لوكاشينكو ينحاز لروسيا: اعتراف بالقرم وتلويح بنشر أسلحة نووية

لوكاشينكو ينحاز لروسيا بمواجهة "الأطلسي" وأوكرانيا: اعتراف بالقرم وتلويح بنشر أسلحة نووية

01 ديسمبر 2021
كشف لوكاشينكو أنه اتفق مع بوتين على زيارة القرم (Getty)
+ الخط -

في سابقة هي الأولى من نوعها ضمن بلدان الاتحاد السوفييتي السابق، أعلن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، اليوم الأربعاء، أن القرم بحكم "الأمر القانوني" يتبع لروسيا.

وفي تصريح يهدف لإثبات وقوف بلاده مع روسيا في وجه حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا، أعلن لوكاشينكو أنه سيعرض على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نشر أسلحة نووية على أراضي بيلاروسيا. وأكد أنه سيقف مع موسكو في حال تعرضها إلى "عدوان من قبل أوكرانيا". كما لوح مرة أخرى بقطع إمدادات الغاز الروسي عن الاتحاد الأوروبي عبر أراضي بلاده.


القرم روسية بحكم القانون
وأشار لوكاشينكو، في حوار مع وكالة "نوفوستي" نشر كاملاً اليوم بعد نشر مقتطفات منه أمس الثلاثاء، إلى أن شبه جزيرة القرم أصبحت بحكم القانون روسية بعد استفتاء 2014. وقال: "كنا نعرف جميعاً أن القرم هي في الواقع روسية، لكن بعد الاستفتاء وبحكم القانون، أصبحت شبه جزيرة القرم روسية". وكشف أنه اتفق مع بوتين على زيارة شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا في العام 2014، لافتاً إلى أن رحلته إلى القرم بمرافقة الرئيس الروسي ستعني الاعتراف بها كجزء من روسيا.

 

سيرغي ريابكوف: سمعنا الإشارة من لوكاشينكو وأخذناها في الاعتبار

ولم تعترف أي من بلدان الاتحاد السوفييتي السابق بضم روسيا للقرم. وسابقاً علق لوكاشينكو أكثر من مرة على الأحداث في شبه جزيرة القرم. وبعد ضمها، قال رئيس بيلاروسيا إنها "أراض روسية" و "لن يتغير شيء" من حقيقة أن المجتمع الدولي لا يعترف بالضم الروسي. لكنه عاد وأشار لاحقاً إلى أن الضم "خطأ". وشدد عدة مرات على أن بيلاروسيا لن تعترف أبداً رسمياً بضم روسيا للقرم، لأن هذا سيكون انتهاكاً لمذكرة بودابست.

ومعلوم أن أوكرانيا طالبت بضمانات أمنية ووحدة سلامة أراضيها مقابل تنازلها عن السلاح النووي. ووقعت في 5 ديسمبر/ كانون الأول 1994 معاهدة بودابست، مع روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا. وتعهدت الأطراف الثلاثة باحترام استقلال أوكرانيا وسيادتها على أراضيها، وحمايتها من العدوان الخارجي وعدم وضع ضغوط اقتصادية عليها للتأثير في سياساتها، وعدم استخدام أسلحة نووية ضدها. وفي المقابل تُسلم أوكرانيا ترسانتها النووية لروسيا. وترى كييف أن موسكو أخلت بالمعاهدة بعد ضم القرم في 2014. ويمهد تصريح لوكاشينكو لانضمام بيلاروسيا إلى كل من أفغانستان وفنزويلا وكوبا ونيكاراغوا وسورية والسودان وكوريا الشمالية، التي أعلنت، في فترات سابقة، اعترافها بسيادة روسيا على شبه الجزيرة، فيما ترفض باقي بلدان العالم خطوة الضم، وترى أن القرم ما زالت قانونياً تابعة إلى أوكرانيا.

 

 

أسلحة نووية في بيلاروسيا
وبعد نحو 30 عاماً على تفكيك بيلاروسيا ترسانتها النووية بمقتضى اتفاقية لشبونة في 1992 وتسليمها لروسيا، قال لوكاشينكو إنه سيعرض على بوتين إعادة نشر الأسلحة النووية في بلاده. وفي تعليقه على تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، الذي قال إنه في حال رفض ألمانيا وضع أسلحة نووية على أراضيها فقد يتم نشرها في دول أخرى شرقي أوروبا، أكد لوكاشينكو أنه لم يدمر القواعد العسكرية التي كانت موجودة منذ الزمن السوفييتي.

