أفغانستان: شاعر يبيع الحساء وحقوقي سائق أجرة

أفغانستان: شاعر يبيع الحساء وحقوقي سائق أجرة

01 فبراير 2022
يبيع الخبز لكسب الرزق (محمد نوري/ الأناضول)
+ الخط -

يبيع الشاعر الأفغاني حياة الله، الحساء على عربة صغيرة في مدينة قندهار جنوبي أفغانستان بهدف تأمين لقمة العيش لأولاده وأهله بعدما بات المعيل الوحيد لهم، هو الذي كان يركز على المشاركة في الأنشطة الثقافية في المدينة، وقد صدر له ديوانان خلال السنوات الماضية.
كان قد تخرج من كلية الآداب في جامعة قندهار، ثم عمل في إعداد البرامج الثقافية والترفيهية في العديد من الإذاعات المحلية، قبل أن تنهار الحكومة السابقة بفعل سيطرة حركة "طالبان" على البلاد ليصبح الرجل بلا عمل. ويقول الشاعر حيات الله لـ "العربي الجديد": "بعد سقوط الحكومة بقيت في منزلي بلا عمل. انتظرت بعض الوقت عل الأمور تتحسّن فأعود إلى العمل من دون جدوى. ثم توجهت إلى السوق للبحث عن عمل في مجال التجارة، إلّا أنّني كنت في حاجة إلى رأس مال كبير. وبعدما بدأت الديون تتراكم أكثر فأكثر، قررت العمل في أي شيء من أجل تأمين لقمة العيش لأولادي. يومياً، أخرج من المنزل عند الساعة العاشرة صباحاً لبيع الحساء في السوق على عربة صغيرة". ويشير إلى أنّه واجه الكثير من المشاكل في بداية الأمر. أما بالنسبة لزوجته، فلم يكن من السهل عليها إعداد الحساء المعروف محلياً بسوب مرغ (حساء الدجاج).
ويقول حياة الله لـ "العربي الجديد": "الأحوال سيئة للغاية. كانت لدي أحلام كثيرة، وخصوصاً في ما يتعلق ببلادي والجيل الجديد. لكن بسبب الأحوال السائدة، بات أولادي بلا مدرسة ومن دون تعليم. ولا يمكنني أن أرسلهم إلى المدارس التي كنت قد اخترتها لهم في السابق لأنّني أعجز عن رفع الرسوم". 
ولا تختلف قصة سميع الله بشد وال، وهو من إقليم كنر، عن حياة الله. كان قد تخرج من كلية الحقوق في جامعة "مريم" في العاصمة الأفغانية كابول، وشغل مناصب حكومية عدة على مدى 15 عاماً. وكان يعمل في القصر الرئاسي قبل أن تنهار الحكومة السابقة في أغسطس/ آب الماضي. راتبه كان جيداً لكنه لم يفكر بالادخار، إذ لم يتوقع أن ينقلب كل شيء رأساً على عقب بهذه السرعة.

وقبل العمل في القصر الرئاسي، عمل في وزارة الشؤون البرلمانية. لكن بعد سقوط الحكومة السابقة أصبح بلا عمل، وبقي أشهر عدة في المنزل، ثم حاول الحصول على عمل في بعض المؤسسات الأجنبية. لكن كل تلك الجهود لم تتكلل بالنجاح وباتت بلا نتيجة، ما دفعه إلى شراء سيارة أجرة لتأمين الرزق. ويقول لـ"العربي الجديد": "ما حصل هو بسببنا. نحن الأفغان لا نستفيد من الفرص، إذ كانت لدينا فرصة ثمينة لتطوير البنى التحتية، لكننا اكتفينا بالمساعدات الأجنبية واعتمدنا على القوات الأجنبية بشكل كامل. ومع خروجها، انهار كل شيء وعدنا إلى نقطة الصفر".

في أحد أسواق كابول (محد رصفان/ فرانس برس)
في أحد أسواق كابول (محد رصفان/ فرانس برس)

والقصص كثيرة لأفغان كانت لديهم مهن مستقرة إلا أنهم اضطروا اليوم إلى العمل في أي مهنة لتأمين الرزق، ومن بينهم خليل عدنان من إقليم لغمان الشرقي، الذي تخرج من كلية الحقوق في جامعة "أريانا" وعمل سنوات عدة في المناصب المختلفة في الحكومة قبل سقوط الحكومة. وفي ظل الأزمة المعيشية الخانقة، توجه إلى سوق في مدينة جلال أباد وفتح دكاناً صغيراً يبيع فيه الملابس المستعملة. 
أما الخبير القانوني طارق منيب الذي كان يعمل في مكتب مستشار الرئيس الأفغاني في الشؤون القبلية والسياسية ضياء الحق آمر خيل، فقد اضطر للتوجه إلى السوق وبدأ العمل في بيع الأدوية. يأخذها من الشركات ويوزعها على الصيدليات.

إلى ذلك، تقول الإعلامية والناشطة فرخنده محبي لـ "العربي الجديد": "الحالة المعيشية في البلاد أسوأ مما يمكن تصوره، وخصوصاً بحق المتعلمين والمثقفين. وخلال العقدين الماضيين، توجه الشبان والفتيات إلى التعليم في ظل زيادة فرصهم، وكثرت أعداد الجامعات في البلاد. لكن في ظل انهيار الحكومة وما واجهه كثيرون من المتعلمين والمثقفين الذين خسروا أعمالهم، يخيب أمل الجيل الجديد، إذ لم يعد لديه أي حافز للدراسة، وقد اضطر كثيرون للجوء إلى السوق، كما هو حال غيرهم من أبناء البلاد".
من جهته، يتفق الناشط الأفغاني عتيق الله زمن، الذي خسر عمله بعدما تابع الدراسات العليا في جامعة سلام، وعمل في إحدى الوزارات، مع ما تقوله الإعلامية فرخنده حسن. ويقول لـ "العربي الجديد": "أعداد المثقفين والمتعلمين العاطلين عن العمل تفوق الخيال، ويجول الجميع على مكاتب المؤسسات الأجنبية. وعندما لا يجدون فرص عمل، يتوجهون إلى الأسواق، ليخيب أمل الجيل الجديد ويضيع جهود جيلنا المثقف والمتعلم".

المساهمون