هل جرت تصفية ذو الهمة شاليش حارس آل الأسد طمعاً بأمواله؟

هل جرت تصفية ذو الهمة شاليش حارس آل الأسد طمعاً بأمواله؟

15 مايو 2022
شاليش ابن أخت حافظ الأسد (فرانس برس)
+ الخط -

نعت مصادر موالية للنظام السوري زهير شاليش، ابن عمة بشار الأسد، الذي كان مسؤول فريق الحراسة لحافظ الأسد، ومن بعده ابنه بشار، حتى عزله من منصبه عام 2019.

وأوضحت المصادر ذاتها أن شاليش، الذي يعرف بـ"ذو الهمة شاليش"، توفي مساء أمس في مشفى الرازي بدمشق، وسيشيع اليوم الأحد إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه ببلدة القرداحة بريف اللاذقية على الساحل السوري.

وشاليش من مواليد عام 1956، وشملته العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على مسؤولين في النظام السوري بعد عام 2011، وعقوبات أميركية أخرى سابقاً.

وبدأ شاليش مسيرته بالعمل مع رفعت الأسد، شقيق رئيس النظام السابق، قبل أن يتحول لصالح شقيقه حافظ، إثر الخلاف بين الشقيقين في ثمانينيات القرن الماضي، والذي أسفر عن استبعاد رفعت خارج سورية، قبل أن يعود إليها العام الماضي هرباً من العقوبات الدولية.

ووفق المعلومات المتداولة عن زهير شاليش، فقد كان مسؤول المخابرات الخارجية السورية، ويتهم بالوقوف وراء عدة تفجيرات في سورية، وزعزعة الاستقرار في بعض الدول العربية.

توفي أم قتل؟

محمد صبحي الهوى، المقرب من شاليش، والذي كان شريكاً له في بعض المشاريع التجارية في دمشق، ويقيم حالياً في باريس، أكد لـ"العربي الجديد" أن "ذو الهمة شاليش لم تكن له أية علاقة بالمخابرات". وقال إنه "ليس في سورية أصلاً فرع للمخابرات الخارجية، بل هناك قسم للمخابرات الخارجية في فرع أمن الدولة".

ولا يستبعد الهوى أن يكون شاليش قد تمت تصفيته من جانب النظام السوري بغية الاستيلاء على أمواله، والتي قدرها بنحو مليار دولار، خاصة أن شاليش لم يتزوج، وليس لديه أولاد ورثة.

وأشار إلى أن شقيقه رياض شاليش، الذي كان لفترة طويلة مسؤولاً عن مؤسسة الإسكان العسكرية، مع صلاحيات مطلقة له من جانب النظام للسرقة ومراكمة الثروة، تم عزله أيضاً بالتوازي مع عزل شقيقه.

وأوضح الهوى أن شاليش لم يكن يعاني من أية أمراض، باستثناء مرض السكري، وهو غير قاتل، وفق رأيه، "خاصة بالنسبة لرجل لديه أموال طائلة، مثل شاليش"، على حد تعبيره.

ما مصدر ثروته؟

ونقل الهوى عن رجل من أصدقاء ذو الهمة وأحد شركائه التجاريين، ويدعى محمد نعامة، أنه شاهد بأم عينه غرفة في مدينة دمشق مليئة بالكامل بالدولارات في ملكية شاليش، موضحاً أن الأخير جمع ثروته بشكل أساسي من علاقته مع العراق، وخاصة مع عزة الدوري، الرجل الثاني في حزب البعث إبان حكم صدام حسين.

وكان الدوري يقيم عنده في المنزل حين يزور دمشق، لأنه لا يأتمن جانب النظام، وذلك مقابل دور كبير قام به شاليش في إخراج المعتقلين الإسلاميين من سجن صيدنايا وإرسالهم إلى العراق.

ومعروف أيضاً أن ذو الهمة شاليش جمع ثروة طائلة من صفقات البناء، وكذلك من المقاولات التي كان يمتلكها في سورية، وخاصة مشاريع شركات النفط التي كانت تتركز غالبيتها في شرقي وشمال شرقي سورية وصفقات تشييد الطرق الكبرى.

وهيمن ذو الهمة شاليش مع شريكه نزار الأسعد على مناقصات مشاريع النفط والطرق الأعلى قيمة في الأراضي السورية على الإطلاق. كما أن شقيقه رياض شاليش كان مديراً لمؤسسة الإنشاءات العسكرية، المسؤولة عن أكبر المشاريع في سورية، لأكثر من 30 عاماً، والمتهمة بالفساد، بعد أن حولها إلى شركته الخاصة.

"الحرس الرئاسي"

وأوضح الهوى أن النظام السوري، وبعد محاولة اغتيال حافظ الأسد في ثمانينيات القرن الماضي، اتبع سياسة جديدة في موضوع "الحرس الرئاسي"، بحيث يتم تحصين أفراد الحرس وضباطه من محاولات الاختراق، بما أن من ألقى قنبلة على حافظ الأسد وقتها كان من "الحرس الرئاسي".

وأضاف أنه منذ تولى زهير شاليش الإشراف على "الحرس الرئاسي" عام 1994، بحكم انتمائه العائلي، فأمه حسيبة هي أخت حافظ الأسد، منح تفويضاً بالإغداق على عناصر "الحرس" وجعلهم مكتفين مادياً.

