"طالبان" تعد بسرقات وجرائم أقل في كابول

"طالبان" تعد بسرقات وجرائم أقل في كابول

12 أكتوبر 2021
شوارع كابول في عهدة "طالبان" (ماركوس يام/ Getty)
+ الخط -

في الساعة العاشرة ليلاً، يقف عدد من مقاتلي حركة طالبان الأفغانية في شارع رئيسي بمنطقة تيمني في العاصمة كابول، ويفتشون كل من يعبره بسيارة أو سيراً على الأقدام. وفي إحدى المرات، تواجد في مكان جانبي من الشارع أربعة أشخاص مقيّدي الأيدي اعتقلهم مقاتلو الحركة بعدما عثروا على أسلحة في حوزتهم. وقال أحد عناصر الحاجز ويدعى قاري صفي الله من إقليم قندهار لـ"العربي الجديد" إن "المعتقلين الأربعة أرادوا تنفيذ جريمة سرقة، وقد اعتقلناهم لدى شهرهم السلاح".
يضيف قاري: "نقف هنا طوال اليوم لتفتيش الناس، ولا يمر أسبوع من دون أن نعتقل سارقين. وفي كابول وحدها اعتقلت أجهزة الأمن التابعة لنا أكثر من ألفي متهم بالسرقة خلال الأسبوعين الماضيين، ما ساهم في خفض وتيرة السرقة في كابول، وصولاً إلى جعلها نادرة".
ويعترف سكّان بأن "الجرائم قلّت بعد سيطرة "طالبان" على كابول منتصف أغسطس/ آب الماضي، لكن بعضها لا يزال يحصل، وشهد آخرها مقتل تاجر يملك مصنع بوظة على يد مجموعة سارقين حاولوا سرقة ماله وخطفه، وأصيب ابنه الذي كان يرافقه بجروح.
ويقول شقيق التاجر، كل حسن لـ"العربي الجديد": "قاوم شقيقي المسلحين لدى وجوده قرب الحي السكني المعروف باسم حي الأمن، فأطلق المسلحون النار عليه وقتلوه فوراً. ونحن نطالب طالبان ببذل جهود حثيثة للوصول إلى الجناة ومعاقبتهم".

يعلّق مندوب في لجنة سكان كابول يدعى وسيع الله لـ"العربي الجديد" على حادث مقتل التاجر بأن "أعمال السرقة موجودة وتحدث يومياً، رغم أن عددها تراجع كثيراً منذ أن سيطرت طالبان على كابول، والتي تتعامل مع الانتهاكات بحزم، لكن مشكلتها الأساس تتمثل في أن عدد مقاتليها الموجودين في شوارع كابول قليل جداً، في وقت يبدو جلياً أنها تولي أهمية قصوى حالياً لموضوع الحكومة وتشغيل الإدارات".
ويتابع: "المشكلة الثانية المرتبطة بارتفاع عدد السرقات والجرائم تتمحور حول الأوضاع الاجتماعية والمعيشية، في ظل عدم عمل معظم الشباب، وتفشي الفقر في شكل كبير وسريع، علماً أن الرواتب لم تدفع لمئات آلاف الموظفين منذ ثلاثة أشهر".
ويشير وسيع إلى أن "عدداً كبيراً من عناصر أجهزة الأمن والشرطة التابعة للحكومة السابقة ضالعون في هذه الأعمال. وقد اعترفت الحكومة السابقة نفسها بهذا الواقع، ومعظم هؤلاء عاطلون عن العمل اليوم، وطالبان لم تدفع رواتب لهم، ما يزيد القلق من احتمال عودتهم إلى ممارسة أعمال سرقة وارتكاب جرائم، في حين أنهم مدربون على استخدام السلاح، ويعرفون كيفية التعامل مع كل أنواع الظروف".

الصورة
انتشار ليلي كثيف لمسلحي "طالبان" (ماركوس يام/ Getty)
انتشار ليلي كثيف لمسلحي "طالبان" (ماركوس يام/ Getty)

ويكشف مسؤول في "طالبان" يدعى الملا عبد الواحد جرأت، يشغل منصب مسؤول أمني في كابول، لـ"العربي الجديد"، أن "طالبان اعتقلت مئات من السارقين ومرتكبي الجرائم خلال الفترة التي تلت سيطرتها على العاصمة، من دون أن تجد بينهم منتمين إلى أجهزة أمن سابقة". ويوضح أن "طالبان عيّنت مسؤولين لكل نواحي كابول بعدما استعادت السيطرة عليها، وهي الآن في صدد وضع آلية لترتيب عمل رجال الأمن الذين يحتاجون إلى وقت للقضاء على كل أنواع الجرائم، وهو ما سيحصل".
وفيما جددت السرقات والجرائم المرتكبة في الشوارع الخوف لدى سكان كابول يروي إيمل بوبلزاي الذي يسكن في منطقة خوشحال خان ويملك دكاناً صغيراً لبيع الهواتف الخلوية، لـ"العربي الجديد"، أنه في الأيام الأولى لسيطرة "طالبان" على كابول كان يغادر الدكان إلى المنزل في وقت متأخر بعد صلاة العشاء، لكنه يغلقه منذ أيام مباشرة بعد صلاة المغرب "لأن الوضع غير جيد، ونسمع دائماً عن حصول سرقات".
ويذكر أن "عمليات خطف تحدث أيضاً في كابول، وتنفذها عصابات باسم طالبان. فقد اقتحم مسلحون منزل تاجر في منطقة قوه مركز، وطالبوه بالذهاب معهم بحجة أنهم مسلحون من الحركة. وحصل ذلك، ثم اتصلت العصابة بابن التاجر وطالبته بدفع مبلغ كبير مقابل إطلاق سراح والده، لكنه رفض. وفي اليوم التالي، ألقت العصابة جثمان التاجر أمام منزله".
وشكلت عمليات السرقة والخطف والجرائم ظاهرة مهمة في شوارع كابول خلال عهد الحكومة السابقة، رغم أنها زعمت حينها اتخاذ كل الخطوات اللازمة لمكافحة هذه الانتهاكات، واعترفت بضلوع بعض عناصر ومسؤولي الأمن فيها، مع مبادرتها إلى توقيف بعضهم، لذا يخشى سكان العاصمة من عودة الأمور إلى عهدها السابق.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

ويخبر الطالب الجامعي عبد القادر "العربي الجديد" أنه تعرض لعمليات سرقة مرات في كابول قبل مجيء "طالبان"، وكذلك في الأيام الأولى لحكمها. ويضيف: "اعتدت التوجه من سوق سراي شهزاده إلى منزلي في منطقة أرزان قيمت، واعتقدت بعد تسلم الحركة الحكم بأن زمن السرقات ولّى، لكن لدى تنقلي مع ثلاثة أشخاص في سيارة صغيرة، انقضّ مسلحون عليها لدى خروجها من شارع رئيسي، وشهروا مسدسات في وجهنا، وطالبونا بعدم التحرك وإعطائهم ما في حوزتنا. وقد حاولت مقاومة المسلحين فضربني أحدهم بمسدس على رأسي الذي سال الدم منه، ثم جردني من كل نقودي وهاتفي الخلوي".

المساهمون