زيارة المنفي لحفتر تثير جدلاً واسعاً في ليبيا

زيارة المنفي لحفتر تثير جدلاً واسعاً في ليبيا

12 فبراير 2021
من لقاء المنفي وحفتر (تويتر)
+ الخط -

أثارت زيارة رئيس المجلس الرئاسي الجديد، محمد المنفي، للواء المتقاعد خليفة حفتر، بمقره العسكري في منطقة الرجمة، شرق بنغازي، جدلاً ولغطاً واسعَين في ليبيا، وسط تكهنات وتحليلات لمغزاها ودلالاتها كنقطة بداية لمشاورات السلطة السياسية الجديدة.

وقبيل وصوله إلى مدينة بنغازي ظهر أمس، غرد المنفي قائلاً: "نبدأ رحلة العمل من أجل الوطن ووحدته وسلامة أراضيه ولم شمل أهلنا في كل ربوع ليبيا"، وطالب الجميع بتحمل مسؤولياتهم والرقي إلى مستوى التحديات والتطلعات، بحسب تعبيره.

وفي أول ردود الفعل التي صاحبت تناقل وسائل الإعلام الليبية، بشكل واسع، صور المنفي وحفتر، غرد رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، قائلاً: "أول القصيدة كفر".

وكتب أيضاً: "نرفض ونستهجن لقاء المنفي مع المجرم حفتر ونعتبره خطوة سلبية لا علاقة لها بالتوافق بين الليبيين وجمع الوطن".

من جانبه، غرد المنفي رداً على منتقديه قائلاً: نحن لا ندعم أي طرف سياسي، وإنما بدأنا بمصالحة وطنية من الشرق إلى الغرب والجنوب، مطالباً بعدم الالتفات لمن سماهم "مخربي الوطن"، ومؤكداً أنه يسعى "إلى لم الشمل وإرجاع الوطن إلى ما كان عليه لحمة واحدة على قلب شعب واحد". 

 كما أصدرت قيادة حفتر بياناً، أوضحت فيه أن المنفي وحفتر "تبادلا وجهات النظر"، مشيرة إلى أن حفتر أكد على دعمه لـ"الحفاظ على الديمقراطية، والتداول السلمي للسلطات، ودعم المجلس الرئاسي الجديد، وحكومة الوحدة الوطنية التي أنتجها الحوار السياسي لتوحيد المؤسسات والوصول بالبلاد إلى الانتخابات المنتظرة في ديسمبر/كانون الأول القادم".

وخلال الساعات الماضية توالت ردود الفعل الرافضة للقاء، فقد شنت عضو مجلس النواب المجتمع بطرابلس، ربيعة بوراص، هجوماً عنيفاً على المنفي، الذي وصفته بـ"غير المسؤول"، واعتبرت أنه بزيارته لحفتر "يهدد بوادر الثقة التي حاولنا زرعها بين كل الأطراف، وهذه التصرفات تهدد مشروع انتقال السلطة".

وشددت البرلمانية، في تدوينة على حسابها في فيسبوك، على رفضها لقاء المنفي لحفتر "الذي دمر العاصمة طرابلس، وترمي كل التضحيات من أجل السلام خلف ظهرك".

من جانبه، طالب عضو المجلس الأعلى للدولة، صالح جعودة، بأن "لا يمر فعل" المنفي، الذي وصفه بـ"الفعل الشائن والمنكر"، وقال: "يجب أن تقوم عليه القيامة، لأنه باع من دعموه ورشحوه وأوصلوه إلى منصبه بعد أن تبين أن من تصوروه موسى بات فرعوناً".

لكنه زار أيضاً جامعة بنغازي وهي مؤسسة مدنية والتقى عدداً من الأكاديميين ورؤساء مراكز بحثية، فلماذا التركيز على زيارته لحفتر، بحسب الناشطة السياسية، آمال بلقاسم.

وتضيف بلقاسم، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن "كل أهل بنغازي يعرفون أن قيادة حفتر دلست في بيانها عندما قالت إن المنفي زار حفتر في الرجمة، واللقاء تم في فندق الفضي في بنغازي، ومن سعى للزيارة هو حفتر".

وترى الناشطة السياسية أن لقاءات المنفي، بما فيها لقاؤه بحفتر، خطوة في اتجاه تليين المواقف الصلدة، وحفتر من بين أصحاب المواقف المتعنتة، وخلصت إلى أنه "لا يمكننا الحكم على المنفي من الآن، يجب أن ننتظر لنرى إلى أين سيتجه ومن سيزور".

وفيما اعتبرت بلقاسم، أن زيارة المنفي لشرقي البلاد جاءت في سياقها الطبيعي، كونه ممثل الإقليم بحسب آليات انتخاب السلطة الجديدة، قالت: "في الأمر تسرع في الحكم على الموقف، فلا ننسى أن المنفي من ناحية سياسية تبع حكومة الوفاق خصم حفتر، بل وسفيرها لدى اليونان الغاضبة من تحالف طرابلس وأنقرة".

في المقابل، يتساءل المحلل السياسي الليبي خميس الرابطي: "لماذا حفتر وليس غيره؟"، معتبراً أن رئيس السلطة الجديدة أعطى رسائل سلبية داخلياً بــ"استفزاز لمكونات كانت في وقت قريب في صراع مع حفتر"، و"خارجياً سيفهم المجتمع الدولي من الزيارة أنه لا سبيل إلى إخضاع المؤسسة العسكرية للسلطة المدنية".

إشارات أخرى يشدد الرابطي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد" على ضرورة عدم تجاهلها، تتعلق بمواقف الدول الإقليمية الموجودة في المشهد الليبي مثل تركيا، ومعتقداً أن موقفها لن يتأخر في استنكار الزيارة، ما يدفع الوضع الإقليمي المستقر نسبياً في الملف الليبي أخيراً إلى التوتر أكثر.

ومقابل كل هذا الجدل يلفت الباحث الليبي في العلاقات الدولية، مصطفى البرق، إلى قراءة أخرى تتعلق بحقيقة الوفاق السياسي الليبي الذي أنتج السلطة الجديدة. إذ قال متحدثاً لـ"العربي الجديد" إن "زيارة المنفي سواء قصد من خلالها موقفاً سياسياً معيناً أم تم تسييسها؛ فإن المواقف الجدلية بشأنها تطرح أسئلة حول واقعية الوفاق الناتج عن ملتقى الحوار"، معبراً عن مخاوف من تكرار سيناريو اتفاق الصخيرات، بدخول الأطراف الفاعلة سياسياً وعسكرياً في مناكفات المماطلة والعرقلة.

المساهمون