قائمته الانتخابية، وبعد رفضنا التحالف معه، استغلّ حادثة الحريق لتصفية الحسابات، وابتعد كلّ البُعد عن مهنيّته". وتابع المحافظ السابق اتهاماته لرئيس الحكومة العراقية بالقول: "ساومَنا بشكل مباشر، وطلب أن نمنحه ضمانات بالالتحاق به بعد الانتخابات، وإلا فسيستخدم حادثة الحريق، كما فعل الآن". وناشد القضاء العراقي أن "يتعمّق بالتحقيق، ويبيّن المسؤولية المباشرة للحادث، ويحاسب المقصّر أشدّ محاسبة، وألا يسمح لأحد بأن يستغلّ هذا الحادث الجنائي سياسياً وانتخابياً، وأن يستغلّ سلطته لتصفية الحسابات".
من جهته، اعتبر المحامي أحمد الساعدي، وكيل إحدى العائلات التي راحت ضحية الحريق، أنّ "القرار الحكومي يعني نقل الملف إلى القضاء، وليس إدانة المتّهمين"، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أنّ "المحاكم المختصّة ستتولى محاكمة المتّهمين الذين أُوقف قسم منهم، وأُودعوا السجن على ذمّة التحقيق". وأكد الساعدي أهمية الخطوة من أجل "تحقيق ثقافة العدالة في العراق، والتشديد على أنّه لا استثناء لأحد، حتى لكبار المسؤولين".
السوداني يصادق على نتائج التحقيق بحادث حريق الكوت، ويقرر إحالة محافظ واسط السابق، ومديري الدفاع المدني والبلدية (السابق والحالي)، ومدير توزيع الكهرباء، وعدد من الموظفين المقصرين إلى القضاء pic.twitter.com/N8CQ52k4bY
— جمال البدراني (@jmal_albdrany) September 21, 2025
وفي 19 يوليو الماضي، كشفت اللجنة العليا المكلّفة بالتحقيق في حريق الكوت عن وجود تقصير إداري في عدد من الدوائر ساهم في تفاقم كارثة الحريق. وقرّرت لجنة التحقيق حينها إيقاف 17 موظفاً عن العمل مؤقتاً، وتوقيف ثلاثة ضباط. ويقع المبنى المنكوب وسط مدينة الكوت على بُعد 180 كيلومتراً جنوب العاصمة بغداد، ويتكوّن من خمسة طوابق تضم محال لبيع الألبسة والبضائع، إضافة إلى مطاعم للوجبات السريعة. وقد افتُتح قبل نحو شهرين من الحادثة التي تُعدّ أكبر فاجعة حرائق يشهدها العراق منذ عام 2023، حين اندلع حريق في إحدى صالات الأفراح بمحافظة نينوى، وأسفر عن مقتل 114 شخصاً وإصابة نحو 150 آخرين، وخلصت نتائج التحقيق آنذاك إلى وجود تقصير في إجراءات السلامة المتّبعة.