مناصب "الدرجات الخاصة" في العراق: بداية خلاف قوى "الإطار" والسوداني؟

مناصب "الدرجات الخاصة" في العراق: بداية خلاف بين قوى "الإطار" وحكومة السوداني؟

23 نوفمبر 2022
اعتراضات شديدة من الشارع العراقي على آلية تقاسم المناصب والحقائب الوزارية (Getty)
+ الخط -

على نحو متصاعد تتواصل آلية المحاصصة في توزيع المناصب والمهام الرئيسة في الحكومة العراقية الجديدة، برئاسة محمد شياع السوداني، بين مختلف القوى السياسية، رغم الاعتراضات الشديدة من قبل الشارع العراقي، على استمرار تقاسم المناصب والحقائب الوزارية بين الأحزاب وعلى أساس المكونات الطائفية والعرقية بالبلاد.

وبعد الانتهاء من تسمية المناصب الوزارية في حكومة السوداني، دخلت القوى السياسية في تنافس واضح على رئاسة الهيئات المستقلة وبعض الأجهزة والمؤسسات المرتبطة بالحكومة، التي تصل إلى 25 منصباً، وبما يفوق عدد حقائب الحكومة الوزارية البالغة 23 وزارة.

تحالف "الإطار التنسيقي"، المظلة الجامعة للأحزاب والكتل وأجنحة الفصائل المسلحة السياسية، الذي نجح بعد عام كامل من الأزمة السياسية في العراق في تشكيل الحكومة، دخلت بعض قواه في الأيام الماضية بتنافس على مناصب محددة، بينها رئاسة أجهزة أمنية وهيئات مستقلة، وهو ما سبّب ظهور خلافات إلى السطح بينها وبين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

وخلال هذا الأسبوع صدرت تعليقات عن الأجنحة السياسية لمليشيات عدة، أبرزها "كتائب حزب الله" وجماعة "عصائب أهل الحق"، بسبب تسمية السوداني رؤساء على عدد من الهيئات المستقلة دون النظر بالأسماء التي رشحتها من خلالها.

وقال زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" المسلحة، قيس الخزعلي، في مقابلة متلفزة، إنّ على "رئيس الوزراء عدم الانفراد بقرار الدولة، بل الرجوع إلى الإطار التنسيقي، ويكون هو جزءاً من القرار في اتخاذ القرار، والمقصود بالقرارات الاستراتيجية السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية".

قبل ذلك، انتقدت حركة "حقوق" الجناح السياسي لمليشيا "كتائب حزب الله"، السوداني، واتهمته بـ"النكوص"، عن تعهدات أطلقها قبيل منح الثقة للحكومة.

ونقلت وسائل إعلام عن المتحدث باسم الحركة، علي فضل الله، قوله إنّ "حكومة السوداني بدأت شيئاً فشيئاً تتراجع عما أعلنته قبل تكليفها والتصويت عليها في مجلس النواب، وأن هذا التراجع مرتبط بالبيئة السياسية المحيطة بالحكومة والساندة لها، على اعتبار أنّ هذه البيئة من الأساس غير صالحة في العراق".

وبيّن فضل الله أنّ "هناك تراجعاً عن القضايا التي تعهدت بها حكومة السوداني والوعود التي أطلقت سابقاً على جميع الأصعدة، وأن القرارات التي اتخذتها الحكومة خجولة ولا ترقى إلى مستوى التحدي الذي يواجه العراق"، وفقاً لقوله.

ويصل عدد الهيئات المستقلة في العراق إلى أكثر من 25 هيئة، حيث إنها تقل وتكثر من حكومة إلى أخرى.

 ومن أبرز الهيئات التي تتقاسم إدارتها الأحزاب في كل حكومة "هيئة الحج والعمرة، البنك المركزي، مؤسسة الشهداء، مؤسسة السجناء السياسيين، هيئة الاستثمار، ديوان الرقابة المالية، هيئة الأقاليم، أمانة بغداد، مجلس الإعمار، هيئة النزاهة، هيئة المساءلة والعدالة، هيئة الإعلام، هيئة الإيرادات الاتحادية، هيئة الأوراق المالية، المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، هيئة الاتصالات، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان، وهيئة الحشد الشعبي".

