استمع إلى الملخص
- يبرر وزير الخارجية الدنماركي أن دعم المستشفيات في غزة ومناطق الجوار هو الحل الأمثل، لكن الأطباء يرون أن الوضع كارثي ويحتاج لمساعدة أوروبية.
- يتزايد الجدل في الدنمارك حول موقف الحكومة، مع تزايد التعاطف الشعبي مع فلسطين وانتقاد إسرائيل.
تواصل الحكومة الدنماركية برئاسة ميتا فريدركسن، وهي صديقة شخصية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رفض التجاوب مع الدعوات المتكررة التي وجهتها نقابة الأطباء في البلاد ومنظمة "أطباء بلا حدود" من أجل العمل على استقبال أطفال مرضى أو جرحى من قطاع غزة.
وفي 12 مايو/أيار الماضي، أطلق 366 طبيباً وطبيبة في الدنمارك عريضة مطالبات، أوردت أن "بلدنا لديه مساحة وإمكانيات لاستقبال أطفال في المستشفيات"، لافتين إلى أن تدمير القطاع الصحي في قطاع غزة، وإخراج المستشفيات من الخدمة، وتقليص عدد أسرة العلاج إلى نحو 1900 لنحو 2.1 مليون فلسطيني في غزة تجعل من الضروري التفكير بمساعدة نحو 4500 طفل على الأقل، من بين مرضى يتراوح عددهم بين 11 و13 ألف مريض.
وأكد الأطباء أيضاً أن "تقديرات منظمة الصحة العالمية التي تتحدث عن أنه لا يمكن توفير العلاج اللازم محلياً يجعلنا نطالب دول الاتحاد الأوروبي بإجلاء واستقبال مرضى من غزة، ونشدد على ضرورة أن تستجيب الدنمارك لنقل مرضى يعانون من أمراض أو جروح بالغة إلى مستشفياتها، باعتبار أن المساعدة في مستشفيات غزة غير كافية".
وذكّروا الأطباء رئيسة الحكومة فريدركسن باستجابة دول عدة لطلب منظمة الصحة العالمية، مثل إيطاليا وفرنسا والنرويج وبلجيكا وإسبانيا وسويسرا ورومانيا، وكلها دول أجلي مرضى من غزة إليها، في حين أكدت منظمة أطباء بلا حدود ونقابة الأطباء في الدنمارك أن "التقاعس الرسمي محزن للغاية، خصوصاً في ظل وجود موارد كافية في الدنمارك لاستقبال بعض الأطفال الذين يعانون من أمراض خطيرة".
وكانت كبيرة الأطباء في المستشفى الوطني والمستشارة الطبية في منظمة "أطباء بلا حدود"، فيبيكا بريكس كريستنسن، قالت إن "القطاع الصحي في الدنمارك لديه القدرات والمهارات والموارد اللازمة لمساعدة سكان غزة". ووسط السجال الدائر رأى وزير الخارجية السابق مارتن ليدغورد، زعيم حزب "راديكال فينسترا"، أن "الجميع مدينون بمد يد العون لسكان غزة بقدر ما يستطيعون، وآمل في الحصول على دعم سياسي كي نستطيع مساعدة المرضى الذين يقفون على حافة الموت".
من جهته قال وزير الخارجية لارس لوكا راسموسن: "من الأفضل دعم مستشفيات ومرضى غزة داخل القطاع وفي مناطق الجوار"، وبرر تجاهل الحكومة طلب منظمة الصحة العالمية بأن "توفير دعم داخل غزة هو الحل الأمثل، فالأموال ستكون أكثر فعّالية هناك كما في مناطق الجوار".
لكن الأطباء الدنماركيون يرفضون هذا المبرر، ويشددون على أن "الوقت ليس في صالح المرضى في غزة خصوصاً الأطفال". وقالت مستشارة "أطباء بلا حدود"، كريستنسن: "الوضع كارثي في غزة إذ لا توجد مرافق صحية تقدم خدمات فعّالة، كما أن الدول المجاورة التي استقبلت الكثير من المرضى لا تستطيع الآن استيعاب المزيد، والحاجة ماسة إلى مساعدة دول الاتحاد الأوروبي".
واتسع الجدل حول تعنت الحكومة الدنماركية إزاء دعم غزة صحياً في ظل توسّع التغطية الإعلامية لأوضاع غزة الكارثية، وارتفاع نبرة انتقاد إسرائيل وضرورة مقاطعتها مع استمرار التضامن الشعبي مع قطاع غزة، والذي دفع أيضاً أحزاباً إلى رفض السياسات الرسمية لبلدهم.
في السياق، أكدت مقررة السياسات الخارجية التي تمثل حزب اللائحة الموحدة اليساري، ترينا بيرتو باك، أن "رفض الحكومة استقبال أطفال مرضى من غزة محرج للغاية، خصوصاً أن الوضع السائد واضح، ويتمثل في عدم إمكان إدخال مساعدات طارئة إلى غزة، لأن إسرائيل لا تسمح بذلك. لا يملك سكان غزة أي شيء يحتاجونه، ومسألة الحياة بالنسبة إليهم تعتمد على الحصول على مساعدة".
ويتابع الدنماركيون على المستوى الإعلامي والدبلوماسي ما يعتبرونه "تلاعباً من نتنياهو بشأن السماح بدخول بعض الكميات الأساسية من الغذاء إلى غزة". وتعكس النقاشات تزايد الاستياء من التلاعب الإسرائيلي، وتبرز وسائل إعلام تفاصيل إنسانية كثيرة غابت نحو 20 شهراً من الحرب على غزة، وأيضاً تنامي التعاطف الشعبي مع قضية فلسطين إذ بات دنماركيون كثيرون يشاركون في فعّاليات التنديد بجرائم الاحتلال في غزة والضفة الغربية.
وفي 14 مايو الجاري، قال مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، إن "إسرائيل تفرض عمداً وبلا خجل، ظروفاً غير إنسانية على المدنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة. لأكثر من عشرة أسابيع، لم يدخل أي شيء إلى غزة - لا طعام، ولا دواء، ولا ماء، ولا خيام".