كييف تلوح بحظر الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية لارتباطها بمطرانية موسكو

05 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 16:26 (توقيت القدس)
يؤثر الصراع السياسي على الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، إبريل 2025 (يفيني زافورودني/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية تحديات كبيرة بعد دعوى قضائية لوقف عمل مطرانية كييف، مما قد يفقدها شخصيتها الاعتبارية ويعكس الصراع الروسي الأوكراني.
- تسعى السلطات الأوكرانية لإنهاء وجود الكنيسة كمؤسسة عبر تصفية الجهات القيادية، مما يؤدي إلى تقسيم المجتمع المسيحي ومصادرة الكنائس.
- يعود الانقسام الكنسي إلى 2018 مع تأسيس "كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية"، وتستمر الإجراءات لتضييق الخناق على الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، بما في ذلك إزالة "الرسومات الروسية" من المواقع الأثرية.

تواجه الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة تاريخيا ببطريركية موسكو مصيراً مجهولاً بعد أن أقامت الهيئة الأوكرانية للسياسة الإثنية وحرية المعتقد دعوى قضائية من شأنها وقف عمل مطرانية كييف التابعة للكنيسة الأرثوذكسية.
وقال رئيس الهيئة الحكومية، فيكتور يلينسكي، إنه في حال إصدار القضاء قراراً بوقف عمل المطرانية، فإن الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية لن تعود لها شخصية اعتبارية، مشيراً إلى أنه لن يتم إغلاق الأبرشيات، ولكنها ستصبح بلا مركز. لكنه أقر بأنه لا يعلم كم من الوقت قد تستغرق إجراءات التقاضي.
ويوضح كبير الباحثين في معهد أوروبا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، عالم الأديان رومان لونكين، أن عزم سلطات كييف فرض حظر نهائي على أنشطة الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يندرج ضمن تحول الكنيسة إلى ساحة للصراع الروسي الأوكراني، جازماً بأن السلطات الأوكرانية لن تقبل بوجود كنيسة تابعة تاريخياً لبطريركية موسكو، ولذلك تدعم "كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية"، والتي أسسها الرئيس الأوكراني السابق، بيترو بوروشينكو، في عام 2018.
ويضيف لونكين لـ"العربي الجديد": "تعمل السلطات الأوكرانية على القضاء على الجهات القيادية للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية وهيئاتها بهدف إنهاء وجودها من ناحية كونها مؤسسة. يجب الإقرار بأن السياسات المعادية للدين في أوكرانيا تنفذها شخصيات محترفة أمثال فيكتور يلينسكي الذي كان في الأساس عالم أديان، وفي مثال على ذلك، أعلن يلينسكي بوضوح أنه ستتم تصفية مطرانية كييف المركزية مع الإبقاء على الأبرشيات، ما يعكس أن أعماله تجمع بين الحزم والمنطق الذي يتلخص في تقسيم المجتمع المسيحي بصورة منهجية".
يتابع: "حرمان مطرانية كييف من الشخصية الاعتبارية سيعني مصادرة كنائسها تلقائياً، ولن يعود بإمكان القساوسة والأساقفة إقامة القداسات بالكنائس الأثرية مثل ديريْ كييفو-بيتشورسكايا لافرا وبوتشايفسكايا لافرا. هناك دوافع سياسية وراء التضييق على الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، إذ لا يقبل الرئيس فلوديمير زيلينسكي بوجود كنيسة أوكرانية مرتبطة بالكنيسة الأرثوذكسية الروسية وبطريركية موسكو، فالانتماء إلى الأرثوذكسية الروسية عقبة رئيسية أمام زرع الكراهية حيال كل ما هو روسي، والقطيعة الثقافية الكاملة مع روسيا، أما إذا أصبحت الأديرة والكنائس خالية من الرواد، فسيمكن توحيد المجتمع حول الأجندة الغربية والقيم النيوليبرالية".
وفيما يتعلق بدوافع قيادات الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية رفض قطع الصلة مع بطريركية موسكو، يقول لونكين: "أي ضغط سياسي صارخ يثير مقاومة داخل الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، إدراكاً منها أن أي حلول وسط مع السلطة قد تؤدي إلى تشويه صورة الأباطرة، وتغيير قيادات الكنيسة، والخضوع الحتمي لمكتب زيلينسكي وبطريركية القسطنطينية. مطالبة جميع كهنة الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية بقطع العلاقات مع هيئات الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ستعجل عملية الانشقاق الكنسي، وظهور هيئات كنسية وأبرشيات غير رسمية، وقد يتم تصنيفها ذات صلة بالكنيسة الأرثوذكسية الروسية وفق نموذج ملاحقة مطرانية كييف".
ويأتي التوجه إلى القضاء لإنهاء الوجود الرسمي للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية ضمن مسلسل تضييق الخناق عليها، ومن بين حلقاته إعلان إدارة "دير كييفو بيتشورسكايا لافرا"، في 20 أغسطس/آب الماضي، نزع "الرسومات الروسية" من كنيسة أوسبنسكي الكائنة داخل أرض الدير. 

وقالت القائمة بأعمال المدير العام، سفيتلانا كوتلياريفسكايا: "من جهة المعايير العلمية والمعمارية، فإن كنيسة أوسبنسكي ليست بناية تاريخية، لأنها هُدمت في زمن الحرب العالمية الثانية. ظلت الكنيسة لعقود أطلالاً، وأعيد بناؤها من الصفر تقريباً قبل نحو 20 عاما". علما أن الدير تأسس في القرن الـ11 الميلادي. 

ويعد دير كييفو بيتشورسكايا لافرا واحداً من أقدم الأديرة الروسية في كييف، وهو مدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 1990، ويعد الدير الذي تأسس في عام 1051، مهداً للرهبانية وعاصمة غير رسمية للمسيحية الأرثوذكسية للسلافيين الشرقيين.
وتعود قصة انقسام الكنيسة الأوكرانية إلى عام 2018، حين أسس الرئيس السابق بوروشينكو "كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية" بدعم من بطريركية القسطنطينية، من دون أن يؤثر هذا الانشقاق على استمرار نشاط الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، حتى اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، والتي زادت من الاستقطاب في المجتمع الأوكراني.
ورغم محاولات الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية تسوية أوضاعها في ظل الظروف الجديدة عن طريق شطب ذكر الكنيسة الأرثوذكسية الروسية من ميثاقها، وتبرئة نفسها من بطريركية موسكو، إلا أن ذلك لم يسلمها من التضييق عليها.