أسرى محررون يكشفون قسوة سجون الاحتلال... تنكيل حتى لحظة الحرية

رام الله

جهاد بركات

جهاد بركات
13 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 14 أكتوبر 2025 - 09:19 (توقيت القدس)
الإفراج عن أسرى الصفقة يكشف قسوة سجون الاحتلال..
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كشفت شهادات الأسرى الفلسطينيين المحرّرين عن معاناة كبيرة في السجون الإسرائيلية، بما في ذلك الاعتداءات المستمرة والأوضاع الصحية المأساوية، مثل استخدام لطفي رشدان لنظارته المكسورة طوال فترة اعتقاله.
- واجه الأسرى تهديدات إسرائيلية حتى بعد الإفراج عنهم، حيث مُنعوا من الاحتفال أو الإدلاء بتصريحات، وتعرضوا لأمراض جلدية مثل الجرب دون وسائل علاج.
- وصف الأسرى الأيام الأخيرة في السجن بأنها الأصعب، حيث تعرضوا للضرب والإهانات، مما أدى إلى إصابات جسدية ونفسية ونقل بعضهم إلى المستشفيات.

بينما تبدو فرحة الفلسطينيين عارمة بالإفراج عن دفعة من الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي من ضمن صفقة التبادل، اليوم الاثنين، تأتي شهادات المحرّرين لتنغّصها إذ تكشف عن تنكيل واعتداءات متواصلة حتى الساعات الأخيرة قبل خروجهم من الاعتقال، وكذلك عن أوضاع صحية مأساوية في داخل السجون.

بين الأسرى المحرّرين في إطار صفقة التبادل، الذي استُقبلوا في قصر رام الله الثقافي وسط الضفة الغرببة المحتلة اليوم، بدا الأسير المحرّر لطفي رشدان متمسّكاً بنظّارته الطبية المكسورة. وأوضح لـ"العربي الجديد" أنّه لم يكن قادراً على التخلّي عنها في السجن، وإن كانت مكسورة. وأخبر أنّ النظّارة التي دخل بها إلى السجن عند اعتقاله في نوفمبر/ تشرين ثاني 2024، "كانت جديدة" كما يقول، غير أنّها اليوم، بعد نحو عام، "بذراع واحدة وعدسة واحدة".

ونظّارة لطفي على هذه الحال منذ اعتقاله وتعرّضه للاعتداء، وقد استعاض عن ذراعها المكسورة بشريط، أشبه برباط حذاء. ولم يخفِ أنّه ينقّل العدسة المتبقية بين عينَيه، وفقاً للحاجة، علماً أنّه كان قد طلب من إدارة سجون الاحتلال تزويده بنظّارة جديدة، غير أنّ الإجراءات اللازمة لذلك لم تنتهِ منذ نحو عام. وعند سؤال "العربي الجديد" لطفي عن فترة اعتقاله، قال إنّ الوضع صعب في سجون الاحتلال، قبل أن يضيف "اسمحوا لي"، متحفّظاً عن استكمال حديثه. وحتى تاريخ إتمام صفقة تبادل الأسرى، لم يكن أيّ حكم قد صدر بحقّ لطفي رشدان، مع العلم أنّ المتوقع كان حكمه بالمؤبد وفقاً لما كشفه مكتب إعلام الأسرى، أمام المحرّرين في الصفقة.

الصورة
الأسير الفلسطيني المحرر من سجون الاحتلال لطفي رشدان في رام الله - 13 أكتوبر 2025 (العربي الجديد)
الأسير الفلسطيني المحرّر من سجون الاحتلال لطفي رشدان ونظّارته المكسورة في رام الله، 13 أكتوبر 2025 (العربي الجديد)

ولاحظ "العربي الجديد" تحفّظاً لدى عدد كبير من الأسرى المحرّرين من سجون الاحتلال وكذلك لدى ذويهم، خصوصاً بعد تهديدات إسرائيلية واقتحام منازل أسرى لمنعهم من الاحتفال أو الإدلاء بأيّ تصريحات. وكان عدد من هؤلاء قد أفادوا، في شهادات، بأنّ الاعتداءات ظلّت تطاولهم حتى الإفراج عنهم، وأكّد كثيرون ما تعرّض له الأسرى طوال نحو عامَين من تنكيل وحرمان من العلاج في ظلّ انتشار الأمراض.

