"أونروا" تسحب كتاباً لمنهاج الصف الخامس بسبب رموز فلسطينية

06 فبراير 2025
صفحة الشهيدة دلال المغربي في الكتاب المدرسي الملغى لـ"أونروا" (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- استجابت الأونروا للضغوط بتغيير مواد تعليمية للصف الخامس، مما أثار تساؤلات حول دوافعها، حيث يُعتبر محاولة لتبييض صورتها أمام الاحتلال الإسرائيلي.
- القرار قوبل بانتقادات من الجهات الفلسطينية، التي اعتبرته محاولة لتصفية الفكر الوطني، ورفضت التدخلات في المناهج التعليمية وسط محاولات اقتلاع وتهجير مستمرة.
- يرى المتخصصون أن القرار جاء بتوجيهات المفوض العام وبالتنسيق مع المكتب الرئيسي لإرضاء الإدارة الأمريكية والاحتلال، بهدف حرمان التعليم الفلسطيني من الدعم المالي ونزع شرعية النضال.

في وقت دخل فيه قرار إسرائيل حظر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) حيز التنفيذ نهاية الشهر الماضي، تتواصل الضغوط على الوكالة لتقليص خدماتها ومحاربة المحتوى الوطني الفلسطيني في مناهج التعليم تحديداً. وهي استجابت لهذه الضغوط عبر سحب كتاب اللغة العربية للصف الخامس من مدارسها واستبداله بآخر لا يحتوي على وحدات وفقرات لها علاقة بالتاريخ النضالي والسياسي للشعب الفلسطيني. وأثار ذلك تساؤلات عن الدوافع التي ربطها مراقبون بمحاولة الوكالة تبييض صفحتها أمام الاحتلال لمحاولة ضمان استمرار عملها.

وأوردت رسالة وجهتها رئاسة "أونروا" إلى مديرين في مدارسها: "لضمان التوافق مع توجيهات المناهج الدراسية والحفاظ على جودة التعليم طالبنا جميع معلمي اللغة العربية للصف الخامس في مدارس الوكالة في الضفة الغربية بالتوقف عن استخدام النسختين المطبوعة والرقمية من كتاب اللغة العربية، والاستعانة بمواد التعلم الذاتي المعتمدة التي جرى توفيرها كبديل خلال الفصل الدراسي الثاني". وأشارت الرسالة إلى أن مسؤولي التعليم في "أونروا" نفذوا زيارات عشوائية غير معلنة إلى مدارس وفصول دراسية اختيرت للتحقق من تنفيذ دروس التعلم الذاتي".

واعتبر المكتب التنفيذي للجان الشعبية للاجئين القرار بأنه "مخطط لتصفية الفكر والإرث الوطني الذي تحقق بفضل تضحيات شعبنا". وقال رئيس لجنة الخدمات في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين شرقي مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية عماد زكي الطيراوي لـ"العربي الجديد": "تكررت محاولات تغيير المناهج التعليمية كثيراً في الماضي، وجرى حذف اسم فلسطين والشهداء وحتى كلمة احتلال. وجاء قرار أونروا الجديد الخطير في وقت يتعرض الشعب الفلسطيني لمحاولات اقتلاعه وتهجيره، وتواصل إسرائيل عدوانها على مخيمات الضفة في جنين وطولكرم والفارعة وبلاطة وغيرها، ما يطرح علامات استفهام كثيرة، وقد رفضنا التدخلات في مناهجنا سابقاً، وسنتحرك فوراً لمنع تنفيذ القرار". 

وقال معلم في الصف الخامس بمدرسة تابعة للوكالة طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد": "تتماشى الخطوة تماماً مع مطالب الاحتلال الإسرائيلي والممولين بحذف أي مادة دراسية تعكس البعد الوطني والنضالي في مناهجنا. وتتحدث الدروس المحذوفة عن معركة القسطل والشهيدة دلال المغربي والشاعرة فدوى طوقان، وهي مصدر فخر للشعب الفلسطيني من المهم ويجب أن يعرفها الجيل الجديد، وهو ما لا تريده الوكالة". تابع: "يساعد قرار الوكالة على طمس تاريخ فلسطين ونزع أفكار القضية والنضال من عقول الأطفال. والمواد التي تحدثت عنها الوكالة كبديل عن مناهج الصف الخامس جرى تصميمها بناءً على أفكارها ورؤيتها كي تتماشى مع ما يريده الاحتلال والممولون وليس بناءً على البعد النضالي للشعب الفلسطيني".

وأشار إلى أن "التقليصات في سلك التعليم بالوكالة والاجراءات الجديدة التي تنفذها أونروا تؤكد تماهيها الكامل مع الاحتلال، رغم أنه حظرها وعلّق عملها في القدس المحتلة، وسيشمل الأمر ذاته باقي المناطق التي تعمل فيها. ومن بين أمثلة الإجراءات عدم تعيين معلمين ثابتين لدى انتهاء عقد آخر، بل مياومين كي لا يستقر المعلم البديل في مدرسة واحدة خلال السنة الدراسية ما يجعله غير قادر على تنفيذ واجبه".

ويقول المتخصص في شؤون اللاجئين ياسر أبو كشك لـ"العربي الجديد": "صدر القرار بتعليمات من المفوض العام والتنسيق مع المكتب الرئيسي للوكالة ومقره العاصمة الأردنية عمّان، ويتعلق بما تسميه الوكالة الحيادية، وحصل ذلك لإرضاء الإدارة الأميركية وحكومة الاحتلال وأيضاً الاتحاد الأوروبي الذي يتابع مناهج التعليم لدى أونروا والسلطة الفلسطينية، ويُكلّف معاهد ومراكز بحوث مقربة عادة من الاحتلال الإسرائيلي بتقديم تقارير تحلل المناهج الفلسطينية، وبينها لمدارس أونروا وتوضح محتوياتها، لا سيما في ما يخص الرواية الإسرائيلية بتهم حول التحريض على العنف واللاسامية، وعدم الاعتراف بشرعية إسرائيل واعتبارها احتلالاً استعمارياً".

وأشار أبو كشك إلى أن "الضغط يهدف إلى حرمان التعليم الفلسطيني من الدعم المالي الذي تقدمه الدول الأوروبية والمؤسسات العالمية، وإعاقة عملية بناء المؤسسات التعليمية، ونزع شرعية النضال الفلسطيني، ومنع الفلسطينيين من رواية تاريخهم".

وفي 28 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أقرّ الكنيست الإسرائيلي حظر نشاط "أونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ثم دخل القرار حيز التنفيذ في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي. ويعني القرار أن الوكالة لن تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة إسرائيل، وأن مكاتبها ستغلق على غرار أي حسابات مصرفية لها داخل إسرائيل، علماً أنها تنشط حالياً في خمس مناطق رئيسية، هي قطاع غزة، والضفة الغربية، والأردن، وسورية ولبنان، وتخدم نحو 5.9 ملايين فلسطيني بحسب بياناتها الرسمية.

المساهمون