أفغانستان: المرأة خارج أجهزة الأمن

أفغانستان: المرأة خارج أجهزة الأمن

22 ابريل 2022
طوت "طالبان" صفحة موظفات أجهزة الأمن (وكيل كوشار/ فرانس برس)
+ الخط -

بين الشرائح التي تأثرت بالتغيرات والتقلبات السياسية والأمنية التي شهدتها أفغانستان بعد استعادة حركة طالبان الحكم في أغسطس/ آب الماضي، العاملات والموظفات في الجيش وجهاز الشرطة. نجح بعضهن في الفرار من البلاد، لكن جلّهن بقين في الداخل بلا عمل، ويواجهن مصيراً مجهولاً باستثناء قليلات احتاجت لهن "طالبان"، مثل عاملات في مكاتب جوازات السفر، وأخريات في وزارة الداخلية.
تقول الضابطة السابقة في وزارة الداخلية نورزيه واحدي لـ"العربي الجديد": "أصبحنا بلا عمل، ونواجه مصيراً مجهولاً بعدما سيطرت طالبان على العاصمة كابول. لا نستطيع فعل شيء، أنا متخرجة جامعية وشغلت مناصب مختلفة لمدة سبع سنوات في وزارة الداخلية. وبعدما قدمت طالبان إلى كابول بقيت في منزلي، لكنني أرملة ولدي ستة أولاد يحتاجون إلى مصاريف أعجز عن تأمينها حالياً". 
وتكشف نورزيه أنها كانت تتوقع أن تحصل على راتب تقاعدها الشهري بعد وقفها عن العمل، لكن ذلك لم يحصل. وتستبعد أن تسمح حركة طالبان لها ولزميلاتها بالعمل، "لذا أفكر أن أفتح محل بقالة صغير لإبني الأكبر شهاب الدين الذي تخرج من المدرسة وينتظر الالتحاق بالجامعة، وذلك في مكان قريب من منزلنا، كي يتكفل بأمور الأسرة". وتطالب نورزيه المجتمع الدولي بالعمل لمعالجة أوضاع الموظفات السابقات في أجهزة الأمن الأفغانية "لأنهن فعلن الكثير لبلدهن في ظل ظروف عمل صعبة فرضتها التهديدات الأمنية لطالبان وتنظيم داعش، وحين حلّت المصيبة علينا، لم يسأل أحد عن حالنا، وتمسكت طالبان بسياسة إبعادنا عن وظائفنا".

خروج بلا أفق
بدورها، تقول الجندية السابقة في الجيش شكرية مبارز التي هربت من أفغانستان وتعيش في ظل ظروف صعبة في إيران لـ"العربي الجديد": "أنا مستعدة للعودة إلى البلاد شرط أن تسمح طالبان لنا بالعمل. أطالب حكومتها بأن تعيد النظر في سياسة تعاملها مع جميع النساء، خاصة العاملات في أجهزة الأمن، وإذا حدث ذلك، فسأرجع إلى أفغانستان لأنني أحب بلادي، وأريد أن أعمل فيها ولأجلها".
تضيف: "كنت أعمل في ظروف عصيبة جداً، باعتباري كنت أربي أولادي، وأتواجد في أماكن حساسة وخطرة. الآن أعيش مع أولادي في إيران من دون أن نعرف مصيرنا. أريد أن أخرج من هذا البلد، وأتطلع كل صباح لأن تتحسن الأحوال وأعود، فالحقيقة أنني أواجه مشاكل عصيبة هنا، وقد ساعدني بعض المواطنين الإيرانيين في توفير محتويات للمنزل، لكنني لا أستطيع أن أدفع إيجار المنزل حالياً، وأعيش حالياً مع أسرة أخرى في بيت صغير من غرفتين فقط.

دربت تركيا سابقاً شرطيات أفغانيات (هارون صباؤون/ الأناضول)
دربت تركيا سابقاً شرطيات أفغانيات (هارون صباؤون/ الأناضول)

وتكشف أيضاً أنّ زوجها كان يعمل في الاستخبارات الأفغانية: "لذا كان من الصعب جداً أن نعيش في كابول بعد مجيء طالبان، فذهبنا إلى منزل أمي في مدينة مزار شريف (شمال)، وانتظرنا شهرين علّ طالبان تسمح لنا بالعودة إلى العمل، لكن ذلك لم يحصل، وبقيت مع زوجي بلا عمل فقررنا الخروج من البلاد، وكانت إيران المكان الوحيد الذي كنا نستطيع أن نغادر إليه. أما المعضلة الأساسية حالياً فهي حرمان أولادي الستة من التعليم وجلوسهم في المنزل".

تجاهل حقوق التقاعد
أما الضابطة السابقة في الشرطة آلهي شريفي فتقول لـ"العربي الجديد": "لا يمنع الإسلام النساء من العمل، بل يجبرهن على ارتداء الحجاب واللباس المحتشم، وهو ما كنا نفعله في عملنا مع النظام السابق. الآن، نريد أن تسمح لنا طالبان بالعمل استناداً إلى الشريعة الإسلامية، وتحت أي آلية تعتقد طالبان بأنها إسلامية. نقبل أي تغيير، لكن لا نريد أن نحرم من حقوقنا، فنحن عملنا في ظل ظروف قاسية للغاية من أجل مستقبل البلاد ومستقبل أولادنا، ونحرم من كل شيء حالياً. نطالب بالحصول على رواتب التقاعد باعتبارها حقنا الشرعي والقانوني، بعدما اقتطعت الحكومة السابقة جزءاً من رواتب الموظفين للحصول عليه لاحقاً. ولا شك في أنّ طالبان تحتاج إلى شريحة النساء في أجهزة الأمن، لذا ندعوها لأن تسمح لنا بالعمل، ونناشد المجتمع الدولي الضغط على طالبان كي تقبل حقوقنا. نواجه أوضاعاً معيشية صعبة للغاية، ولم نعتقد بأن النظام السابق سينهار بسرعة، وأن نبقى بلا عمل وبلا مستقبل".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ومع أن أنوشه شاه عادت إلى العمل في قسم الفحص بمكتب إصدار جوازات السفر، لكنها مستاءة بشكل كبير من المضايقات التي تتعرض لها، وتقول لـ"العربي الجديد": "أواجه أنواعاً عدة من المضايقات الكثيرة، وبينها عدم حصولي على راتبي بطريقة منظمة"، لكنّها تستدرك بأنّ حالها أفضل من باقي زميلاتها اللواتي يجلسن في المنزل بلا عمل، ولا يعرفن مصيرهن، وينتظرن أن تغيّر طالبان سياستها حيال النساء وتسمح لهن بالعمل.

المساهمون