أمطار المغرب لا تنهي أزمة الجفاف المتفاقمة

26 ابريل 2025
يملأ الناس حاوياتهم بالمياه، قرية سيدي بوشتة، 23 أغسطس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهد المغرب تحسنًا في الوضع المائي بارتفاع نسبة ملء السدود إلى 40.1٪ بفضل الأمطار والثلوج، مما يعزز الأمن المائي ويوفر مياه الري، لكن البلاد لا تزال تواجه تحديات ندرة المياه.
- التحسن في مخزون السدود ينعكس إيجابًا على الأمن الغذائي والاقتصاد، مع ضرورة تبني سياسات لترشيد استهلاك المياه وتطوير البنية التحتية لمواجهة ندرة المياه وتغير المناخ.
- استثمر المغرب في تقنيات مثل محطات تحلية المياه، ويشدد الخبراء على أهمية البحث والتطوير في تقنيات الري والزراعة المقاومة للجفاف، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

يعيش المغرب على وقع تحسن في الوضع المائي بعد 7 سنوات متتالية من الجفاف أثرت سلباً على الموارد المائية، وأدت إلى إجهاد مائي اضطر الحكومة إلى إعلان حالة طوارئ مائية. وأنعش هطل الأمطار وتساقط الثلوج خلال الأسابيع الأخيرة مخزون السدود، ووصلت النسبة الإجمالية للملء حتى 21 إبريل/ نيسان الحالي، إلى 40.1٪ بإجمالي 6718 مليون متر مكعب، بحسب أحدث معطيات وزارة التجهيز والماء.
وخلافاً لما كان عليه الأمر في السنوات الماضية، حين لم تكن نسبة ملء السدود تتجاوز 28%. تبدو الأرقام الجديدة مطمئنة، وتعبر عن تحسن كبير في الموارد المائية، إلى حد تبشير وزير التجهيز والماء، نزار البركة، أمام البرلمان المغربي في 21 إبريل الجاري، بأن "صيف هذا العام سيكون مختلفاً عن الأعوام السابقة التي كنا نعاني فيها أزمة متعلقة بتوفر الماء الصالح للشرب في عدد من المناطق. التحسن الذي نتحدث عنه ليس نهاية أزمة الجفاف، وإنما نعيش مرحلة جفاف أقل حدة".
ويعد المغرب من بين البلدان التي تواجه شحاً كبيراً في المياه، وهو يقترب، بحسب البنك الدولي، بسرعة من الحد المطلق لندرة المياه البالغ 500 متر مكعب للفرد سنوياً. ووفق البنك الأفريقي للتنمية، بات الجفاف حقيقة يجب أن يتكيّف معها المغرب، ما يؤثر على كل نواحي النشاط الاقتصادي، سواء الفلاحة أو الصناعة أو الخدمات أو السياحة.
وأوضح البنك الأفريقي للتنمية، في مقال نشره في مارس/ آذار 2024، أن "الموارد المائية في المغرب تعاني وضعاً صعباً بسبب انخفاض مستويات المياه الجوفية، وضعف امتلاء السدود. وبات المواطن يستهلك أكثر بقليل من 600 متر مكعب من المياه سنوياً، أي ربع ما كان يستهلكه قبل أقل من 60 سنة".
ويرى رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، مصطفى بنرامل، أن "التحسن الملحوظ في نسب ملء السدود، والمتباينة بين سد وآخر وبين حوض مائي وآخر، يبعث على التفاؤل والأمل، وسيكون له تأثير إيجابي كبير على مستويات عدة، خاصة تعزيز الأمن المائي، وستساهم الزيادة في توفير مياه الري اللازمة للموسم الفلاحي المقبل، وتحسين إنتاجية المحاصيل، ما سينعكس إيجاباً على الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني، وكذلك على تأمين مياه الشرب، وتخفيف الضغط على الموارد الأخرى مثل المياه الجوفية، ما يسهم في الحفاظ عليها واستدامتها للأجيال المقبلة".

