استمع إلى الملخص
- أكد الأطباء الأميركيون على خطورة الوضع، مشيرين إلى اعتقال وقتل العاملين في المجال الصحي، مثل حالة الطبيب حسام أبو صفية، مما يزيد من تفاقم الأزمة الصحية.
- يعاني الأطفال في غزة من إصابات خطيرة ونقص في الغذاء، مع الحاجة الملحة لإجلاء 2500 طفل لتجنب وفاتهم، وسط هجمات على المستشفيات ونقص في الكوادر الطبية.
أفاد أطباء أميركيون عملوا في مناطق مختلفة من قطاع غزة ومستشفياته وسط الحرب الإسرائيلية عليه، بأنّه لم يشهدوا دماراً في مناطق صراع أخرى مشابهاً لذلك الذي خلّفته إسرائيل. جاء ذلك خلال حديث أمام الصحافيين في مقرّ الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، أمس الخميس، بعد اجتماع عقدوه مع الأمين العام للمنظمة الأممية أنطونيو غوتيريس. وقد شدّد الأخير، في تدوينة تشرها بعد الاجتماع على موقع إكس، على ضرورة إجلاء نحو ألفَين و500 طفل فلسطيني من قطاع غزة لتلقّي العلاج في الخارج، مع ضمان عودتهم إلى القطاع؛ إلى عائلاتهم ومجتمعاتهم.
وعلى مدى أكثر من 15 شهراً من حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل بحقّ الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر، لم تسلم المنظومة الصحية من الاستهداف المباشر بمختلف أشكاله، ولا سيّما القصف بالقذائف، إلى جانب تبعات الحصار الذي يفرضه الاحتلال، الأمر الذي أضاف عبئاً هائلاً إلى كاهل الفلسطينيين. يُذكر أنّ تحذيرات عديدة من انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة المحاصر راحت تتوالى منذ الأيام الأولى من الحرب التي أطلقتها قوات الاحتلال في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وقد قتلت إسرائيل عدداً كبيراً من الكوادر الطبية في قطاع غزة المنكوب، خلال استهدافها المنشآت الصحية والطبية، واعتقلت آخرين، الأمر الذي أدّى إلى نقص حاد في الطواقم الطبية بمختلف أنحاء القطاع. ومنعت القيود الإسرائيلية دخول فرق طبية دولية للمساهمة في تخفيف العبء، ما جعل المنظومة الصحية في قطاع غزة تواجه شبح الانهيار الكامل.
الطبيب الأميركي ثائر أحمد من بين هؤلاء الأطباء الذين قدّموا شهاداتهم، وهم من أصول فلسطينية ويعمل في شيكاغو. أفاد أحمد، الذي قدّم خدماته في مجمع ناصر الطبي جنوبي قطاع غزة في يناير/كانون الثاني 2024، بأنّ قتل العاملين في المجال الصحي صار أمراً "طبيعياً" بالنسبة إلى إسرائيل. وأشار إلى أنّ الطبيب الفلسطيني حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان، المعتقل لدى إسرائيل، خسر كلّ شيء ودفن ابنه بيديه، لكنّه على الرغم من كلّ ذلك لم يتخلّ عن واجبه. وشدّد الطبيب الأميركي على ضرورة الإفراج الفوري عن أبو صفية من سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة قد أعلنت، في 28 ديسمبر/كانون الأول 2024، أنّ القوات الإسرائيلية اعتقلت أبو صفية في محافظة شمال غزة، التي تمثّل مع محافظة غزة منطقة شمال قطاع غزة التي عزلها الاحتلال عن الوسط والجنوب. وقبل عملية الاعتقال تلك بيوم واحد، اقتحمت القوات الإسرائيلية مستشفى كمال عدوان وأضرمت النار فيه وأخرجته عن الخدمة، واعتقلت أكثر من 350 شخصاً كانوا في داخله، من بينهم أبو صفية.
