أفغانستان: إلزامية التطعيم تغضب الطلاب

أفغانستان: إلزامية التطعيم تغضب الطلاب

15 اغسطس 2021
ليس الجميع واثقاً باللقاح (باولا برونشتين/ Getty)
+ الخط -

حصل الشاب الأفغاني جنيد الله، على بطاقة خاصة بالأشخاص الذين تلقّوا لقاحاً مضاداً لكوفيد-19 زوّده بها أحد أقاربه، فملأها ببياناته الشخصية ليتمكّن من إبرازها في جامعة كابول عند الحاجة إلى ذلك. فهو كما آخرين في أفغانستان يتهرّب من تلقّي اللقاح الذي من شأنه حمايته من فيروس كورونا الجديد، إذ يخشى أن يصيبه ضرر ما. وعملية التزوير التي أتى بها جنيد الله تتكرّر بين كثيرين من موظفي الجامعات الأفغانية وطلابها. وفي حين يتهرّب هؤلاء من اللقاح ويلجؤون إلى التزوير، فقد لجأ آخرون إلى الاحتجاج والاعتراض.
وكانت وزارة التعليم العالي في البلاد بالتنسيق مع وزارة الصحة، قد فرضت على جميع طلاب والعاملين في الجامعات الحكومية والخاصة تلقّي اللقاح المضاد لكوفيد-19 من أجل التمكّن من دخول الجامعات، بعدما كانت قد أغلقت أبوابها لأسابيع عدّة على خلفية موجة جديدة من وباء كورونا. لكنّ ذلك تسبّب في مشكلة ما بين الحكومة والطلاب، إذ رفض كثيرون منهم ذلك، مطالبين الحكومة بجعل عملية التحصين اختيارية لا قسرية.
وانتقد الطلاب والمهتمون بقطاع التعليم بشدّة قرار الحكومة الأفغانية الخاص بتحصين الطلاب قسراً، واصفين إيّاه بأنّه انتهاك لحقوق الإنسان وداعين إلى مراجعة إلزامية التحصين. فيقول جنيد الله لـ"العربي الجديد" إنّ "المشكلة الأساسية ليست في تلقّي اللقاح إنّما بإجبار الطلاب على ذلك"، مشدداً على أنّ "هذا أمر مرفوض. وعلى الحكومة جعل الأمر اختيارياً كما هي الحال في دول مختلفة. بالتالي يتلقّاه من يرغب في ذلك، ويتخلّف عنه من لا يرغب فيه".
من جهتها، تقول سيما رفيع، الطالبة في كلية الآداب في جامعة كابول لـ"العربي الجديد" إنّ "الحكومة الأفغانية قررت فتح الجامعات الحكومية والخاصة بعد تعليق التعليم الحضوري لفترة طويلة، هو أمر مرحّب به من قبل جميع الطلاب والطالبات لأنّنا سئمنا من التعليم عن بُعد المفروض علينا على خلفية وباء كورونا، إذ إنّنا لم نستفد منه". تضيف: "لكن أن تفتح الجامعات أبوابها بشرط تلقّي الطلاب والموظفين جميعاً لقاحاً مضاداً لكوفيد-19، فهذا أمر محزن جداً. ففي كل دول العالم اللقاح اختياري، فلماذا يُرغم الناس في بلادنا على ذلك؟". وتشير سيما رفيع إلى مخاوف من عملية التحصين، ومن أعراض جانبية ممكنة.
في هذا السياق، يقول الناشط إنعام الله رحماني لـ"العربي الجديد" إنّ "إرغام الناس على تلقّي اللقاح المضاد لكوفيد-19 يزيد الشكوك حول هذا اللقاح ومدى فائدته، لأنّ الناس في بلادنا ينظرون إلى كلّ ما يأتي من الغرب بسلبية. بالتالي الحلّ هو في أن تركّز الحكومة على التدابير الوقائية التي يتوجّب على المواطنين الالتزام بها، من قبل وضع الكمامة والتباعد الاجتماعي (الجسدي) وغيرهما". ويشير إلى أنّ "الحكومة ترغم الطلاب والطالبات على تلقّي اللقاح، لكنّها لا تتّخذ إجراءات في ما يخصّ الخطوات اللازمة الأخرى".

