الهلال الأحمر السوري: أزمة إنسانية في السويداء ودرعا وسط احتياجات عاجلة

22 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 20:18 (توقيت القدس)
نازحون سوريون في مأوى مؤقت في درعا، 21 يوليو 2025 (عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعاني محافظتا درعا والسويداء من أوضاع إنسانية متدهورة بسبب العنف والغارات الإسرائيلية، مما أدى إلى نزوح السكان وتضرر البنية التحتية، وفقاً لتقرير الهلال الأحمر العربي السوري.
- استجابةً للأزمة، قام الهلال الأحمر بتفعيل فرقه الطارئة، حيث شارك 400 متطوع وموظف في توزيع المساعدات، وتم إرسال شاحنات محملة بمواد غذائية وطبية إلى المناطق المتضررة، مع التركيز على الفئات الأكثر ضعفاً.
- يواجه الهلال الأحمر تحديات تشغيلية مثل نقص التمويل وتضرر القدرات اللوجستية، مما يعيق إيصال المساعدات، ودعا التقرير إلى توفير تمويل إضافي وتحسين التنسيق لضمان وصول المساعدات.

تأثر نحو 820 ألف شخص في المناطق المتضررة بمحافظتي السويداء ودرعا

تعرض البنية التحتية لأضرار بالغة، بما في ذلك المؤسسات الخدمية

ضغط هائل على الخدمات الصحية مع نقص في الإمدادات

تعيش محافظتا درعا والسويداء في جنوب سورية، أوضاعاً إنسانية متدهورة على مختلف المستويات المعيشية والصحية، في ظل تصاعد التوترات وأعمال العنف، ونزوح آلاف السكان من مناطقهم بحثاً عن الأمان والحد الأدني من الخدمات. وقد تسببت الغارات الإسرائيلية في أضرار جسيمة وأعاقت وصول المساعدات الإنسانية إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها وفق ما جاء في تقرير حديث صادر عن الهلال الأحمر العربي السوري، يغطي الفترة الممتدة من 13 إلى 20 تموز/يوليو الجاري، ويسلط الضوء على أبرز التحديات التي يواجهها المدنيون في محافظتي درعا والسويداء، إلى جانب الاحتياجات العاجلة التي تتطلب دعماً واهتماماً للتخفيف من حدة الأزمة.

يقول التقرير إن عدة مناطق في محافظتي السويداء ودرعا  تضررت جراء تصاعد الأحداث، ولا سيما خلال الأسابيع الأخيرة. ففي السويداء، استقبلت بعض المناطق أعداداً من النازحين، فيما تعرضت لأضرار مباشرة من الأعمال الجارية. أما في درعا، فقد بلغ عدد العائلات الوافدة إلى مراكز الإيواء أو المجتمعات المضيفة حوالى 3,245 عائلة.  وقدّر التقرير عدد السكان المتضررين في المحافظتين بنحو 820 ألف شخص، بينهم حوالى 225 ألف شخص  تضرروا مباشرةً.

ويضيف أن الأحداث المتصاعدة أدت إلى إغلاق الطرق، ونزوح جماعي للسكان، وتعطيل الخدمات الأساسية، في وقت تعاني فيه المنطقة من نقص حاد في الغذاء، الوقود، الإمدادات الطبية، والمياه النظيفة. كذلك تضرّرت البنية التحتية كثيراً، بما في ذلك المستشفيات والمؤسسات الخدمية، وتوقفت حركة المرور في طرق رئيسية وفرعية، ما أثر بشبكات الإمداد اللوجستي. كذلك انقطعت المياه وتوقفت محطات الضخ، وتضررت شبكات الكهرباء.

ويشير إلى أنه قام بتفعيل فرقه الطارئة في مواجهة تدهور الأوضاع والأزمة الإنسانية القائمة، منسقاً جهوده مع الشركاء الدوليين بهدف توفير استجابة إنسانية عاجلة، مشيراً إلى مشاركة حوالى 400 متطوع وموظف في عمليات الاستجابة، فيما بلغ حجم المساعدات المرسلة 32 شاحنة إلى محافظة السويداء، و27 شاحنة إلى محافظة درعا، محملة بمواد غذائية، طبية، مياه، ووقود، لتلبية الاحتياجات الملحّة للسكان المتضررين.

في محافظة السويداء، شملت الاستجابة توزيع 5,560 سلة غذائية، 3,000 سلة معلبات، 30 طناً من الطحين، و10 آلاف لتر من المازوت، إلى جانب كميات من المواد الطبية ومستلزمات أخرى تساعد في التخفيف من آثار الأزمة. أما في محافظة درعا، فقد وُزِّعَت كميات كبيرة من المساعدات، تضمنت أطناناً من الطحين، آلاف البطانيات، مستلزمات النظافة، خزانات مياه، وحصصاً غذائية متنوعة، استجابة لحاجات السكان الذين تضرروا مباشرةً من النزوح والانقطاع في الخدمات. وامتدت استجابة الهلال الأحمر إلى ريف دمشق، حيث قُدمت مساعدات للنازحين الوافدين من الجنوب، شملت فرشات، بطانيات، ومواد غذائية وصحية.

