"رايتس ووتش": أزمة الخبز تدفع ملايين السوريين نحو الجوع

"رايتس ووتش": أزمة الخبز تدفع ملايين السوريين نحو الجوع

22 مارس 2021
ينتظرون في طوابير طويلة أمام مخبز لشراء الخبز (Getty)
+ الخط -

قالت منظمة"هيومن رايتس ووتش ''، الإثنين، إن تقاعس حكومة النظام السوري عن معالجة أزمة الخبز، الناجمة عن عقد من النزاع المسلح، بصورة عادلة وملائمة يدفع بملايين السوريين نحو الجوع.

ووفقا للمنظمة الحقوقية، فقد أدّت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، إلى جانب التدمير الكبير للبنية التحتية من قبل النظام السوري وحلفائه في المقام الأول طوال عقد من النزاع، إلى نقص حاد في القمح. وفاقمت حكومة النظام الأزمة، إذ سمحت بالتمييز في توزيع الخبز، إلى جانب الفساد والقيود على كمية الخبز المدعوم التي يمكن للناس شراؤها، وهي عوامل أدت إلى الجوع.

وقالت سارة الكيالي، باحثة سورية في المنظمة: "يقول المسؤولون السوريون إن ضمان حصول الجميع على ما يكفي من الخبز هو أولوية، لكن أفعالهم تظهر عكس ذلك. الملايين في سورية يعيشون الجوع، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى تقصير حكومي في معالجة أزمة الخبز التي ساهمت في خلقها".

الملايين في سورية يعيشون الجوع، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى تقصير حكومي في معالجة أزمة الخبز

وراجعت المنظمة البيانات الحكومية، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، وتقارير المنظمات الإغاثية. بالإضافة إلى ذلك، تحدثت إلى عشرة من سكان المناطق السورية التي تسيطر عليها حكومة النظام السوري، بينهم اثنان من أصحاب المخابز، وأربعة عمال إغاثة، في محافظات دمشق، وريف دمشق، وحلب، وحماه، وحمص، والسويداء. وصف جميعهم الصعوبات المتزايدة في الحصول على الخبز والمواد الغذائية الأخرى.

الصورة
(Getty)

وقال سكان وموظفة الإغاثة، لـ"هيومن رايتس ووتش":  "لطالما كان الخبز غذاء أساسيا في سورية. قبل 2011، كانت البلاد تنتج ما يكفي من القمح لتلبية الاستهلاك المحلي. كان الأشخاص ذوو الدخل المحدود خصوصا يميلون إلى الاعتماد على الخبز باعتباره أرخص المواد الغذائية وأكثرها إشباعا، لكن النزاع المسلح أدى إلى انخفاض إنتاج القمح المحلي، وفي الوقت نفسه دفع الملايين إلى الفقر، ما جعلهم أكثر اعتمادا على الخبز في نظامهم الغذائي".

الصورة
(Getty)

حتى فبراير/شباط، كان 12.4 مليون سوري على الأقل، من بين عدد السكان المقدر بحوالي 16 مليونا، يفتقرون إلى الأمن الغذائي، بحسب "برنامج الأغذية العالمي"، بزيادة مقلقة قدرها 3.1 ملايين في عام واحد.

وتقدر "منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة" (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي، أن 46% من الأسر السورية قللت حصصها الغذائية اليومية، وخفّض 38% من البالغين استهلاكهم لضمان حصول الأطفال على ما يكفي من الطعام.

الصورة
(Getty)

وتوفر حكومة النظام السوري الدقيق والوقود المدعومين للمخابز الحكومية، التي تبيع بدورها بعد ذلك الخبز بسعر مدعوم. في سبتمبر/أيلول، أعلنت وكالة الأنباء "سانا" عن صيغة جديدة تحد من كمية الخبز المدعوم من الحكومة التي يمكن للناس شراؤها على أساس عدد أفراد الأسرة. في 29 أكتوبر/تشرين الأول، ضاعف النظام السوري سعر الخبز المدعوم.