وكان الأخير يمنح عناصر "الحرس" وضباطه أضعاف الرواتب التي كانوا يتقاضونها، وذلك من "ماله الخاص" بعد أن فتح له النظام كل أبواب الفساد والسرقة لمراكمة ثروات طائلة، فضلاً عن المصدر الأهم لثروته، وهي أموال العراق، بحسب الهوى.

وحول تركيبة "الحرس الرئاسي"، أوضح الهوى أن عددهم بالآلاف، وقد أقيمت لهم منازل خاصة في أنحاء مختلفة من دمشق، وجميعهم من الطائفة التي تنتمي إليها عائلة الأسد، خشية أن يتم اختراقهم أمنياً.

موقف
التحديثات الحية

علاقته مع ثوار الغوطة

وفي سياق متصل، يؤكد محمد صبحي الهوى، المقرب من شاليش، لـ"العربي الجديد"، أن من بين الاستثمارات التي عمل فيها شاليش صالات ووكالات بيع السيارات على طريق حرستا، كان يتولاها ثلاثة أخوة من آل عفوف من حرستا، وكانت تربطهم علاقة قوية مع شاليش، بحيث كانوا يشترون البيوت العربية القديمة على طرف الطريق ويقومون بتحويلها لوكالة بيع سيارات وبيعها للشركات العاملة هناك، ويقدر عددها بالعشرات.

وأضاف أن الأشقاء الثلاثة قتلوا خلال نشاطهم مع الثورة السورية، وهناك اتهامات قوية لشاليش ببيع السلاح للثوار في حرستا وعموم الغوطة، وقد يكون هذا من أسباب عزله من منصبه في وقت لاحق، دون التأكد ما إذا كان شاليش مرر الأسلحة لمقاتلي المعارضة في الغوطة بدوافع "البزنس"، أم العلاقات الخاصة التي كانت تربطه مع بعض عائلاتها، لكن الهوى أشار إلى أنه كان لابن عمة رئيس النظام منزل فخم على الطريق العام في حرستا.

بشار اشتهر بالتخلّص من رجالاته

ويرى الهوى، وهو من أبناء دمشق، أن بشار الأسد، خلافاً لأبيه، اشتهر بالتخلص من رجالاته، مثل وزير الداخلية الأسبق غازي كنعان، والعميد محمد سليمان الذي كان يوصف بـ"الصندوق الأسود" و"كاتم أسرار" الأسد، والذي اغتيل برصاص قناص قبالة ساحل طرطوس عام 2008.

وعن الصفات الشخصية لذو الهمة شاليش، أوضح الهوى أنه كان شخصاً "شعبياً" يجلس مع عامة الناس، ولا يثق كثيرا بأجهزة النظام، وكان يحب حافظ الأسد ويهابه كثيراً، ولم يكن الحال كذلك مع ابنه بشار، مشيراً إلى أنه تقدم لخطبة بشرى، ابنة حافظ الأسد، ولما قوبل طلبه بالرفض امتنع عن الزواج خوفاً من حافظ الأسد، كما يبدو.

وأوضح أنه كان يحمل ضغينة تجاه الإيرانيين، كما أن الروس لم يكونوا راضين عنه، ودفعوا إلى وضعه تحت الإقامة الجبرية بعد عزله عام 2019، بتهم الفساد وبيع السلاح للمعارضة السورية.

معارضون سوريون لا يستبعدون التصفية

وحول احتمال تعرض شاليش للتصفية، لم يستبعد رجل الأعمال السوري المعارض فراس طلاس (نجل وزير الدفاع السوري الأسبق مصطفى طلاس) حدوث عملية التصفية. وقال لـ"العربي الجديد" إنه غير مطلع على ظروف وفاة شاليش، ولكن احتمال التصفية وارد، وهذا غير مستبعد عن بشار الأسد.

أما المعارض السوري زياد الصوفي المقيم في الولايات المتحدة فلم يستبعد أيضاً أن يكون نظام بشار الأسد قد قام بتصفية شاليش طمعاً بأمواله.

ولفت الصوفي، الذي يتابع أخبار عائلة الأسد على صفحته في "فيسبوك"، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن ورقة نعي شاليش تضمّنت ذكر حافظ الأسد، دون ذكر رئيس النظام الحالي بشار الأسد، وهو ما قد يحمل دلالة على استياء العائلة من بشار الأسد.

عقوبات أميركية وأوروبية

وفي يونيو/ حزيران 2005، فرضت حكومة الولايات المتحدة عقوبات على ذو الهمة وابن أخيه آصف عيسى شاليش وشركتهما "SES" الدولية، وذلك لقيامها باقتناء سلع ذات صلة بأنشطة الدفاع للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، في انتهاك للعقوبات السابقة المفروضة على العراق.

وحسب وزارة الخزانة الأميركية، ساعدت الشركة نظام صدام حسين على الوصول إلى أنظمة الأسلحة، من خلال إصدار شهادات مستخدم نهائي مزيفة للموردين الأجانب الذين أدرجوا سورية كبلد المقصد النهائي، ثم شحنت الشركة البضائع إلى العراق.

وتتهم واشنطن شاليش، إلى جانب آصف شوكت، صهر بشار الأسد (قتل بتفجير عام 2012) بمساعدة الحكومة العراقية، قبل الغزو الأميركي عام 2003، في نقل "أسلحة الدمار الشامل" الخاصة بها إلى سورية لتخزينها، بمساعدة الروس. كذلك شملته العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على مسؤولين في النظام السوري بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011.

المساهمون