"العتالة" مصدر رزق في غزة.. ظروف قاسية وأجور زهيدة

"العتالة" مصدر رزق في غزة.. ظروف قاسية وأجور زهيدة

19 يونيو 2022
يعملون في مهنة شاقة بمقابل زهيد (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يحمل الثلاثيني الفلسطيني أحمد الديري، من مدينة غزة، ثلاثة أكياس طحين ثقيلة الوزن، ويضعها داخل الشاحنة المُخصصة للنقل، في مهنة شاقة، اعتاد عليها لتوفير مستلزمات أسرته الأساسية.
ولم تمنع أشعة الشمس اللاهبة، ودرجة الحرارة العالية، الديري، وإلى جانبه عشرات "العتالين" الفلسطينيين، من مواصلة عملهم المرهق أمام أحد مراكز توزيع الطرود الغذائية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بهدف كسب رزقهم، وقوت يوم أسرهم.

الصورة
العتالة في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
يوفرون قوت يومهم بالعمل في هذه المهنة (عبد الحكيم أبو رياش)

ويعمل العتالون على مُساعدة اللاجئين المستفيدين من المواد الغذائية، وحملها من داخل مراكز التوزيع المُنتشرة في مختلف مُحافظات قطاع غزة، وإيصالها إلى العربات ووسائل النقل المُختلفة، وذلك مقابل أجر زهيد لا يتجاوز الدولار الواحد لكل عملية نقل.

ويتوجه الرجال والشُبان، وكذلك بعض الأطفال، إلى مهنة العتالة، في ظل انعدام فرص العمل في قطاع غزة الذي يعاني ظروفا اقتصادية متدهورة وأوضاعا مادية متدنية، بفعل تواصل الحصار الإسرائيلي المُشدد منذ ما يزيد عن خمسة عشر عاما، تأثرت فيها مختلف الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية.

الصورة
العتالة في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
يعملون في ظروف صعبة (عبد الحكيم أبو رياش)

ويقول الفلسطيني أحمد الديري، لـ"العربي الجديد"، إنّه يعمل في مهنة العتالة للاسترزاق، مضيفا بلهجته البسيطة "نتعاون فيما بيننا من أجل الحصول على الرزق، وتوفير المستلزمات الضرورية لأسرنا، إذ تعتبر هذه المهنة هي المصدر الوحيد للرزق".

ويوضح الديري أن اليوم الذي لا يعمل فيه، هو أو أي من زملائه، لا يتمكنون من توفير لوازم أسرهم، مضيفا: "الأجور زهيدة للغاية، لكن مواصلة العمل خلال فترة توزيع المواد الغذائية تمكننا من الحصول على القليل اليسير لستر بيوتنا".

الصورة
العتالة في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
الأجور زهيدة في هذه المهنة (عبد الحكيم أبو رياش)

ويواصل أصحاب تلك المهنة عملهم على الرغم من الإرهاق الكبير الذي يصيبهم فيها، إلى جانب الأجواء الصعبة التي يعملون فيها، خاصة مع تطاير الغبار بفعل الأتربة، وكذلك مسحوق الطحين الممزوج بالرطوبة العالية.

يقول الفلسطيني محمد القايض (18 عاما): "هذه المهنة لأكل العيش، إذ يكفي مصدر الدخل الذي توفره لشراء المستلزمات الأساسية والضرورية فقط، وذلك بفعل الدخل المحدود يوميا".

وتشهد المهنة الصعبة، على الرغم من الأجواء القاسية، كذلك، حالة من المُنافسة الشديدة بين روادها، إذ يتجمعون على نواصي الطرقات المؤدية إلى مراكز التوزيع وعلى أبوابها، ينتظرون على أهبة الاستعداد أي مستفيد من المساعدات الغذائية (كوبونات).

الصورة
العتالة في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
منافسة بين روادها (عبد الحكيم أبو رياش)

ويوضح القايض: "نسارع باتجاه أي شخص متجه إلى مراكز التوزيع، وحين يختار الزبون أي شخص فينا، يقوم بمرافقته ومساعدته إلى أن يحصل على المواد الغذائية، وبعد ذلك يأتي دورنا لحملها من بوابة مركز التوزيع، إلى وسيلة النقل الخاصة به".

الصورة
العتالة في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
إقبال الشباب ازداد على هذه المهنة (عبد الحكيم أبو رياش)

أما الفلسطيني عبد الرحمن جبر، ويعمل في المهنة منذ ما يزيد عن تسع سنوات، فيوضح أن إقبال الشباب ازداد على المهنة خلال السنوات الأخيرة، بفعل زيادة نسبة البطالة وعدم وجود أي مصدر دخل ثابت، ما بات يخلق أجواء غير مريحة بفعل التكدس على الطرقات.

الصورة
العتالة في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
قلة فرص الشغل والبطالة (عبد الحكيم أبو رياش)

ويتابع في حديث مع "العربي الجديد": لم تكن الأوضاع في السابق وردية، إلا أنها كانت أفضل من الأوقات الحالية، والدخل لا يكفي في بعض الأحيان حتى لسد رمق أسر أصحاب هذه المهنة الشاقة.

ويضطر أصحاب مهنة العتالة إلى التوقف عن العمل والجلوس في منازلهم خلال أيام الجمعة والإجازات الرسمية، بسبب إغلاق بوابات مراكز التوزيع، فيما لا تستقر نسبة دخلهم، إذ يحصلون في بعض الأيام على أجور مُناسِبة، فيما لا يتمكنون في البعض الآخر حتى من توفير أدنى المتطلبات المنزلية.

الصورة
العتالة في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
يعملون في حمل المواد الغذائية والمساعدات (عبد الحكيم أبو رياش)

ودخل أهالي قطاع غزة منذ عدة أيام في العام السادس عشر من الحصار الإسرائيلي المُشدد، والمفروض منذ يونيو/ حزيران 2006، وقد تدهورت الأوضاع الاقتصادية منذ بداية الحصار ووصلت إلى مراحل غير مسبوقة، تدنت فيها الأجور، وتضاعفت نسب الفقر والبطالة.

الصورة
العتالة في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
عملهم الصعب دون ضمانات (عبد الحكيم أبو رياش)

المساهمون