"الزنانات" لا تفارق الغزيين في رمضان

"الزنانات" لا تفارق الغزيين في رمضان

22 ابريل 2022
طائرات الاستطلاع تمنعهم من الراحة على الشاطئ (محمد الحجار)
+ الخط -

يكثر تحليق طائرات الاستطلاع الإسرائيلية (الزنانات) في سماء قطاع غزة خلال موعد الإفطار وأثناء صلاة التراويح ويستمر حتى موعد السحور. وتقلق هذه الطائرات الغزيين، في الوقت الذي يبحثون فيه عن الراحة من خلال ممارسة الطقوس الروحانية التي تبعدهم عن هموم الحياة. إلا أنهم يشعرون بأنهم مراقبون طوال الوقت وحتى خلال الطقوس التي ينتظرونها كل عام.
في الوقت نفسه، اعتاد الغزيون على أصوات هذه الطائرات إلى حد التعايش معها، على الرغم من أنها قد تمنعهم من النوم في الكثير من الأحيان. ويلاحظ المواطنون أن تحليقها يزداد خلال شهر رمضان، وخصوصاً مع الأخبار التي يتم تداولها في الإعلام الإسرائيلي التي تتعلّق بتهديدات إسرائيلية لفصائل المقاومة الفلسطينية.
إلا أن تحليق هذه الطائرات يذكرهم بالحروب الثلاث التي شنتها إسرئيل على الغزيين خلال السنوات الثماني الماضية. ويشعر بعضهم بأنهم مراقبون على مدار الساعة. وتصاحب عزيز عوض ذكريات سيئة، إذ استشهد شقيقه الأصغر محمد خلال العدوان الإسرائيلي عام 2014 في شهر رمضان. ويقول لـ "العربي الجديد": "أخرج صباحاً للعمل ثم أتوجه إلى السوق لشراء الحاجيات الأساسية وأعود إلى المنزل. وبعد الإفطار، أذهب إلى المسجد لأداء صلاة التراويح، في وقت تحلق طائرات الاستطلاع في السماء، وكأنها تراقبني شخصياً. يسعى الإسرائيليون إلى الاطلاع على كل تفاصيل حياتنا". 

الصورة
طائرات الاستطلاع في غزة (محمد الحجار)
يلعب رغم القلق (محمد الحجار)

يتابع أنه "مع انقطاع التيار الكهربائي مساء، وعندما يعم الهدوء في الأجواء، تصبح أصوات طائرات الاستطلاع أكثر حضوراً، ويعلو صوتها بعد انتهاء صلاة التراويح على وجه الخصوص وحتى الشروق. وتلاحق الناس الذين يقصدون البحر لينعموا بالهدوء". 

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويرى الكثير من الفلسطينيين أن الإسرائيليين يتعمدون استفزازهم خلال شهر رمضان لتنفيذ بعض أجنداتهم العسكرية والتضييق على المدنيين، وخصوصاً في مدينة القدس وقطاع غزة المحاصر، حيث تكثر الشعائر الدينية التي تنسيهم همومهم والحصار الإسرائيلي. وفي أحيان كثيرة، يحرمون من مشاهدة التلفاز نتيجة التشويش الذي تحدثه طائرات الاستطلاع.

 

الصورة
طائرات الاستطلاع في غزة (محمد الحجار)
تحرم الغزيين النوم (محمد الحجار)

وتبث طائرات الاستطلاع الرعب لدى سكان المناطق الشرقية، وخصوصاً في حي الشجاعية وجبل المنطار، إذ يتذكرون المجزرة التي ارتكبت في حقهم خلال العدوان الاسرائيلي الثالث صيف عام 2014، حين رأوا طائرات الاستطلاع بالعين المجردة. ويقول محمود حجاج، وهو من حي الشجاعية، إن كثرة تحليق طائرات الاستطلاع خلال شهر رمضان تثير قلقهم في كل ليلة. ويتابع في حديثه لـ "العربي الجديد": "هناك إيمان كبير لدى الغزيين بأن إسرائيل تراقب الهواتف والكثير من المنصات الإلكترونية المتاحة وحتى الإعلام الفلسطيني. في الوقت الحالي، نشعر وكأننا نعيش في سجن انفرادي وأن كل تصرفاتنا مراقبة عبر الكاميرات". 

الصورة
طائرات الاستطلاع في غزة (محمد الحجار)
لا ترحم طائرات الاستطلاع الغزيين، حتى ليلاً(محمد الحجار)

وأكثر ما يقلق الحجاج هو أن طائرات الاستطلاع قاتلة ولا تقتصر على التنصت والتصوير والتشويش (بث موجات على نفس ترددات القنوات وعلى نفس القمر الاصطناعي الذي تبث منه القناة التي يراد التشويش عليها)، إذ تسببت في مقتل أحد أصدقائه خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة في مايو/ أيار 2021 في آخر أيام شهر رمضان. يضيف أنها تحمل صواريخ متفجرة كان الجيش الاسرائيلي يطلقها على المنشآت التي ينوي تدميرها بالكامل.

وبالنسبة لأحمد أبو عودة (32 عاماً)، فإن طائرات الاستطلاع نذير شؤم، وتعيد إليه ذكريات قاسية من العام الماضي، إذ كادت تودي بحياته حين أصابت هدفاً على مقربة منه، وقد نجا بأعجوبة، وعام 2014، أطلقت صاروخاً على مقربة منه لم ينفجر، في وقت كان فيه وأبناء عمومته يخلون منازلهم خلال العدوان. 
وعادة ما يردد الغزيون: "انتبه خلفك زنانة"، أي أن أحد الجواسيس يتعقبك. واستخدمت عبارة الزنانات على وجه الخصوص خلال فترة الانتفاضة الأولى عام 1987 عندما كان الاحتلال الاسرائيلي ينشر جواسيسه بين المخيمات والمدن والقرى في قطاع غزة لتعقب المقاومين.

الصورة
طائرات الاستطلاع في غزة (محمد الحجار)
يفسد تحليق طائرات الاستطلاع في سماء غزة طقوس رمضان (محمد الحجار)

ويفسد تحليق طائرات الاستطلاع في سماء غزة طقوس شهر رمضان. ويذكر سكان بلدة بيت حانون أن طائرات الاستطلاع قتلت شخصيات عديدة في البلدة، منهم أقارب والدة أبو عودة من عائلة المصري. ويقول لـ "العربي الجديد": "في بعض الأيام نتناسى وجودها في السماء لأنها أمر فُرض علينا. نريد أن نمارس طقوس العبادة خلال شهر رمضان، علماً أن المصلين يسمعون أصواتها في المسجد". 

المساهمون