أطفال "زوم"

أطفال "زوم"

23 أكتوبر 2020
دراسة عن بعد (نيلسون ألميدا/ فرانس برس)
+ الخط -

كما يدخل أي شيء في روتين حياتنا اليومي، تحوّل تطبيق "زوم" إلى مرافق خفيف. ليس هو بحملٍ ثقيل يتطلّب عضلات. لا وزن له. خفيف الظل يسلك شبكات عالمية، ويجمعنا أينما كنّا، حتى إنه يمكن أن يؤمّن التقاء القطبين. وجعل تفشي فيروس كورونا في مختلف أنحاء العالم منه بديلاً لحياة حقيقية أو واقعية عشناها. على أيّة حال، كُتِب الكثير في هذا الأمر، ومثله عن التعليم عن بعد. وناقش متخصصون حول العالم مدى جدواه، واحتمال تكريس الوحدة عند التلاميذ، ما قد يجعل العودة تشبه سنة الطفل الدراسية الأولى، حين ينفصل عن والديه.
لكن لا مفرّ. فالبديل هو اللاتعليم، أو لنقل التسرّب غير المقصود. وإذا كنّا متفائلين، سنقول إنّنا بتنا نؤمن جميعاً بالتعليم في المنزل والتشديد على التثقيف الذي لا توفره المدارس في لبنان. إلا أن زوم حلّ كل تلك التعقيدات، واختصر أكثر من 20 تلميذاً في شاشة تحت مسمّى التعليم عن بعد. 
هكذا يستيقظ جيل الزوم باكراً ويقوم بالطقوس نفسها التي اعتادها في زمن ما قبل الزوم. يغسل وجهه وينظّف أسنانه ويرتدي ثيابه ويجلس أمام الشاشة. والأطفال الذين اعتادوا الشكوى بسبب لجوء المعلمين إلى الصراخ في أحيانٍ كثيرة، سيجدونهم، على غير عادة، شديدي اللطف. فالحلّ في "كبسة زرّ"، من خلال خاصية "mute" (كتم الصوت) وunmute (إلغاء كتم الصوت). وتصير الحصّة جلسة أوتاميتيكية شديدة التهذيب، وقد تحوّل الأطفال إلى طلاب جامعيّين، يضغطون على "raise hand" (رفع الاصبع) إذا ما أرادوا الكلام، أو يتولى المعلم أو المعلمة الأمر. هؤلاء الأطفال يعيشون طفولة تفتقر إلى الشغب والثرثرة والضحك إذا ما تعثّرت المعلمة/ المعلّم في أثناء المشي، أو ظهرت على وجهها/ وجهه ملامح الغضب. ولن يتمكنوا من رشق بعضهم بعضاً بالمماحي، فيما يراقب أحدهم المعلمة/ المعلم، لينذرهم بالتوقف إذا ما أدارت وجهها/ أدار وجهه إليهم.

موقف
التحديثات الحية

كلّ ما سبق في كفّة، وصفّ الرياضة عن بعد في كفّة. أطلّ أستاذ الرياضة على الشاشة، وفي الخلفية خزانة بنيّة اللون، فعلّق أحد الأطفال قائلاً إنها تشبه تلك الموجودة في غرفة أمه وأبيه. عرّف عن نفسه وسأل التلاميذ عن النشاطات التي مارسوها خلال إجازة الصيف، ثم أخبرهم أنه خلال الحصة المقبلة، سيرسل إليهم فيديو يتضمن بعض التمارين الرياضية التي عليهم القيام بها. بالنسبة إلى البعض، فهذا الصفّ قد يبدو أساسياً لتشجيع التلاميذ على الحركة. لكن "أونلاين"، ومن دون طابة قد تكسر الزجاج، ومن دون صراخ في أثناء الركض، أو تعرّق تحت أشعة الشمس. ثمّ كيف يتبارون؟ هل يمكن الطابة أن تنتقل أونلاين؟
يشبه هذا الصف التمارين الرياضية التي كانت تعرض على تلفزيون لبناني محلي صباحاً تحت عنوان "ما إلك إلّا هيفا".

المساهمون