وفي سياق متصل، أوضح الهلال الأحمر العربي السوري، أنه ركّز في استجابته الإنسانية على الفئات الأكثر ضعفاً وتضرراً من تداعيات الأزمة. تأتي فئة النازحين داخلياً في المقدمة، نظراً لحاجتهم الماسة إلى المأوى المؤقت والمواد غير الغذائية، ثم المصابين والمتضررين نفسياً الذين يفتقرون إلى الدعم الصحي والنفسي المتخصص، وسط نقص في خدمات الصحة النفسية والدعم الاجتماعي، إلى جانب الأطفال والمراهقين المعرضين لمخاطر متعددة مثل سوء التغذية، انقطاع التعليم، العنف، والانفصال عن ذويهم.

وشملت الاستجابة النساء والفتيات، خصوصاً الحوامل والمرضعات اللواتي يواجهن صعوبات في الحصول على الرعاية الصحية الإنجابية، والمعرضات للعنف القائم على النوع الاجتماعي، إلى جانب كبار السن وما يواجهونه من صعوبات في الحركة والإجلاء، وإصابتهم بأمراض مزمنة، وحاجتهم لرعاية خاصة، والأشخاص ذوي الإعاقة نظراً للحواجز الكبيرة أمام الوصول إلى الخدمات والمأوى، ونقص في الأجهزة المساعدة. واهتمت الفرق الميدانية أيضاً بالأسر ذات العائل الواحد التي تواجه تحديات اجتماعية واقتصادية مضاعفة، ومعرضة للاستغلال والمخاطر، وتلك التي فقدت مصادر دخلها وتعاني من انعدام الأمن الغذائي، وبحاجة لدعم فوري واستثمارات في برامج سبل العيش.

الاحتياجات الإنسانية والفجوات 

سلط التقرير الضوء على الفجوات الإنسانية والاحتياجات العاجلة في جنوب سورية. ويأتي الأمن الغذائي في مقدمة هذه الاحتياجات، إذ تعاني الأسر من نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية، كذلك يشكّل وضع المياه مصدر قلق، بعد تضرر شبكات المياه، ما يزيد من مخاطر تفشي الأمراض المنقولة بالمياه. وتعاني المنشآت الصحية من ضعف في الإمدادات والمعدات الطبية، في وقت تعمل فيه المستشفيات تحت ضغط يفوق طاقتها بكثير، كذلك برزت الحاجة إلى مستلزمات الإيواء المؤقت للنازحين.

التحديات التشغيلية

ومن أبرز التحديات التي أقر الهلال الأحمر العربي السوري أنه يواجهها في تنفيذ عملياته الإنسانية، تضرر القدرات اللوجستية (مثل السيارات والمستودعات وغرف عمليات الكوارث)، والحاجة إلى دعم إضافي في القدرات (وقود، آليات، إنترنت فضائي، اتصالات، طعام للمتطوعين، مصاريف نثرية). كذلك أدى استهداف الاحتلال إلى تقييد الوصول للمتضررين، وهناك تحديات تتعلق بتوفر السيولة النقدية، وانقطاع الطرق الرئيسية، وتأثر الخدمات العامة.

بالإضافة إلى ذلك، تطرق التقرير إلى تغير مواقع الوافدين وأعدادهم باستمرار، وغياب المخزون الطارئ في مستودعات المنظمة بسبب ضعف الموارد والتمويل. وتفاقم الأوضاع بسبب إنهاك المجتمعات المضيفة نتيجة سنوات من العجز الاقتصادي وتضرر سبل العيش، وآثار الجفاف والمخاطر الأخرى التي تفوق القدرات الحالية، وضعف البنية التحتية والخدمات العامة وإنهاكها.

ورصد الهلال الأحمر العربي السوري الفجوات التي تحدّ من فعالية استجابة فرقه وأهمها صعوبة الوصول إلى محافظة السويداء، ما يعيق إيصال المساعدات إلى الفئات الأكثر ضعفاً، كذلك يشكّل نقص التمويل تحدياً حاسماً، إذ تفوق الاحتياجات الحالية بكثير الإمكانات المتوفرة، داعياً إلى توفير تمويل إضافي عاجل، إلى جانب التنسيق بين الجهات الفاعلة لتجنب تكرار التدخلات في مناطق محددة وحرمان مناطق أخرى المساعدات رغم حاجتها إليها.

وفي سياق متصل، بدأ مساء الثلاثاء دخول حافلات حكومية إلى مدينة السويداء جنوبي سورية لإخراج عائلات محتجزة. وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في نبأ عاجل مقتضب: "بدء دخول الحافلات إلى السويداء لإخراج العائلات المحتجزة داخل المدينة". يأتي ذلك في ظل سريان وقف لإطلاق النار بعد اشتباكات مسلحة بين مجموعات درزية وعشائر بدوية.

والاثنين، قال عضو المكتب التنفيذي للشؤون الاجتماعية والعمل والطوارئ والتعاون الدولي بمحافظة درعا (جنوب) حسين النصيرات للأناضول إن النزوح من محافظة السويداء إلى ريف درعا الشرقي متواصل بسبب المخاوف الأمنية. وأفاد بنزوح أكثر من 3 آلاف و500 أسرة من البدو والدروز من منازلهم بالسويداء إلى درعا.

المساهمون