وبعد ساعات على تصريحات لوكاشينكو، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف: "سمعنا الإشارة من لوكاشينكو وأخذناها في الاعتبار". وفي استباق لأي انتقادات غربية يمكن أن تثيرها تصريحات لوكاشينكو أو التنفيذ الفعلي لها، قال ريابكوف: "نحن نتعامل مع جميع المعاهدات بمسؤولية كبيرة... بيلاروسيا تفعل الشيء نفسه. ولكن في مرحلة ما، يتعين على الزملاء الغربيين التوقف والتفكير في سبب تقويضهم لنظام الأمن العالمي الحالي". وأشار إلى أن تصريحات لوكاشينكو جاءت رداً على تصريحات حلف شمال الأطلسي حول إمكانية نقل أسلحة نووية من ألمانيا.

وفي الزمن السوفييتي، نشر الجيش الأحمر في بيلاروسيا عشرات من الرؤوس الخاصة بصواريخ "توبول" الاستراتيجية، وأكثر من ألف رأس نووي تكتيكي. وتم سحبها بعد انضمام مينسك إلى معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية في العام 1993.
وفي إشارة إلى انحياز بيلاروسيا الكامل لصالح روسيا في أي حرب محتملة مع أوكرانيا، قال لوكاشينكو: "إذا واجهت روسيا عدواناً من جانب أوكرانيا، فنحن على اتصال وثيق، اقتصادياً، وقانونياً، وسياسياً، وسنكون مع روسيا".

تلويح لوكاشينكو بنشر أسلحة نووية في بيلاروسيا يهدف لمنع الأوروبيين والغربيين من فرض عقوبات إضافية على مينسك

ورغم أن لوكاشينكو حاول التأكيد أن "أوكرانيا لنا" في إشارة إلى أنها دولة سلافية، وأنه سيعمل على أن تبقى كذلك، فإن تصريحاته بشأن القرم، ومساندة موسكو في الحرب، تؤكد الاتجاه نحو قطيعة شاملة مع "الضلع السلافي" الثالث، والانحياز بوضوح نحو موسكو، بعدما كانت مينسك تسعى لعلاقات متوازنة مع الطرفين. وتراجعت العلاقات بين مينسك وكييف، منذ العام الماضي، بعد توجيه اتهامات لأوكرانيا بأنها ساعدت المعارضة ضد حكم لوكاشينكو في تنسيق احتجاجاتها، وإعلان وزارة الخارجية الأوكرانية أنها لا تعتبره رئيساً شرعياً.
 

لوكاشينكو يراهن على الدعم الروسي
ويرى خبراء في بيلاروسيا أن لوكاشينكو سعى بتصريحاته إلى إقناع روسيا بمواصلة المراهنة عليه، ودعمه في مواجهة تواصل الضغوط الغربية عليه منذ انتخابات العام الماضي، وما جرّته اتهامات المعارضة له بالتزوير من عقوبات قاسية. وفي الوقت ذاته فإن التلويح بنشر أسلحة نووية على أراضي بلاده كان لهدفين، الأول داخلي للتأكيد على أنه مستهدف مع روسيا من قبل الغرب، والثاني منع الأوروبيين والغربيين من فرض عقوبات إضافية، على خلفية فشله في "ابتزاز" أوروبا وشن "حرب هجينة" باستخدام سلاح المهاجرين غير النظاميين.

وحذر بعض هؤلاء الخبراء من أن لوكاشينكو مستعد لتسليم بلاده لروسيا مقابل البقاء على الكرسي. وقال عضو هيئة رئاسة مجلس التنسيق البيلاروسي المعارض، بافيل لاتوشكو، في تصريحات لمحطة "ناستايشويه فريميا" التلفزيونية اليوم الأربعاء، إن لوكاشينكو في وضع ميئوس منه، ولذلك ذهب لتقديم مزيد من التنازلات لروسيا. وأشار إلى أن "ثمن الاعتراف بسيادة روسيا على القرم بخس" مقارنة بما كان يمكن أن يحصل عليه. وخلص إلى أن "لوكاشينكو ضار أيضاً بالنسبة لروسيا. هذه لعبة تكتيكية: روسيا بحاجة إليه ما دام يسيطر على بيلاروسيا، ويقمع البيلاروسيين".