من جهة أخرى، راح أطباء يجرون كشفاً أولياً على الأسرى المحرّرين من سجون الاحتلال اليوم. وفي حين كان الأسير المحرّر رائد كنعان، من بلدة زيتا جماعين في محافظة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، يتحدّث إلى هؤلاء أطباء قبل مغادرته مكان الاستقبال في رام الله، قاطعته والدة أحد الأسرى لتسأله عن ابنها الذي لم يصل مع الباقين. فأجابها بأنّه نُقل إلى سجن النقب، ليخرج منه مبعداً مثلما هي حال 154 مبعداً آخرين. حاول رائد تهدئة والدة الأسير، التي كانت تتوقّع وصوله إلى الضفة الغربية وفقاً لما وردها في خلال اتصال بالعائلة أُجري يوم السبت الماضي، قائلاً لها إنّ ابنها "سوف يكون في الخارج أكثر حرية"، وقد استند في ذلك إلى تجربته؛ هو كان قد اعتُقل لمدّة عشرين عاماً ليعاد اعتقاله قبل 11 شهراً.

وكان من المتوقّع أن يصدر بحقّ رائد حكم بالمؤبد، لكنّه خرج اليوم مع مرض سكابيوس (الجرب)، كاشفاً عن إحدى رجلَيه التي ظهرت عليها التقرّحات واضحة. وأشار رائد لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الوضع في السجن أكثر صعوبة ممّا قد يتصوّره أيّ شخص، خصوصاً في ما يتعلّق بالتعامل مع هذا المرض، فالأسرى لا يملكون أيّ دواء أو مواد تنظيف أو أيّ مقوّمات للتعامل مع الجرب. كلّ ما كانوا يستطيعون القيام به هو أن يساعد بعضهم بعضاً لإخراج القيح من الدمامل بواسطة الضغط عليها بالأصابع حتى لا تبقى تحت الجلد، خصوصاً أنّ التقرحات تلك كانت تمنع الأسير عن السير".

وراح رائد يطلب من الأطباء تزويده بأيّ دواء من شأنه أن يحول دون انتقال العدوى منه إلى عائلته. هو كان يخشى ذلك، ولا سيّما أنّ والدته التي استقبلته كانت تمسك بيده وتسير إلى جانبه. وقالت والدته لـ"العربي الجديد" إنّها لم تكن تتوقّع لحظة الإفراج عنه؛ "لم أكن آمل أن يُفرَج عنه وأنا على قيد الحياة، نظراً إلى الحكم الذي كان متوقَّعاً بحقّه. لكنّ هذه اللحظة تحقّقت"، وتمنّت "الفرج للأسرى جميعاً" ودعت لـ"أهل غزة بالنصر والفرج".

في السياق نفسه، تحدّث الأسير المحرّر أحمد عواد، من مخيم طولكرم في شمال غرب الضفة الغربية المحتلة، عن الاعتداءات في سجون الاحتلال التي سبقت عمليات الإفراج عن الأسرى لـ"العربي الجديد"، وإن لم يفصح عن الكثير. هو أكد أنّ "الأيام الأخيرة كانت صعبة جداً، مع ضرب وإهانات حتى قبل ساعة واحدة من الإفراج عنّا". وكان أحمد قد قضى عاماً ونصف عام في الاعتقال، واصفاً هذه المدّة بأنّها "أصعب فترة مرّت عليّ في حياتي، كذلك أصعب بكثير من فترات اعتقال سابقة تعرّضت لها"، واصفاً الحال أنّها "لا يمكن أن يحتملها بشر". وعلى الرغم من المؤبّدات الثلاثة الصادرة بحقّه أخيراً، قال أحمد إنّه كان يتوقّع ألا تطول فترة اعتقاله، وهذا ما حدث بالفعل. أضاف أنّ "الثقة بالإفراج هي (انطلاقاً) من ثقتي بالمقاومة، وبدماء أهل غزة التي سالت من أجل تحرير الأسرى".

