"ساعدني".. مبادرة لتأمين المستلزمات الطبية لمصابي كورونا شمالي سورية

"ساعدني".. مبادرة لتأمين المستلزمات الطبية لمصابي كورونا شمالي سورية

18 يناير 2022
مستلزمات علاج كورونا نادرة في إدلب السورية (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
+ الخط -

أدّت موجات ارتفاع أعداد مصابي فيروس كورونا في الشمال السوري الخارج عن سيطرة قوات النظام، إلى إحداث ضغط كبير على المرافق والأجهزة الطبية، التي تعاني أساساً من تراجع كبير في التمويل أدى إلى إغلاق كثير منها، وتسبّبت هذه الموجات في بقاء كثير من مصابي كورونا في منازلهم من دون تلقي علاج أو حتى عزل أنفسهم عن الآخرين، بسبب امتلاء الأسرّة المخصصة لمعالجة المصابين بالوباء، وقلة الأدوية المستخدمة للتخفيف من أعراضه، ونقص الدراية من قبل كثير ممن يقطنون المخيمات قرب الحدود السورية - التركية.

وفي ظل هذا النقص الحاصل في تأمين الأدوية، أُطلقت العديد من المبادرات التي تهدف إلى تأمين جزء من الاحتياجات الكبيرة، في منطقة تحوي أكثر من خمسة ملايين نسمة، وتعاني نقصاً في جميع المستلزمات الطبية والغذائية.

وأطلق الشاب عبد الرحمن حاج أحمد مبادرة بمفرده تحت اسم "ساعدني"، شارك فيها لاحقاً متطوعون آخرون وممرضون، تهدف إلى تأمين مستلزمات علاج فيروس كورونا لمدينة أعزاز بريف حلب والمخيمات الواقعة بالقرب منها، لتتوسع إلى كثير من المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة شمالي سورية.

ويقول حاج أحمد لـ"العربي الجديد" إن المبادرة انطلقت في شهر مايو/أيار من العام الفائت بعدما أصيب جميع أفراد عائلته، وحاول حينها تأمين أسرّة لهم في المستشفيات بسبب تدهور وضعهم الصحي لكنه لم ينجح في ذلك، وهذا ما دعاه للبحث عن أدوية وأجهزة تنفس ومعقّمات، وبعد شفاء عائلته قام بتوزيع الزائد من تلك المعدات، فواجه طلباً كبيراً عليها، فقرر العمل في هذا المجال، وأنشأ مجموعة على موقع فيسبوك من أجل تلقي طلبات المرضى والبحث عن متبرعين بأدوية ومستلزمات.

ويشير إلى أن شباناً آخرين وممرضين انضموا للمبادرة، وكانوا يتوجّهون إلى منازل المرضى من أجل تقديم الخدمات والمستلزمات الطبية بشكل مجاني، وفي بعض الحالات كانوا ينقلون مسحات كورونا للمشتبه بهم إلى مخابر التحليل، ووصل عدد المستفيدين من المبادرة في أحد الأشهر إلى أكثر من 200 مصاب، جميعهم في ريف محافظة حلب والمخيمات الواقعة على أطراف مدينة أعزاز، قرب الحدود السورية - التركية.

ويؤكد القائم على المبادرة أنه اضطر في بعض الحالات إلى شراء أدوية ومستلزمات لمصابين من حسابه الشخصي، وفي حالات أخرى كان المرضى الذين يقدّم لهم الخدمة يتبرّعون بما يتبقى لديهم من أدوية بعد الشفاء، لكن المعاناة الكبرى، بحسب قوله، كانت في تأمين الأوكسجين للمصابين، وهذا يعود للضغط الحاصل على المستشفيات والمراكز الصحية وقلة مراكز التعبئة في الشمال السوري.

أطلق عبد الرحمن حاج أحمد مبادرة "ساعدني" في أيار من العام المنصرم (فيسبوك)
أطلق عبد الرحمن حاج أحمد مبادرة "ساعدني" في مايو من العام المنصرم (فيسبوك)

يلفت حاج أحمد، في سياق حديثه، إلى أنه كان يستخدم أجهزته الخاصة للعمل في المبادرة ولم يكن لديه مكتب أو مركز، بل كان يعمل من منزله ويتنقّل على حسابه الخاص، ووسّع أخيراً عمله لتأمين احتياجات مرضى آخرين، ولم يعد عمله يقتصر على مساعدة مصابي كورونا غير القادرين على الوصول إلى المستشفيات.

بدوره، يقول عدنان الفهد، وهو أحد الممرضين المتطوعين في المبادرة، لـ"العربي الجديد"، إن أكثر المستفيدين من المبادرة كانوا من كبار السن والمرضى الذين تسوء حالتهم فجأة وسكان المخيمات، أو غير القادرين على الوصول إلى وسائط نقل، وكان الضغط يزداد على المتطوعين في المبادرة في كل مرة تبدأ فيها موجة إصابات بالوباء.

ويشير إلى أنه اضطر في بعض الأيام للعمل نحو 20 ساعة، وما أسهم في استمرار المبادرة، بحسب قوله، قيام بعض الصيادلة بالتبرع بأدوية للحملة أو بيعها برأس مالها، وأحياناً كانوا يحصلون عليها من المستشفيات التي كان لديها فائض، وكانوا يقطعون مسافات طويلة في كثير من الأحيان لتأمين علبتين أو ثلاث من الدواء.

وبحسب الفهد، فإن نشاط الحملة توسّع أخيراً إلى عدة جوانب، منها تقديم التوعية وحثّ السكان على تلقي اللقاح، من خلال زيارات ميدانية أو على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن الكثير من المصابين كانوا يتكتمون على الإصابة خوفاً من الوصم الاجتماعي، وهذا كان يتسبب في انتشارها بشكل كبير في المجتمعات التي يسكنونها.

ويقطن المنطقة الخارجة عن سيطرة النظام شمالي سورية أكثر من خمسة ملايين نسمة، يعيش أكثر من مليون ونصف المليون منهم في مخيمات عشوائية تشهد واقعاً طبياً متردياً، وتنتشر على شكل شريط قرب الحدود التركية.

ولا يوجد دعم ذاتي أو مستدام للقطاع الصحي شمال غربي سورية بسبب عدم وجود جهة رسمية معترف بها دولياً، وتعتمد المراكز الصحية على الدعم المقدم من المانحين الدوليين عن طريق المنظمات الإنسانية. وأعلنت مديرية صحة إدلب أخيراً أنّ 14 مستشفى في المحافظة انقطع عنها الدعم المادي منذ ثلاثة أشهر، ما يهدد حياة مئات آلاف المدنيين ويحرمهم من الرعاية الصحية المجانية خلال الفترة المقبلة.

المساهمون