زيادة عدد قتلى الجيش المصري في سيناء: الأسباب والنتائج

زيادة عدد قتلى الجيش المصري في سيناء: الأسباب والنتائج

14 مايو 2022
خسر الجيش المصري مئات القتلى في شمال سيناء (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

لم يكد المصريون يستفيقون من صدمة مقتل 17 عسكرياً في هجوم لتنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" في محافظة شمال سيناء، شرقي مصر، يوم السبت الماضي، حتى أصيبوا بصدمة أخرى، إثر مقتل ستة عسكريين مصريين بهجوم إرهابي آخر في المحافظة ذاتها، وقع يوم الأربعاء الماضي، ليرتفع عدد القتلى العسكريين المصريين منذ بداية الأسبوع الحالي إلى 23، إضافة إلى عدد من المصابين.

من جهته، لم يعلن "ولاية سيناء" عن مقتل أي من عناصره في الهجومين، متوعداً بالمزيد من الهجمات خلال الأيام المقبلة، رداً على اعتقال الجيش عدداً من زوجات الناشطين في التنظيم في مدينتي رفح والشيخ زويد.

أسبوع دامٍ للجيش المصري في سيناء

وقالت مصادر طبية عسكرية لـ"العربي الجديد"، إن الأسبوع الأخير كان دامياً للغاية، ولم يشهد الجيش المصري مثيلاً له منذ أعوام، وليس فقط منذ أشهر، في ظلّ الحالة الأمنية الجيدة التي باتت تتمتع بها محافظة شمال سيناء، منذ العملية العسكرية الشاملة في المحافظة التي بدأت في فبراير/ شباط 2018، وأدت إلى تراجع ملحوظ في الهجمات الدموية للتنظيم.

معدل هجمات "ولاية سيناء" انخفض من 350 عملية سنوياً، إلى 50 

وأوضحت المصادر أنه جرى تسجيل مقتل 23 من قوات الجيش، بينهم ثلاثة ضباط، بالإضافة إلى ثلاثة قتلى من العناصر القبلية المساندة لقوات الجيش، وعدد من الإصابات من الجيش ومسانديه في الهجومين الأخيرين. كما قُتل ثلاثة عناصر من اتحاد قبائل سيناء، المساند للجيش، في هجوم لـ"ولاية سيناء" جنوب مدينة الشيخ زويد مساء أمس الجمعة.

وخسرت قوات الجيش المصري على مدار العقد الأخير مئات القتلى من ضباطها وجنودها، بالإضافة إلى العشرات من المجموعات القبلية المساندة لها في سيناء، عدا عن الخسائر المادية الفادحة التي لحقت بالمواقع العسكرية والآليات.

وتنوعت هجمات التنظيم بين السيطرة على كمائن عسكرية، أو عمليات القنص، وتفجير سيارات مفخخة، وقصف المواقع العسكرية بالقذائف الصاروخية، بالإضافة إلى الإعدام بعد الاختطاف لعناصر وضباط بالجيش، فيما تكررت سيناريوهات القتل سابقة الذكر عشرات المرات في سيناء من دون أي تغيير في استراتيجيات الأمن في التعامل مع التنظيم.

تكتيكات قتالية غير مفيدة للجيش المصري

وتعليقاً على الهجمات الأخيرة، قال الخبير في شؤون الجماعات "الجهادية" حسن أبو هنية، لـ"العربي الجديد"، إن استمرار الهجمات الدموية بعد كل هذه السنوات، خصوصاً بعد نتائج "العملية الشاملة في سيناء" لعام 2018، يشير ببساطة إلى عدم الكفاءة، على الرغم من الحديث المتكرر عن أنه تم القضاء على التنظيم، وستتم عودة المهجرين إلى قراهم.

وأضاف أبو هنية أن قوات الجيش المصري، ومنذ صعود "ولاية سيناء"، استخدمت تكتيكات قتالية تشبه سياسة الأرض المحروقة والتي تتمثل في التجريف وهدم المنازل وتهجير السكان، وكذلك استخدام ورقة اتحاد القبائل، بالإضافة إلى الدفع بـ50 ألف مقاتل نظامي من قوات الجيش، وإلى قوات الأمن الموجودة أصلاً في سيناء، وقوات حرس الحدود التابعة للجيش.

كما استغل الجيش المصري غطاء من التعديلات المتتالية لاتفاقية الأمن مع إسرائيل، التي شاركت في الحرب على التنظيم، وأجهزة استخبارات إقليمية ودولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، التي تشارك بشكل حقيقي في الحرب على الإرهاب في سيناء.

حسن أبو هنية: لا تزال المقاربة لمحاربة التنظيم والتعامل مع ملف شمال سيناء عسكرية أمنية فجة

وقال أبو هنية إنه على الرغم من كل ما سبق، إلا أن التنظيم لا يزال يملك القدرة الكافية لتنفيذ هجماته في المحافظة، مع ضرورة الإشارة إلى أن معدل الهجمات انخفض من 350 عملية سنوياً إلى 50 عملية سنوياً، إلا أن هذا غير كافٍ في ظل القوة العسكرية المستخدمة ضده طيلة السنوات الماضية.

ولفت الخبير في شؤون الجماعات "الجهادية" إلى أن التنظيم تمكن من الحفاظ على هيكلياته التنظيمية في كافة مناطق سيناء، وأعاد ترتيب أوراقه مع القيادة الجديدة التي استلمت زمام الأمور في التنظيم، وتفهم طبيعة البيئة المحيطة به، في حين أن المشكلة الأساسية في سيناء تتعلق بالأسباب الجذرية العميقة، حيث لا تزال مقاربة عسكرية أمنية فجة في التعامل مع ملف سيناء وهو ما يستثمر فيه التنظيم لتجنيد عناصره، ويتمتع بالخبرة في ذلك.

وأوضح أبو هنية أن التكتيكات التي يستخدمها الجيش ضد "ولاية سيناء" ليست كافية ولا فعالة، وهو ما استغله التنظيم للانقضاض على قوات الجيش في كل مرة، وما شجع الكثيرين في سيناء وخارجها للالتحاق به لقتال الجيش.

وبرأيه، فإن ذلك يدل على أن ثمة خللاً كبيراً في استراتيجية مكافحة الإرهاب القائمة في سيناء، طالما لم نر مقاربات في التنمية ومعالجة الأزمات السياسية والاقتصادية، في حين أن التنظيم بقي موجوداً وأعاد هيكلة نفسه ومن المتوقع أن يشن هجمات جديدة.

وأشار الباحث إلى أن الهجوم الأخير هو الهجوم المركب الأول من نوعه منذ سنة ونصف السنة، بعد اعتماد "ولاية سيناء" خلال الفترة الماضية على عمليات حرب الاستنزاف قليلة الكلفة كالعبوات الناسفة وبعض الكمائن. وختم بقوله: "تحتاج أجهزة مكافحة الإرهاب تقنيات استخبارية وأمنية عالية المستوى، وعملاً جوياً دقيقاً، وكلّها أمور لا يمتلكها الجيش المصري بالشكل المطلوب حتى اللحظة، ما دفعه في مراحل عدة للاستعانة بإسرائيل أو بدول أخرى كالولايات المتحدة".