أقساط المدارس السورية الخاصة باهظة وبعضها يشترط الدفع بالدولار
استمع إلى الملخص
- تتراوح الأقساط من 6 إلى 25 مليون ليرة، وبعض المدارس تحددها بالدولار، مما يزيد العبء المالي. الأهالي يطالبون بآلية لضبط الأقساط مشابهة لتلك في وزارة التعليم العالي.
- يشهد التعليم تدهوراً بسبب المناهج غير الملائمة وارتفاع التسرب، مع 2.4 مليون طفل خارج المدرسة. يدعو البعض لتحسين المدارس الحكومية لتقليل الاعتماد على الخاصة.
يشكو كثيرون من أولياء أمور التلاميذ في المدارس السورية الخاصة، مع بداية العام الدراسي الجديد، من رفع قيمة الأقساط بنسب تتجاوز القدرة المالية لغالبية الأسر السورية في ظلّ غياب الرقابة الحكومية، الأمر الذي يهدّد الحق في التعليم.
مع بدء التسجيل في المدارس، شددت وزارة التربية والتعليم السورية على ضرورة التزام المدارس السورية الخاصة بقرار عدم رفع الأقساط الصادر في عام 2024، مع ضرورة وضع لائحة تفصيلية بقيمة القسط في لوحة إعلانات المدرسة، وفي حال المخالفة تفرض عقوبات تشمل تخفيض تصنيف المدرسة إلى الفئة الأدنى. وينص القرار على أن لا يتعدى سقف الأقساط السنوية للمدارس الخاصة في المرحلة الثانوية مليونين و450 ألف ليرة سورية، وفي التعليم الأساسي مليونين و100 ألف ليرة، ومليون و225 ألف ليرة لرياض الأطفال (الدولار يساوي 10,500 ليرة). لكن على أرض الواقع، ارتفعت الأقساط بنسبة 30%، ضاربة بقرار الوزارة عرض الحائط.
ووجه العديد من الأهالي شكاوى لوزير التربية تضمنت ما يعانونه من فوضى الأقساط المدرسية، وغياب ضوابط تحديدها في ظل غياب رقابة الوزارة، وتضمنت الشكاوى مطالب من بينها وضع سقف ملزم لأقساط المدارس السورية الخاصة يتناسب مع الظروف العامة، ومتوسط دخل الأسر السورية، وإعادة النظر في آلية تصنيف المدارس.
وفي استطلاع لأقساط المدارس السورية الخاصة، تبين أنها تبدأ من 6 ملايين ليرة للروضة، إلى نحو 25 مليوناً للمرحلة الثانوية لتسجيل التلميذ خلال العام الدراسي القادم، من دون أجور المواصلات، وهي أيضاً قابلة للزيادة، إضافة إلى عدم إعلان أغلب المدارس قيمة أقساطها، لا عبر لوحات إعلاناتها الداخلية، ولا عبر مواقعها الإلكترونية أو صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وعند الاستفسار عن قيمة القسط الكاملة يتم التذرع بأن التكلفة لم يتم استكمال حسابها.
سجلت هالة الكاتب طفلها في إحدى الروضات الخاصة، وتقول لـ"العربي الجديد": "ليس مقبولاً أن تقوم إدارة المدرسة بزيادة دفعة القسط إلى مليوني ليرة، والأنكى هو عدم الإفصاح عن قيمة كامل الأقساط".
ولا يمكن تجاهل كلفة المواصلات، والتي يمكن أن توازي قسط المدرسة، فضلاً عن تحديد بعض المدارس السورية الخاصة الأقساط بالدولار، لتصل إلى 1150 دولاراً من دون اللباس والمواصلات، مع الامتناع عن التعامل بالليرة السورية. تقول سلمى الحموي: "حددت مدرسة ابني الدفعة الأولى لتثبيته خلال هذا العام بـ300 دولار، مع عدم الإفصاح عن قيمة كامل الأقساط، بينما كانت في العام الماضي بحدود 8 ملايين، والنقل بـ6 ملايين".
ويدعو السوري محمود الزيات وزير التربية إلى ضرورة تأهيل المدارس السورية الحكومية، وإحداث روضات حكومية للتخلص من استغلال أصحاب المدارس الخاصة، والذين يطلق عليهم وصف "تجار"، مشيراً إلى أنه سجل أطفاله في مدرسة خاصة، لكنه سينقلهم إلى المدارس الحكومية خلال العام القادم، لان الأقساط باتت غير طبيعية.
بدوره، يتساءل سليم المحمد: "هل من المعقول أن تعجز وزارة التربية عن وضع آلية فعالة لضبط أقساط الروضات والتعليم الأساسي والثانوي؟ يجب إلزام المدارس بعقود سنوية تحمي حقوق التلميذ وولي أمره، على غرار وزارة التعليم العالي، إذ يبرم التلميذ عند تسجيله في السنة الأولى عقداً يلزم الجامعة بتثبيت القسط السنوي طيلة سنوات الدراسة. إذا كانت وزارة التعليم العالي لديها آلية لضبط الأقساط، فكيف تعجز وزارة التربية عن ذلك؟".
في المقابل، يرى أحد معلمي المدارس السورية الخاصة، والذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "رفع أقساط المدارس الخاصة هذا العام طبيعي، ويتبع الأوضاع الاقتصادية المتغيرة، لا سيما تكاليف النقل المرتبطة بسعر الصرف المتأرجح، كما أن بعض المدارس تقوم بتوزيع الألبسة والدفاتر والكتب الجديدة، إضافة إلى تقديم خدمات مثل إقامة الحفلات، وتوزيع جوائز على التلاميذ".
حاول "العربي الجديد" التواصل مع المكتب الإعلامي في وزارة التربية لمعرفة آخر القرارت المتخذة إزاء رسوم المدارس الخاصة، لكن امتنع المسؤولون عن إعطاء أي تصريح بخصوص الموضوع، بحجة أن هناك توجيهات جديدة عليهم الالتزام بها.
وتشهد العملية التربوية في سورية تدهوراً كبيراً، سواء من ناحية المناهج، أو توفير المتطلبات، أو من ناحية ارتفاع معدلات التسرب نتيجة عدم توفر الأمن، أو الفقر، بالتزامن مع انهيار الليرة السورية وتدهور الأوضاع المعيشية.
وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" إلى أن نحو 2.4 مليون طفل خارج المدرسة في سورية، ما يمثل نصف عدد الأطفال في سن الدراسة في البلاد، وأن واحدة من كل ثلاث مدارس سورية لا تستخدم لأغراض تعليمية، سواء بسبب تدميرها أو تضررها، أو لإيوائها نازحين، أو استخدامها لأغراض عسكرية.