وقال سكان يعانون أصلا من نقص حاد في الغذاء، إنّ هذه السياسة جعلت الأمور أسوأ. وفقا للأشخاص الذين تمت مقابلتهم وبيانات الأمم المتحدة، فقد خفضت العائلات عدد وجباتها وأصبح الأمهات والآباء يجوعون لإطعام أطفالهم.

وقال رجل من الزبداني، إن أسرته المكونة من أربعة أفراد توقفت عن تناول الجبن واللحوم في وقت سابق من 2020 واعتمدت على الخبز في معظم نظامها الغذائي. ولكن مع زيادة الأسعار والقيود الحكومية، فقد اكتفى هو وزوجته بوجبة صغيرة واحدة في اليوم ليؤمنا ما يكفي من الخبز لأطفالهما. قال: "نقسم الخبز إلى قطع صغيرة ونغمسه في الشاي لجعله يبدو أكبر، ولأن النوعية سيئة للغاية".

كما وصف السكان التمييز في التوزيع، ففي بعض المناطق توجد طوابير منفصلة لكل من الجيش والأمن، والسكان، والنازحين، الذين لهم الأولوية الأدنى. يقول تقرير صادر عن "معهد نيوزلاينز" إن الأجهزة الأمنية السورية تتدخل في توزيع الخبز والقمح، بما يشمل أخذ الخبز من المخابز وبيعه في السوق السوداء.

يمكن للأسر الميسورة شراء "الخبز السياحي"، ذي الجودة الأفضل وغير المدعوم، بكميات أكبر، أو شراء الخبز من السوق السوداء، حيث يكون سعره أعلى بـ 150% على الأقل من الخبز المدعوم.

وقال ثلاثة من السكان إن الأفران التي تبيع الخبز السياحي لديها إمدادات منتظمة، لكن المخابز الحكومية قد لا تتمكن من إنتاج الخبز لأيام. قال أحد السكان: "يمكنني العثور على الخبز في أي مكان أريده، ولكن ذلك لأن لدي المال لأدفع ثمنه".

دُمرت العديد من المخابز أو أصبحت غير صالحة للعمل أثناء النزاع، ولكن من الصعب تأكيد العدد الدقيق المتضرر. تزعم وزارة الصناعة والتجارة أن التركيز على إعادة التأهيل أدى إلى زيادة عدد المخابز القابلة للتشغيل إلى 178 في 2019، مقارنة بـ 65 عام 2016. لكن السكان وعمال الإغاثة في العديد من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة قالوا إن تقريبا نصف المخابز في تلك المناطق ظلت مدمرة أو متضررة، ما أجبر الناس على التنقل مرورا بنقاط التفتيش أو الانتظار في المخابز المكتظة حيث لا يوجد في كثير من الأحيان ما يكفي من الخبز للجميع في الطابور.

وقالت "هيومن رايتس ووتش"، إن الحكومة ملزمة بمراجعة القيود على كمية الخبز المدعوم التي يمكن للأسر الحصول عليها حتى لا تجوع، وتقديم دعم إضافي للأسر غير القادرة على تحمل تكاليف المواد الغذائية الأساسية. كما دعت حكومة النظام لوضع حدا لانتهاكات أجهزتها الأمنية، بما فيها تدخلها التمييزي في توزيع الخبز والطحين. وروسيا أن تزود سورية بالقمح، بصفتها حليفا أساسيا لسورية ولديها مسؤولية مشتركة عن العمليات العسكرية التي ساهمت في الأزمة الجارية.

وقالت الكيالي: "القيود التي تفرضها سياسات حكومة النظام السوري بمواجهة أزمة الخبز تزيد الأمور سوءا، ما أدى إلى ظهور سوق سوداء تخدم الأغنياء ومن لديهم ́واسطة̀. على حكومة النظام ضمان توزيع الخبز بكميات ونوعيات ملائمة على كل من يحتاج إليه في جميع المناطق التي تسيطر عليها".

المساهمون