بدوره، عرض الأسير المحرّر فيصل خليفة، ابن مخيم نور شمس في طولكرم، لتفاصيل أكثر عن القمع في سجون الاحتلال خصوصاً في الأيام الأخيرة. وقال للصحافيين إنّ الأيام الأربعة الأخيرة، منذ بدء عملية نقل الأسرى المفرج عنهم في إطار الصفقة من سجون الاحتلال التي كانوا فيها، راحوا يتعرّضون للضرب والإهانة، فيما شُتمت الذات الإلهية وشُتمت أمهاتهم وآبائهم وأخواتهم وإخوتهم. وبينما يتحدّث، رفع فيصل يدَيه ليُظهر آثار التكبيل اللذي استمرّ 24 ساعة متواصلة، مع شدّ الأربطة والأصفاد إلى الحدّ الأقصى من أجل التسبّب في أكبر ألم ممكن للأسرى.

وأفاد فيصل بأنّ في الساعات الـ24 الأخيرة، مُنع الأسرى من قضاء حاجتهم، كذلك اضطرّوا إلى الجلوس على الحصى، فيما كان عناصر قوات الاحتلال يضربونهم على أيديهم وأرجلهم وحتى على رؤوسهم، سواء باستخدام العصي أو الأيدي، في محاولة لمنعهم من الفرحة بتحريرهم. وتابع فيصل أنّ الأسرى خرجوا بأمراض جلدية وغيرها، وذلك بسبب اعتداءات متكرّرة استمرّت عامَين، بالضرب ومختلف أنواع العنف، علماً أنّ الوحدات تناوبت على الاعتداء عليهم.

وكان لافتاً خروج أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي اليوم، فيما الكدمات ظاهراة على وجوههم. وقد رفض عدد من هؤلاء الحديث إلى "العربي الجديد"، فيما نُقل عدد من المحرّرين عبر مركبات الإسعاف إلى المستشفيات، وذكرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أنّها نقلت سبعة من الأسرى المحرّرين إلى المستشفيات بسبب ما يعانونه من أوضاع صحية، فيما نُقل أسير مباشرة من سجن عوفر إلى منزله في بلدة كفر عقب شمالي القدس المحتلة.

ذات صلة

الصورة
الناشطة لينا الطبال (شمال الصورة) على متن أسطول الصمود (فيسبوك)

سياسة

أكدت الباحثة والأكاديمية اللبنانية لينا الطبال، في مقابلة مع "العربي الجديد"، استعدادها لتكرار تجربة أسطول الصمود لكسر الحصار على غزة رغم الاعتقال والتعذيب
الصورة
تظاهرات في أوكلاند للتضامن مع فلسطين، 1 نوفمبر 2025 (العربي الجديد)

سياسة

نظّمت شبكة التضامن مع فلسطين في نيوزيلندا وقفة احتجاجية في ساحة بريتومارت بقلب أوكلاند، أكبر مدن نيوزيلندا وعاصمتها الاقتصادية، اليوم السبت.
الصورة
عناصر من "كتائب حزب الله" في بغداد، 22 سبتمبر 2024 (مرتضى السوداني/ الأناضول)

سياسة

يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز الموساد لفتح جبهة جديدة في العراق بزعم نشوء تهديدات على إسرائيل تغّذيها إيران، وفق ما أورده موقع "والاه"
الصورة
تدريبات للجيش الإسرائيلي في الجولان المحتل، 8 يوليو 2025 (جلاء مرعي/فرانس برس)

سياسة

تسعى إسرائيل إلى فرض واقع جديد في الجنوب السوري استباقاً لأي ترتيبات ومفاوضات مستقبلية، حيث تركّز توغلاتها حالياً على القنيطرة.
المساهمون