وأشار أحمد إلى أنّ عدم وجود دبّابات أو قوات إسرائيلية في قطاع غزة لا يعني عدم موت مزيد من الناس، محذّراً من أنّ كثيرين سوف يلقون حتفهم في حال لم تتوفّر الإمدادات الطبية اللازمة لعلاج حالاتهم. أضاف أنّه كان من المقرّر بناء آلية للإجلاء الطبي في إطار اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الجاري، لكنّ ذلك لم يحدث.
الطبيبة الأميركية عائشة خان التي تعمل في مستشفى جامعة ستانفورد الأميركي من هؤلاء الأطباء الذين قدّموا خدماتهم في قطاع غزة خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة. قالت: "خدمت في نحو 30 منطقة حول العالم"، لكنّ "ما رأيته في قطاع غزة لم يسبق له مثيل". وأشارت خان إلى أنّ أطفالاً تتراوح أعمارهم بين خمسة أعوام وستّة كانوا يُنقَلون إلى المستشفى وهم مصابون بطلقات نارية وإصابات ناجمة عن مواد متفجّرة. وحذّرت من أنّ "الأطفال قد يموتون من الجوع حتى لو لم تسقط أيّ قنابل على قطاع غزة"، وشدّدت على أنّ "ثمّة حاجة ملحّة لإجلاء 2500 طفل وإلا فإنّهم سوف يموتون خلال أسابيع قليلة، في غياب أيّ نظام لتنفيذ عملية إجلائهم".
Thank you to @antonioguterres and the @UN for listening to American physicians who've returned from #Gaza. Even if Gaza is opened to the world tomorrow - which it won't be - thousands of #children are at imminent risk of death from everything from war wounds to childhood cancers,… https://t.co/zjN7Xmkh8o
— Feroze Sidhwa (@FerozeSidhwa) January 30, 2025
بدوره، قال الطبيب الأميركي فيروز سيدهوا: "لم أرَ مكاناً مثل قطاع غزة في حياتي، ما حدث كان أمراً فظيعاً"، مبيّناً أنّ المنظومة الصحية كانت مستهدفة بصورة مباشرة وأنّ كلّ مستشفى في القطاع تعرّض لهجوم. وذكر سيدهوا أنّ 250 مريضاً وجريجاً كانوا في مستشفى غزة الأوروبي خلال فترة وجوده هناك، نصفهم من الأطفال. ولفت إلى أنّ عاملاً واحداً من بين كلّ 20 عاملاً في مجال الرعاية الصحية في قطاع غزة قتلته إسرائيل.
أمّا الطبيبة الأميركية محمودة سيد، فقالت إن غوتيريس تعهّد بالتركيز على وضع الطبيب الفلسطيني حسام أبو صفية الذي اعتقله وتسهيل عمليات الإجلاء الطبي. وأوضحت أنّها حاولت علاج الأطفال الذين أصيبوا برصاص في الرأس من دون أيّ توفّر أيّ مستلزمات طبية تقريباً.
وتجدر الإشارة إلى أنّ إسرائيل عمدت، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى تدمير 34 مستشفى من أصل 38، من بينها مستشفيات حكومية وأخرى أهلية، تاركة أربعة مستشفيات فقط تعمل بقدرة محدودة على الرغم من تضرّرها، وسط نقص حاد بالأدوية والمعدّات الطبية، بحسب آخر إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة. كذلك أخرج القصف الإسرائيلي 80 مركزاً صحياً عن الخدمة بصورة كاملة، إلى جانب تدمير 162 مؤسسة طبية أخرى. وتعرّضت الكوادر الطبية في قطاع غزة لاستهداف مباشر، إذ وثّق المكتب الإعلامي الحكومي "استشهاد 331 من العاملين في القطاع الصحي، من بينهم ثلاثة أُعدموا في داخل السجون الإسرائيلية".
(الأناضول، العربي الجديد)