أفغانيات ضحايا المخدرات

أفغانيات ضحايا المخدرات

14 مارس 2021
40 في المائة من المدمنين هم من النساء والأطفال (باولا برونشتين/ Getty)
+ الخط -

يعاني المجتمع الأفغاني من زيادة في عدد مدمني المخدرات، 40 في المائة منهم من النساء والأطفال، بسبب الظروف المعيشية في البلاد.

لم تكن سلمى تعرف عن الحشيش وأنواع المخدرات الأخرى شيئاً، قبل أن تتزوج بقريبها نديم، منذ عشر سنوات. كان نديم مدمناً على الحشيش آنذاك، ولكن سلمى وأهلها ما كانوا يعرفون ذلك، حتى أصبحت لاحقاً تساعد زوجها في توفير الحشيش وأدمنته هي الأخرى، بينما ارتقى زوجها في سلّم الإدمان ليصبح مدمن هيرويين. تسكن سلمى وزوجها نديم في شقة صغيرة في منطقة بروزه تيمني، في الشارع رقم أربعة في العاصمة الأفغانية كابول، وهي تعمل في تنظيف المنازل، بينما زوجها عاطل عن العمل، يجلس في المنزل طيلة النهار أو يخرج لتعاطي المخدرات مع أصدقائه. تقول سلمى لـ"العربي الجديد": "إنّ الحياة ليست سوى عبء ثقيل بالنسبة إليّ، أريد التخلّص منه. لقد تزوجت نديم منذ عشر سنوات وكانت لدي أحلام كبيرة وكثيرة. كنت أريد أن أكوّن أسرة وأربّي الأولاد، ولكن ما حصل كان غير ذلك. لقد حرمنا من الأولاد، فأنا زرت الكثير من الأطباء، ولكن بلا جدوى. كلّهم أكّدوا لي أنّ إدمان زوجي هو السبب". تضيف سلمى أنها تعوّدت على الحشيشة وهي تتعاطاها بين الحين والآخر، هرباً من متاعب الحياة الكثيرة، موضحة أنّ الحياة بالنسبة إليها الآن "هي فقط العمل في منازل الناس طيلة النهار، والعودة في المساء إلى منزل خالٍ من الأطفال. حتى زوجي أحياناً، لا يكون في المنزل ليلاً، فأبيت وحدي". والدة سلمى ساعدتها في شراء الشقة التي تملكها مع زوجها، وهو أمر أراحها وخفّف الأعباء عنها كثيراً، بينما في السابق، كانت تعيش في منزل بالإيجار، ما كان يشكّل عبئاً ثقيلاً آخر على كاهليها. أما زوجها نديم، فتعب من حياة الإدمان. حاول كثيراً التخلص منه ولكنه لا يستطيع. يقول نديم لـ"العربي الجديد": "بسبب زملاء السوء وبعض أصدقائي المدمنين، ابتليت بالإدمان وحاولت التخلّص من وضعي هذا، ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل". أدخلت سلمى وأقاربها، عدّة مرات، نديم إلى مركز خاص ليتعالج من الإدمان، ومكث هناك أياماً كثيرة لكن بلا جدوى، إذ ما إن يعود الرجل إلى منزله حتى يعاود الإدمان من جديد. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

على غرار سلمى، هناك آلاف الأفغانيات اللواتي يعانين بسبب إدمانهن أو إدمان أحد أقاربهن. إذ تقول وزارة الصحة الأفغانية إنّ عدد المدمنين في أفغانستان وصل إلى مليونين ونصف مليون مدمن، 40 في المائة منهم من النساء والأطفال، مؤكّدة أنّ عدد المدمنات من النساء في القرى والأرياف أعلى من عدد المدمنات في المدن.
وقالت الوزارة، في بيان لها، في الثاني من شهر مارس/ آذار الجاري، إنّ عدد المدمنات من نساء أفغانستان وصل إلى 850 ألفاً، ولا توجد مديرية من مديريات أفغانستان إلا وسجّلت عدداً من المدمنات بالمخدرات بأنواعها المختلفة.
وأشارت الوزارة في بيانها إلى أنّ هناك 20 مركزاً لعلاج النساء من الإدمان على مستوى أفغانستان كلها وإمكانات هذه المراكز هشّة وضعيفة. كما أنّ عدد هذه المراكز قليل جداً بالنظر إلى عدد المدمنات، لا سيما أنه في تزايد مستمر، وأشار البيان إلى أنّ عدد الأسرّة الموجودة في مراكز علاج المدمنين يصل إلى 4070 سريراً، 18 في المائة منها للنساء.
هذه الآفة لم تطاول النساء فقط، بل إنّ أعداداً كبيرة من الأطفال أيضاً تحوّلوا إلى مدمني مخدرات. 
وتعليقاً على القضية، تقول الناشطة شايسته يوسفي، لـ"العربي الجديد"، إنّ من أهم أسباب إدمان النساء والأطفال، بل حتى الرجال، هي الحرب التي طاولت كل نواحي الحياة، والتي دمّرت تبعاتها الحياة الاجتماعية في أفغانستان، فكثير من النساء
يهربن من مشاكلهن الحياتية والاجتماعية والاقتصادية عبر إدمان المخدرات. تضيف يوسفي أنّ من بين العوامل المؤثرة أيضاً العنف الأسري، فكثير من النساء يتجّهن إلى الإدمان بعد تعرّضهن للعنف الأسري. وتذكر يوسفي قصة جارتها عابده، التي صارت تتعاطى الحشيش بعد أن كانت تتعرّض للضرب والعنف من قبل زوجها. شكت عابده، مرات عدة، إلى والديها ما كانت تعانيه مع زوجها، إلا أنها لم تجد آذاناً صاغية، وبالتالي لم تجد غير طريق الإدمان. بعد ذلك، ورغم إصرار زوجها على تركها الحشيشة، لم تتمكن من ذلك، ما أثّر على تربية أولادها، فالصغار من بينهم يدخنون السجائر.

قضايا وناس
التحديثات الحية

ومن أسباب زيادة الإدمان أيضاً، خاصة بين الرجال، البطالة. زر خان، من إقليم ننجرهار، هو الابن الوحيد لأهله بعد خمس بنات والمدلّل في المنزل. درس حتى الصف العاشر في مديرية خوجياني، ثم ترك الدراسة بعد أن تزوج وانتقل إلى مدينة جلال أباد، مركز إقليم ننجرهار، حيث عمل في محل تجاري وبدأ يدمن الحشيش لاحقاً، حين أصبح عاطلاً عن العمل. التحق زر خان بالشرطة في إقليم قندهار، لكنه عاد وترك العمل لاحقاً، واليوم، وبسبب الضغوطات المعيشية، صار مدمن هيرويين، كما فُقد من منزله قبل ثمانية أشهر.

المساهمون