أمنيات 2022: اليمنيون مهتمون بالبقاء أحياء

أمنيات 2022: اليمنيون مهتمون بالبقاء أحياء

01 يناير 2022
وقف الحرب أمنية اليمنيين (أحمد الباشا/ فرانس برس)
+ الخط -

لا تشبه الأماني التي ينتظرها اليمنيون من عام 2022 الجديد تلك التي يطلقها سكان بلدان أخرى. ففي بلد يرزح تحت حرب لا ملامح لنهايتها، يُجمع الناس على أمنية متواضعة ومغلّفة باليأس لا تتعدى البقاء أحياء. 
عندما اندلعت الحرب مطلع عام 2015، توقعت غالبية اليمنيين أن تضع أوزارها بعد أشهر معدودة أو عام واحد كحد أقصى، ثم تعود الأوضاع إلى حالها السابقة. لكن هذه التوقعات ذهبت أدراج الرياح، واليوم مع اقتراب إسدال الستار عن العام السابع للحرب، لا يستبعد حصول تصعيد أكبر بتأثير افتقاد الحلول السياسية. وقد سحقت ظروف الحرب أماني مختلف شرائح اليمنيين، ما يجعل الهم العام يطغى على تطلعات معظمهم في العام الجديد. ويتفق سكان في مدن تعز وعدن وصنعاء وإب على أنه يصعب أن تتحقق أمنياتهم الخاصة بوقف الحرب، وتكريس الوحدة في البلاد. ويتفق طبيب الأسنان بشير العديني المقيم في تعز (جنوب غرب) مع آراء يمنيين كُثر بأنه "يستحيل تحقيق الأماني المنطقية المتمثلة في إيقاف الحرب وعودة النازحين إلى منازلهم وقراهم التي هجروها قبل سنوات، وأن لا جدوى حتى من مجرد التفكير فيها". ويقول لـ"العربي الجديد": "أصبح التفكير ببعض الأماني شيئاً من الترف، وكلما أملنا في أن تتوقف الحرب اشتدت أكثر فأكثر، وتشرد مئات الآلاف وانعدمت مظاهر الحياة".  
فعلياً، يبدو أن عجلة النزاع اليمني تتجه نحو تصعيد قياسي، مع اقتراب المعارك من مدينة مأرب التي تضم أكبر تجمع للنازحين في البلاد، وعودة الغارات الجوية إلى محافظات عدة، في وقت يلوّح أطراف النزاع بـ "محارق غير مسبوقة" خلال الفترة القادمة. وأمام المؤشرات السلبية التي تنبئ بفصول جديدة من القتال، يأمل العديني في البقاء حياً بأي طريقة، وأن يجلب عام 2022 الأمان.
بدورها، تبدو طموحات عودة المؤسسات الحكومية إلى توفير الخدمات الحياتية والأمنية مستحيلة وصعبة المنال أيضاً. وتطلق ربة المنزل الخمسينية نجاة الذبحاني التي تقيم في صنعاء أمنيات تعبر عن لسان حال جميع سيدات البلاد، وتتمثل أهمها في عودة خدمة التيار الكهربائي للدولة، والتخلص من جشع مالكي شركات القطاع الخاص. وتقول لـ"العربي الجديد": "لا أستطيع السيطرة على قلقي اليومي من انقطاع الغاز المنزلي أو التيار الكهربائي الذي أعجز على غرار مواطنين كُثر عن الحصول عليه بسبب كلفته الباهظة، وارتفاع سعر الكيلواط الواحد إلى نحو 70 سنتاً".

وكانت شركة مأرب للغاز التابعة للحكومة التي تمدّ غالبية مدن اليمن بالكهرباء توقفت عن العمل مع اندلاع الحرب، ما أنعش تجارة سوق المولدات خصوصاً في الأحياء التي تقدم خدماتها بأسعار تضاعفت 50 مرة عن تلك الرسمية التي كانت معتمدة قبل الحرب.  بالنسبة إلى الصحافي أحمد زيد فيتمنى استعادة وظيفته التي فقدها منذ أن نهبت محتويات مؤسسة الجمهورية الحكومية للصحافة التي يعمل فيها. ويخبر "العربي الجديد" بأنه يعيش مع مئات من زملائه في المؤسسة بطالة طال أمدها، ويأملون في إعادة ترميم المؤسسة والعودة إلى العمل، و"حرماننا من حقنا المشروع في العمل والتنقل يجعلنا نعيش بإمكانات متواضعة جداً أو حتى معدومة". 

الغلاء يجعل حياة اليمنيين لا تطاق (محمد حمود/ Getty)
الغلاء يجعل حياة اليمنيين لا تطاق (محمد حمود/ Getty)

ويشدد على أن جميع سكان مدينة تعز المنكوبة يريدون رفع الحصار الذي تفرضه جماعة الحوثيين على مدينتهم منذ نهاية عام 2015، "إذ أن معاناة مئات الآلاف منهم بلغت حداً لا يطاق بعد إجبارهم على قطع طرقات جبلية وعرة لأكثر من 5 ساعات من أجل الانتقال من وسطها إلى شرقها، فيما كان يستغرق عبورها 15 دقيقة قبل الحرب". أيضا، يعتبر تاجر المواد الغذائية محمد الزكري أن رفع الحصار عن تعز "سيكون أغلى الهدايا في حال نجحت الأمم المتحدة في إقناع الحوثيين بفتح ممر إنساني واحد إلى شرق المدينة أو شمالها. ويقول لـ"العربي الجديد": "فاقم الحصار المعاناة في شكل لا يطاق. يدفع سكان تعز أسعاراً مضاعفة للحصول على كل الأصناف نتيجة ارتفاع أجور النقل من المناطق التي تخضع لسيطرة الحوثيين إلى تلك وسط المدينة التي تديرها الحكومة المعترف بها دولياً. وحتى إذا تحسنت أسعار السلع في كل المدن لا يشمل ذلك تعز بسبب الحصار الخانق". 

إلى ذلك، تختلف أماني الأطفال عن الكبار الذين تحاصرهم هموم الحياة والواقع المعيشي، وتشمل انتهاء فيروس كورونا وخفض الأسعار وزيادة سرعة الإنترنت. وتأمل الطالبة في الصف السادس من المرحلة الأساسية أريج عبد الكافي ( 12 عاماً) في أن يزول الفيروس إلى الأبد بعدما قلص فترة العام الدراسي الماضي، وقدّم موعد الامتحانات. وقد أودى فيروس كورونا بحياة آلاف من اليمنيين. ومع تزايد التحذيرات من المخاطر التي يواجهها الأطفال لدى ذهابهم إلى المدارس، تحوّل الأمر إلى هاجس حقيقي يؤرق هموم أولياء الأمور. وبعيداً عن كورونا، يأمل أطفال مدينة تعز تحديداً في أن تتحسن سرعة الإنترنت في العام الجديد كي يستطيعوا تصفح قنوات الأطفال بسهولة ومن دون انقطاع على موقع "يوتيوب"، وهو الحال منذ بدء الحرب بسبب الخدمة في شكل كبير، وتعمّد السلطات الحوثية في صنعاء شلّ سرعة الإنترنت لاعتبارات أمنية. 

المساهمون