أدوية مهرّبة منتهية الصلاحية تهدّد حياة الليبيين

أدوية مهرّبة منتهية الصلاحية تهدّد حياة الليبيين

22 يونيو 2021
في أحد المراكز الصحية في ليبيا (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

يواجه المواطن الليبي مخاطر صحية عدة، من بينها قضية الأدوية منتهية الصلاحية التي ما زالت متداولة بشكل واسع في الصيدليات الخاصة، بالإضافة إلى المراكز الصحية الحكومية، من دون أن تتمكن السلطات من القضاء على المهربين أو الحد من نشاطهم.
وخلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري، ضبط وزير الصحة في حكومة الوحدة الوطنية، علي الزناتي، كمية من اللقاحات منتهية الصلاحية في مركز صحي في منطقة دريانة، شرقي بنغازي، خلال زيارته المركز للاطلاع على سير عمله.
وأعلنت وزارة الصحة أن الزناتي طلب من رئيس ديوان الحكومة في المنطقة الشرقية إسماعيل العيصة، ومكتب التفتيش والمتابعة لدى الوزارة، تشكيل لجنة للتحقيق بوجود لقاحات منتهية الصلاحية في ثلاجة حفظ الأدوية في المركز الصحي في دريانة.
وفي وقت لم تعلن الوزارة عن نتائج التحقيق حتى الآن، يؤكد الطبيب رمزي أبوستة أن ضبط اللقاحات حصل صدفة، مشيراً إلى أن غالبية المراكز الصحية تتوفر على كميات مماثلة يجب أن تشملها الرقابة. ويلفت، في حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى أن اللقاحات المضبوطة كانت في مركز صحي حكومي، ما يعني أنها وزعت على كل المراكز الصحية. ويرى أن فتح تحقيق في الحادثة هو مجرد محاولة لإثبات سلطة الدولة. ويقول: "الرأي العام يعرف أن السوق الليبية تعج بالأدوية المهربة بوسائل غير شرعية. فلماذا لا تحقق السلطات فيها؟ كما أن قرار الوزارة لم يحدد نوع هذه اللقاحات، ولأي فئة".

وكثيراً ما تكتفي السلطات، من بينها وزارة الصحة والمركز الوطني لمكافحة الأمراض‏ المعروف سابقاً باسم المركز الوطني للوقاية من الأمراض السارية والمتوطنة ومكافحتها، بإصدار نشرات تحذيرية من بعض أصناف الأدوية المنتشرة في الأسواق بسبب مخالفتها لمواصفات الاستهلاك، من دون أن تشكَل لجان للتحقيق لمعرفة كيفية وصولها إلى البلاد.  
ويعترف المدير السابق لإدارة الصيدليات في وزارة الصحة محمد البقار، بانتشار الأدوية المقلدة ومنتهية الصلاحية في البلاد، لكنه يتهم الجهات الرقابية، وخصوصاً حرس الحدود والجمارك، بالإهمال. ويقول لـ "العربي الجديد" إن دور الملاحقة والرقابة هو دور أجهزة الأمن والجهات الرقابية الأخرى، وليست من تخصص وزارة الصحة.
ويشير البقار إلى أنّ نقص تمويل جهاز الإمداد الطبي المسؤول عن استيراد الأدوية أدى إلى اعتماد الصيدليات الخاصة على الأدوية المستوردة من قبل شركات خاصة. ولهذه وسائلها الملتوية للتهرب من الرقابة. ويوضح أن "الفوضى التي تعيشها البلاد هي السبب. ولو لاحقنا خيوط القضية لوجدنا كل جهة ترمي الكرة في ملعب الأخرى".
وفي وسط العاصمة طرابلس أسواق جملة خاصة بالأدوية، وتحديداً في حي الدريبي وحي باب بن غشير، حيث مقرات عشرات الشركات الطبية الخاصة التي تستورد المستلزمات الطبية، ومنها الأدوية، بحسب أبو ستة. ويؤكد أنها شركات مرخصة لكنها تستورد أصنافاً من الأدوية، منها اللقاحات الخاصة بالأطفال، وتزود المراكز الصحية الحكومية باحتياجاتها. ويسأل: "أليست الوزارة قادرة على مراقبة ما تشتريه من هذه الشركات الخاصة؟".
ويعوّل أبو ستة على توحد الحكومة وبالتالي قطاع الصحة للحد من تفشي تهريب الدواء. ويقول إن إحدى المشاكل التي واجهت جهود السلطات لتطويق الظاهرة هي الانقسام الحكومي ووجود وزارتين بما يتبعهما من أجهزة معنية باستيراد الدواء، الأمر الذي سهل على التجار التعامل مع الفاسدين في قطاعات الدولة. لكنه في الوقت نفسه، يرى أن الخطورة ربما تكون قد وصلت إلى المواطن نفسه.

من جهته، يقول صاحب إحدى الصيدليات في حي رأس حسن في طرابلس المكي الطياري، إنه لا يمكنه كصيدلي التعرف إلى صلاحية الدواء إذا ما تم تزوير تاريخه أو كان مقلداً من قبل شركة تمتهن التقليد. لذلك، يعرب الطياري، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، عن مخاوفه من مضاعفات هذه الأدوية على صحة المواطن. ويقول: "هناك أدوية لا يمكن للمريض الحصول عليها إلا من خلال الصيدليات الخاصة التي تشتريها بدورها من شركات خاصة أيضاً، مثل أدوية أمراض السرطان أو أدوية مرضى الكلى أو اللقاحات. وما يخيف حقاً هو اختلاف أسعارها بين صيدلية وأخرى".
يضيف: "سيلجأ المواطن إلى شراء الأسعار الأرخص والمرجح أن تكون مقلدة أو منتهية الصلاحية، والمضاعفات عندها ستكون خطيرة". 
من جانبه، يقترح البقار إجراءات عاجلة للحدّ من الظاهرة، كمعاقبة الصيدليات الخاصة بغرامات مالية كبيرة أو إقفالها، معتبراً أنه الحل الأنسب لإقفال الطريق أمام الشركات الخاصة التي لن تجد قناة لتصريف بضاعتها، وبالتالي توفر السلطات نوعاً من الحماية لصحة المواطن.

المساهمون