أجواء رمضانية متفاوتة في أقاليم روسيا

26 مارس 2025
الخيمة الرمضانية في موسكو، 1 مارس 2025 (سيفا كاراكان/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تختلف أجواء رمضان في روسيا بين المناطق، حيث تغيب المظاهر الرمضانية في معظمها، بينما تظهر في جمهوريات شمال القوقاز. في موسكو، تُقام فعاليات مثل الخيمة الرمضانية التي تقدم وجبات إفطار مجانية وتستقطب الزوار.

- الخيمة الرمضانية في موسكو تُعد مشروعاً ثقافياً تعليمياً لتعريف الزوار بتاريخ الشعوب المسلمة، بمشاركة وفود من دول عربية وإسلامية، في سياق انفتاح روسيا على العالم الإسلامي وتعزيز العلاقات مع دول مثل السعودية وقطر.

- في قرتشاي-شركسيا، تُشرف الإدارات الدينية على الخيام الرمضانية، ويزداد عدد الصائمين سنوياً. رغم التوترات، لا يؤثر رمضان بشكل كبير على العلاقات في روسيا.

تختلف أجواء شهر رمضان في روسيا من منطقة إلى أخرى حسب نسبة المسلمين الذين يقطنونها، وتكاد تكون المظاهر الرمضانية غائبة عن أغلب مناطق روسيا، خصوصاً مدن الشمال، لكنها حاضرة بدرجات متفاوتة في جمهوريات شمال القوقاز، مع تنظيم بعض الفعاليات ونشر الزينة على أبواب مطاعم الحلال.
ويقدر عدد المسلمين في موسكو بما لا يقل عن مليوني نسمة، بمن فيهم المغتربون الوافدون من آسيا الوسطى، وتقام في العاصمة بعض الفعاليات، مثل الخيمة الرمضانية التي تعد من أبرز مشاريع الإدارة الدينية لمسلمي موسكو، وهي مشروع ثقافي تعليمي يقام سنوياً في حرم المسجد التذكاري بتل "بوكلونايا غورا" بالقرب من وسط العاصمة منذ عام 2006، وتستقبل خلال رمضان عشرات آلاف الزوار وتقدم لهم وجبات إفطار مجانية.
وإلى جانب إقامة موائد الإفطار، يشمل برنامج الخيمة الرمضانية مختلف الفعاليات الثقافية التي من شأنها إطلاع روادها على تاريخ الشعوب المسلمة داخل روسيا وخارجها، وتشارك فيها هذا العام وفود من دول عربية وإسلامية مثل السعودية وقطر وإيران وأوزبكستان.
يأتي ذلك بالتزامن مع انفتاح روسيا على بلدان العالم الإسلامي، وتوجهها شيئا فشيئا نحو الجنوب والشرق بموازاة الفتور في العلاقات مع الغرب، ما يزيد من دور المسلمين والمناطق ذات الأغلبية المسلمة مثل جمهوريتي تتارستان والشيشان اللتين تقودان روسيا إلى تعزيز العلاقات مع بلدان العالم الإسلامي.
يقول الطالب المتحدر من جمهورية قرتشاي-شركسيا، أوليغ جاغوبيروف، عن أجواء رمضان في جمهوريته: "تضم كل منطقة إدارة دينية محلية تشرف خلال شهر رمضان على إقامة الخيام الرمضانية التي تفتح أبوابها أمام الصائمين لتناول الطعام بالمجان بعد صلاة المغرب. ما يميز مشروع الخيمة الرمضانية هو أن جماعات عرقية مختلفة تمولها".
ويضيف أوليغ الذي يدرس اللغة العربية في موسكو، لـ"العربي الجديد": "ثمة شعوب عدة تقطن جمهورية قراتشاي-شركيسيا جنوبي روسيا، من بينها القرتشاي، والشركس، والأباظة، والنُوغاي. وخلال شهر رمضان، ينظم كل من هذه المجتمعات مائدة إفطار ضمن مشروع الخيمة الرمضانية في مدينة تشيركيسك عاصمة الجمهورية، ولما كان القرتشاي يشكلون أكبر مجموعة عرقية بنسبة تصل إلى 40%، فهم غالبا ما يتحملون مسؤولية تنظيم الإفطار الجماعي، وفي بعض الأيام، تتولى بعض العائلات البارزة تمويل مائدة الإفطار".

إفطار أمام مسجد في موسكو، 1 مارس 2025 (سيفا كاراكان/الأناضول)
إفطار أمام مسجد في موسكو، 1 مارس 2025 (سيفا كاراكان/الأناضول)

ويلفت إلى أن "عدد الصائمين يرتفع عاماً بعد عام مع ازدياد مكانة عيد الفطر عند مسلمي الجمهورية، وترسخت عادة في بعض القرى أن يزور الناس قبور موتاهم بعد صلاة العيد، وعند مدخل المقبرة، يتلو الإمام سورة (يس)، ثم يتوجه كل شخص إلى قبر أهله لتلاوة الفاتحة على أرواحهم".
في المقابل، يوضح عضو مجلس العلاقات بين القوميات التابع للرئاسة الروسية، بوغدان بيزبالكو، لـ"العربي الجديد": "يكاد رمضان لا يلحظ في روسيا، باستثناء الأقاليم التي تقطنها أعداد كبيرة من المسلمين، والتي تخلق لنفسها أجواء رمضانية، بما في ذلك في موسكو، حيث علقت بعض مطاعم الحلال لافتات التهنئة برمضان. لكن معظم السكان لا يلتفتون إلى هذه المظاهر مثلما لا يلتفتون إلى المظاهر المتعلقة بالأديان الأخرى، بما فيها الصيام عند المسيحيين".
وفي حين تشهد روسيا توترات بين السكان المحليين والمغتربين القادمين من آسيا الوسطى، تتجدد في رمضان عاماً بعد عام تساؤلات حول التسامح الديني، لكن بيزبالكو يقلل من تأثير رمضان على العلاقات في روسيا، مضيفا أن "العوامل التي تؤثر على العلاقات هي حوادث انتهاك القانون، وممارسة العادات والتقاليد المحلية، والطموحات المفرطة، والسعي إلى التعامل مع الآخرين من موقع القوة بصرف النظر عن الانتماء الديني للشخص".  

قضايا وناس
التحديثات الحية

ومن اللافت أن رؤية السياسة الخارجية الروسية التي اعتمدتها موسكو في عام 2023، تتضمن فصلاً خاصاً بالعالم الإسلامي، وتصنف دول الحضارة الإسلامية دولاً صديقة تنفتح أمامها آفاق رحبة في واقع العالم متعدد الأقطاب، مع تثبيت حرص روسيا على تعزيز التعاون مع الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي.
ويُعتبر الإسلام ثاني أكثر ديانة انتشارا في روسيا بعد المسيحية الأرثوذكسية، إذ يقدّر عدد المسلمين فيها بنحو 20 مليونا، بمن فيهم بضعة ملايين من المهاجرين القادمين من الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى، وفي مقدمتها طاجيكستان وأوزبكستان وقرغيزستان. وتتركز غالبية مسلمي روسيا في جمهوريات شمال القوقاز وجمهوريتي تتارستان وبشكيريا، بالإضافة إلى العاصمة موسكو.

المساهمون