شاب أفغاني ولقاح كورونا في أفغانستان (وكيل كوهسار/ فرانس برس)
شاب أفغاني ولقاح كورونا في أفغانستان (وكيل كوهسار/ فرانس برس)

وتعليقاً على خبر وفاة طالب في جامعة بوليتخنيك نتيجة أخذ اللقاح، وهو أمر تحدّثت عنه سيما رفيع، يقول المتحدث باسم وزارة التعليم العالي حامد عبيدي لـ"العربي الجديد" إنّ "تلك التقارير الإخبارية غير صحيحة. صحيح أنّ الطالب توفّي، لكنّه تلقّى لقاحاً في خارج الجامعة ولم يُعرَف حتى الآن سبب وفاته". يضيف عبيدي أنّ "حملة التحصين في الجامعات الأفغانية مستمرة بشكل جيد ومن دون أيّ عقبات"، موضحاً أنّ "لقاح جونسون أند جونسون التي تعتمده الوزارة حالياً هو لقاح معتمد دولياً وموافق عليه من قبل منظمة الصحة العالمية، بالتالي فإنّ لا مشكلة فيه".

صحة
التحديثات الحية

ويتابع عبيدي أنّ "الوزارة قررت فرض التحصين بهذه الطريقة حتى لا نضطر في المستقبل إلى إغلاق الجامعات مثلما حدث في المرات الماضية. وهذا أمر في صالح الجامعات والطلاب"، مطالباً إياهم بأن "يتعاونوا مع الوزارة والفرق المخوّلة تزويدهم باللقاح".
أمّا نائب المتحدث باسم وزارة الصحة عثمان طاهري، فيقول لـ"العربي الجديد" إنّ "ما يروّج له بعض الناس حول تسبّب اللقاح المضاد لكوفيد-19 بأمراض نفسية (هو أمر أشارت إليه سيما رفيع كذلك)، شائعات لا أساس لها من الصحة"، مشدداً على أنّه "يتوجّب على المواطن الأفغاني عموماً وعلى الطلاب الجامعيين خصوصاً ألا يخافوا من اللقاح، بل عليهم أن يتنافسوا للحصول عليه". وأكد طاهري أنّ "طلاب الجامعات هم بأمسّ الحاجة إلى هذا اللقاح لأنّ التجمّع في غرف الصفوف يشمل أعداداً كبيرة، بالتالي لا يمكن أخذ الحيطة والحذر كما هو مفروض ولا مناص من اللقاح".

قضايا وناس
التحديثات الحية

بدوره يشدّد الطبيب المتخصص في الأمراض العقلية والنفسية حكيم الله لـ"العربي الجديد" على أنّ "التزوّد باللقاح المضاد لكوفيد-19 ضروري لجميع المواطنين، سواء أكانوا من طلاب الجامعات أو غير ذلك. ولا بدّ لهم من أن يبادروا إلى ذلك". ويطمئن حكيم الله المتخوفين قائلاً إنّ "اللقاح غير مضر، لكنّ يتوجّب على الحكومة إعادة النظر في قرار تحصين الطلاب قسراً. فهذا أمر غير لائق، وعليها إيجاد طرق بديلة لإقناع الطلاب بتلقّي اللقاح".
تجدر الإشارة إلى أنّ وزارة الصحة الأفغانية كانت قد أطلقت حملة لتهيئة الأجواء وتشجيع الناس على تلقّي اللقاح المضاد لكوفيد-19. وبحسب ما يقول طاهري، فإنّ "الحملة حقّقت نجاحاً، إذ ثمّة إقبال كبير على اللقاح أخيراً مقارنة بالأيام الماضية".

المساهمون