يواجه المغرب أزمة مياه، 14 سبتمبر 2023 (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
يواجه المغرب أزمة مياه، 14 سبتمبر 2023 (فتحي بلعيد/ فرانس برس)

ويقول بنرامل لـ "العربي الجديد": "من المهم أن نتذكر أن هذه الأمطار والزيادة في منسوب المياه خطوة إيجابية، لكن التحديات المتعلقة بندرة المياه وتغير المناخ لا تزال قائمة. لذلك، من الضروري الاستمرار في تبني سياسات وإجراءات تهدف إلى ترشيد استهلاك المياه، وتطوير البنية التحتية المائية، والبحث عن حلول مبتكرة لضمان الأمن المائي على المدى الطويل".
ويوضح أن "التحسن في مخزون السدود يشير إلى انتقال بعض المناطق من وضع يقترب من الإجهاد الحاد إلى وضع أقل حدة، أو تجاوز مؤقت للإجهاد في بعض الجهات، لكن هذا الوضع يجب ألّا يفهم على أنه مؤشر على استقرار دائم، بل فرصة مؤقتة يجب استثمارها بشكل عقلاني لضمان الأمن المائي على المدى البعيد. رغم التحسن، يظل المغرب تحت تهديد تقلبات المناخ بالنظر إلى اعتماده بدرجة كبيرة على الأمطار، وتغير المناخ لا يضمن الوفرة الحالية في المستقبل، ما يفرض التخطيط لمواجهة احتمال عودة فترات الجفاف".
وعانى المغرب خلال السنوات الأخيرة وضعاً مائياً صعباً جراء موجة جفاف، إلى درجة لجوء بعض الجهات والأقاليم إلى إيقاف توزيع المياه على السكان لساعات محدودة بشكل يومي، ما دفع السلطات إلى مباشرة عدد من الإجراءات، وإقرار سياسات لتخفيف حدة أزمة المياه، واستثمار التكنولوجيات الحديثة لابتكار حلول جديدة تقلل مخاطر تراجع الموارد المائية، على رأسها تشييد محطات تحلية المياه في عدد من المدن.

بيئة
التحديثات الحية

ويرى بنرامل أن "تعزيز استدامة المكاسب وتجنب العودة إلى العجز المائي، قد يجعل من الضروري التركيز بشكل أكبر على الاستثمار في البحث والتطوير لدعم الابتكار في مجال تقنيات الري الموفرة للمياه، وتطوير أصناف زراعية مقاومة للجفاف، وتحسين كفاءة محطات التحلية والمعالجة، وتسريع الانتقال الطاقي لضمان تشغيل محطات التحلية، وإعادة استخدام المياه، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لجذب الاستثمارات اللازمة في مشاريع البنية التحتية المائية، مع ضرورة تفعيل دور المجتمع المدني لزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على المياه، وتشجيع الممارسات المستدامة على المستوى المحلي، وتطبيق سياسات تسعير المياه بشكل فعال لتحفيز الاستخدام الرشيد في جميع القطاعات، مع مراعاة الجوانب الاجتماعية".
وتقدر حاجات المغرب من المياه بأكثر من 16 مليار متر مكعب سنوياً، 87% منها للاستهلاك الزراعي، لكن موارد المياه لم تتجاوز نحو 5 ملايين متر مكعب سنوياً خلال الأعوام الخمسة الأخيرة. ويبلغ استهلاك المغرب السنوي لمياه الشرب من السدود ما يقارب مليار متر مكعب، يضاف إليه ما يراوح بين 500 و700 مليون متر مكعب يتم توفيرها من المياه الجوفية أو من خلال محطات تحلية مياه البحر، ما يجعل إجمالي الاستهلاك السنوي لمياه الشرب يراوح بين 1.5 و1.7 مليار متر مكعب.

المساهمون