ووفق نظام المحاصصة في العراق، فإنّ تلك الهيئات توزع بين القوى السياسية المختلفة، التي تقدم نفسها على أنها ممثلة سياسية للمكونات الطائفية والعرقية في البلاد.

ضغوط على السوداني

عضو في البرلمان العراقي طلب عدم الكشف عن هويته قال لـ"العربي الجديد"، إنّ رئيس الوزراء الجديد محمد شياع السوداني يتعرض لـ"ضغوط من قوى في الإطار التنسيقي للحصول على مناصب لها وصلت إلى درجة مطالبته بتعيين موظفين في دائرة المراسم والمكتب الإعلامي بالحكومة من خلال تلك القوى".

وأضاف أنّ السوداني يحاول الإفلات من تلك الضغوط بالتسويف، وقراره الحالي إبعاد المناصب الأمنية عن أي جماعة أو فصيل مسلح، وكذلك الهيئات المهمة مثل البنك المركزي وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية، وهيئة الاستثمار، وهيئة الإعلام، والاتصال.

وأكد أنّ "بعض القوى السياسية بدأت تلوّح عبر الإعلام بتصريحات رافضة لإجراءات السوداني كجانب من الضغط الإعلامي وإيصال رسائل له".

عضو تحالف "قوى الإطار التنسيقي" علي الفتلاوي، قال إنّ السوداني حظي بدعمٍ من تحالفه وصفه بـ"غير المسبوق"، لكنه عاد للقول إنّ "هناك ضعفاً في الأداء الحكومي، وقد شخصت قوى الإطار التنسيقي ذلك، ومن المفترض أن يرجع السوداني في قراراته إلى القوى التي أيدت صعوده إلى منصب رئيس الحكومة، وعدم الانفراد بتعيين المسؤولين في مناصب الدرجات الخاصة"، وفقاً لقوله.

وأضاف الفتلاوي، في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أنّ "الحكومة لم تتخذ حتى الآن أي قرارات حقيقية مقارنة بالتعهدات التي طُرحَت ضمن البرنامج الحكومي".

تضارب مصالح

من جهته، وصف النائب المستقل في البرلمان العراقي باسم خشان، تحوّل مواقف بعض القوى السياسية تجاه حكومة السوداني، بأنه "تضارب المصالح السياسية"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "هناك جدية واضحة لمسناها في عمل حكومة السوداني، وأن الرجل يسعى لتحقيق ما لم يتمكن سابقوه من تحقيقه على صعيد تطوير المؤسسات الخدمية وإعفاء وعزل المسؤولين المتورطين بشبهات فساد، وهو بحاجة إلى دعم سياسي".

ولفت إلى أنّ "بعض الأحزاب كانت تظن أنها ستحصل على مكاسب كبيرة جداً في الحكومة، لكن الوضع لا يحتمل إرضاء الأحزاب على حساب الشعب العراقي المتابع والمراقب للأحداث السياسية، والناقم من النظام بشكلٍ عام".

وحول ذلك بيَّن عضو تحالف "قوى التغيير الديمقراطية" الذي يجمع الكيانات والأحزاب المدنية، أيهم رشاد، أنّ "العملية السياسية في العراق تعتمد منذ عام 2003 على المصالح والمحاصصة، وتبدل لهجة بعض القوى، يعني أنها لم تحصل على ما تريده من مكاسب ومناصب، أو كانت تطمح إلى الأكثر من كعكة المحاصصة".

واستكمل حديثه لـ"العربي الجديد"، قائلاً إنّ "النظام بالكامل يشهد تراجعاً من حيث القاعدة الشعبية، وإن كل القوى السياسية التي شاركت في حكومة السوداني لم تترك حصصها، بل إنها مارست أبشع أنواع التمسك بالمغانم للحصول على أموال ومكاسب شخصية"، وفق قوله.

المساهمون