آخر المدنيين في إربين الأوكرانية يتحينون فرصة توقف القصف للمغادرة

آخر المدنيين في إربين الأوكرانية يتحينون فرصة توقف القصف للمغادرة

13 مارس 2022
آثار القصف الروسي العنيف على بلدة إربين (MARCUS YAM / LOS ANGELES TIMES)
+ الخط -

هَجَر معظم سكّان إربين، إحدى ضواحي العاصمة الأوكرانية كييف التي لطالما ضاقت بالناس، بلدتهم التي استهدفها القصف الروسي، فامتلأت الشوارع ببقايا صواريخ "غراد" فوق المباني السكنية الشاهقة والأكواخ الخشبية المتواضعة.

وأصبحت الشوارع مقفرة وصامتة لدرجة أن صوت نقار الخشب يصدح أكثر من صوت القصف البعيد، لكن يخدش صوت صواريخ "غراد" الصمت أحياناً، بالإضافة إلى صوت إطلاق قذائف هاون من أماكن قريبة.

يقول ميكولا بوستوفيت (69 عاماً) إن ذلك يفوق قدرته على التحمّل، ويجهش بالبكاء، فيما يبدأ مع زوجته سيراً طويلاً بحثاً عن الأمن النسبي في كييف، يأمل الزوجان ألا تتحول إربين لخط مواجهة، "لكن، حتى الآن، بعد قصف كهذا، أصبح الوضع لا يُحتمل".

فموقع خطّ المواجهة لم يتغيّر منذ أيام، فيما لا يزال بين 20% و30% من القطاع في أيدي الروس، بحسب تقديرات الجنود الأوكرانيين الذين يحرسون نقاط التفتيش في المدينة.

وأصبحت بوتشا، وهي ضاحية أخرى لكييف بعيدة بضعة كيلومترات شمال إربين، بين أيدي الجيش الروسي، وبينما كان مراسلو وكالة فرانس برس يعبرون جسراً خشبياً إلى إربين صباح الأحد، كانت القوات الأوكرانية تُخرج ثلاث جثث لجنود أوكرانيين.

وفي وقت لاحق من اليوم، استُهدفت سيارة تقلّ صحافيين أميركيين بالرصاص قرب نقطة تفتيش أوكرانية، ما أسفر عن مقتل المخرج برنت رونو وإصابة المصوّر خوان أريدوندو.

إثر ذلك، منع رئيس بلدية إربين المراسلين من العمل في البلدة، لكن قبل دخول قراره حيّز التنفيذ، التقى فريق وكالة فرانس برس مدنيين يرفضون الرحيل.

"لن أرحل، فأنا مُسنّ جدًا"  

ترفع إيرينا موروزوفا (54 عاماً) يديها وكأنها تمرّ عبر نقطة تفتيش، كأنها تعلن استسلامها، حين اقترب فريق وكالة "فرانس برس" منها. أصبح منزلها مدمّراً بشكل كبير، ويقع قرب منزل آخر دمره صاروخ على ما يبدو، لكنها عاجزة عن المغادرة، فَمَن سيُطعم كلابها إذا رحلت؟ وتملك إيرينا موروزوفا مفاتيح منزل جيرانها الذي تختبئ فيه ثلاثة كلاب.

وتقول مشيرة إلى أحدها "هذا الكلب يعضّ، وضعناه في القفص. وجدناه وهو خائف ويرتجف"، ويلعب الكلبان الآخران في الحديقة ومع الزوار، وتضيف موروزوفا: "تنام الكلاب هنا في المطبخ، وتلعب خلال النهار. كيف يمكن تركها؟".

ولا يزال الجيران القلائل الذين لم يُغادروا يتفقّدون بعضهم بعضاً ويرسلون طعاماً للمسنّين، لكن موروزوفا قلقة أكثر على الحيوانات الأليفة، وتضيف "لم يبقَ شيئاً هنا (...) الآن نجمع الحيوانات الضالّة ونطعمها لأن الناس تركوها وراءهم وغادروا".

وانتقلت جارة أخرى، هي فيرا تيسخانوفا (76 عاماً)، إلى الحيّ الذي كان يحلو العيش فيه في الماضي، بعد أن عملت سائقة قطار في العاصمة الطاجيكية دوشانبيه. وتواجه انقطاعاً في التيار الكهربائي سبّبه قصف في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، فتواسي نفسها بإطعام الحيوانات في الحيّ، وتقول ضاحكةً "هناك مياه ولكن لا كهرباء. هناك مدفأة في الجزء الذي لم يدمر من المنزل (...) أنا حيّة".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

أمّا ميكولا كاربوفيتش (84 عاماً) الذي كان يقود جرّاراً في أرض زراعية قرب الحدود البيلاروسية، فيشعر بحيرة، ويقول لوكالة "فرانس برس": "أين أذهب؟ تؤلمني رجلاي ويداي"، ويضيف "الرحيل؟ إلى أين؟ هل علينا أن نذهب إلى كييف؟ لن أرحل إلى أي مكان، فأنا مسنّ جدًا".

(فرانس برس)

المساهمون